شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م20:24 بتوقيت القدس

إخلاء نادي لصالح توسعة "الأقصى"..

بابٌ جديدٌ يُوصدُ في وجوه "ذوي الإعاقة" بالوسطى

23 مارس 2021 - 12:53

دير البلح:

"هو ليس مجرّد مقر؛ هنا بيتنا الذي نلتقي فيه بأصدقاء الحال والتجربة، نتبادل الأحاديث، وننفض عن قلوبنا الهموم"، قالت سهام أبو عويضة لـ "نوى" بابتسامةٍ بدا جليًا أنها تخفي خلفها مساحاتٍ من الألم، والتساؤلات، والخوف من مجهولٍ ينتظر.

سهام، هي عضو مجلس إدارة الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة في المحافظة الوسطى بقطاع غزة، وهي واحدةٌ من ضمن آلاف، سيتأثرون بقرار وزارة الصحة، إخلاء مقر نادي اتحاد شباب دير البلح، الذي يستضيف فرع الاتحاد العام لذوي الإعاقة بالوسطى، لصالح توسعة مستشفى شهداء الأقصى المجاور للمقر.

المقر  الذي يواجه الإغلاق يخدم نحو 10 آلاف من ذوي وذوات الإعاقة في المحافظة الوسطى

هي تدرك جيدًا ما قد يضعه هذا القرار بشكله الحالي من عقبات أمامهم، فالاتحاد -الذي يتبع منظمة التحرير الفلسطينية- يقدّم العديد من الخدمات لصالح أكثر 10 آلاف مواطن، من ذوي وذوات الإعاقة داخل المحافظة المذكورة، "ولا ندري إن تم إغلاقه، كيف سيكون حالنا؟ ولا كيف سنستمر بتقديم خدماتنا للمستفيدين والمستفيدات منهم؟" تتساءل.

المقر الذي يعد بمثابة نقابةٍ لذوي وذوات الإعاقة –تبعًا لوصف أبو عويضة- يقدم العديد من الخدمات القانونية، وتلك المتعلقة بحقوقهم في الصحة والتعليم، كما يتواصل القائمون عليه مع عدة مؤسسات، لتقديم أدوات مساعدة خاصة بهم، بالإضافة إلى الاتفاق مع الجامعات بخصوص تقديم إعفاءات من الرسوم لبعضهم أيضًا.

وببعض التفصيل، فإن الاتحاد -فرع الوسطى- مُستضاف في نادي شباب دير البلح منذ عام 2009م، إلا أن الاتحاد تلقّى إخطارًا بضرورة إخلاء المقر خلال أسبوع على أبعد تقدير، لتسليمه لوزارة الصحة الفلسطينية، بغرض توسعة المستشفى المذكور، وهو ما عده القائمون على الاتحاد، تجاوزًا لاتفاقٍ سابق، يقضي بتسليم الوزارة للمقر، عند استلام النادي للمقر الجديد، وانتقال الاتحاد معهم.

سهام: الارتباط بالمكان ليس فقط للأعمال المكتبية لقد بات روحيًا بحكم مرور السنين

الأصعب من ذلك، أن المقر الجديد الذي يجري إنشاؤه غير موائم؛ فهو يقع في المنطقة الشرقية من مدينة دير البلح، في شارع ترابيٍ طويل ملئ بالحفر التي تغرق بمياه الأمطار شتاءً، "وهو مُتعِب بالنسبة للأصحاء، فما بالنا بذوات وذوي الإعاقة الذين يتنقلون من خلال أدوات مساعدة؟" تتساءل سهام، مبينةً أنه (المقر) يتكون من طابقين "وهذا أيضًا غير موائم".

الارتباط بالمكان ليس فقط للأعمال المكتبية –وفق سهام- لقد بات روحيًا بحكم مرور السنين، فعلاوة على جلسات التوعية والتثقيف التي يتم عقدها، "هو أيضًا يشكّل بالنسبة لذوي وذوات الإعاقة، ملتقىً ينفضون فيه همومهم، ويخففون عن بعضهم البعض ثقلها.

القريناوي: تم إبلاغ النادي بشكل مفاجئ بقرار الإخلاء خلال أسبوع، خلافًا لما هو متفق عليه

رئيس فرع الاتحاد، عبد الكريم القريناوي، تحدّث لـ "نوى" بمزيدٍ من التفصيل عن إخلال "الصحة" بالاتفاق مع النادي، فقال: "حين حصلت الوزارة على مشروع توسعة مستشفى شهداء الأقصى، اتفقت مع النادي على إخلاء المقر، ونقله لوزارة الصحة عند انتهاء بناء المبنى الجديد دون تحديد موعد، لكن تم إبلاغ النادي بشكل مفاجئ بقرار الإخلاء خلال أسبوع، خلافًا لما هو متفق عليه".

وللأزمة هنا طرفان –تبعًا للقريناوي- الأول هو وزارة الصحة، التي طلبت الإخلاء قبل إتمام المبنى الجديد، والثاني هو نادي شباب دير البلح نفسه، الذي أقام مبناه الجديد في مكان غير موائم وبأسس عمرانية غير موائمة أيضًا.

يكمل: "لكم أن تتخيلوا عدد المتضررين من هذا الواقع الجديد، لا مقر ولا خدمات لكثيرين ممن لن يكون بمقدورهم الانتقال، والاستفادة من المقر الجديد".

ويعمل الاتحاد، كما يؤكد أمين سره ناجي ناجي، على متابعة حقوق ذوي وذوات الإعاقة عندما يتعرضون لانتهاكات، "ناهيكم عن متابعة قضايا التقارير الطبية التي تخصهم، والإعفاءات، والأطفال داخل مدارسهم، والإعفاءات الجامعية، والسعي لتطبيق القانون الفلسطيني رقم 4 لعام 1999 الخاص بهم، والاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وغير ذلك من المهام التي تهدف إلى تسهيل أمور حياتهم، ودعم اندماجهم داخل المجتمع".

ناجي: من شأن إغلاق المقر القضاء على هذه الخدمات التي تمسّ هذه الشريحة

وهنا، فإن من شأن إغلاق المقر (والحديث لناجي) أولًا: القضاء على هذه الخدمات التي تمسّ هذه الشريحة بشكل مباشر، وثانيًا: إغلاق بابٍ يجمعهم في لقاءات معنوية تساعدهم على البوح والتفريغ والاندماج ونسج الصداقات"، ملفتًا إلى أنها المؤسسة الوحيدة التي يديرها ذوو وذوات إعاقة، بشكل تطوعي، دون رواتب.

ويسعى الاتحاد منذ سنواتٍ جاهدًا للحصول على مقرٍ دائمٍ له، موائم للفئة المستهدفة، لكن صعوبة الوضع، دفعت القائمين عليه للبقاء كـ"مستضافين".

المشرف الرياضي لنادي اتحاد شباب دير البلح معاذ أبو سليم، أوضح أن مستشفى شهداء الأقصى الذي يخدم أكثر من 240 ألف نسمة في المحافظة الوسطى، بحاجة إلى توسعة ليتمكن من تقديم الخدمة الصحية، وافتتاح أقسامٍ لغسيل الكلى والأورام.

أبو سليم: النادي غلّب المصلحة العامة  وتم الاتفاق مع بلدية دير البلح، ووزارة الصحة، على استبدال أرض بأرض، ومبنى بمبنى، وملعب بملعب

 فالنادي -وفقًا لأبو سليم- غلّب المصلحة العامة بالموافقة، "لكن تم الاتفاق مع بلدية دير البلح، ووزارة الصحة، على استبدال أرض بأرض، ومبنى بمبنى، وملعب بملعب، ومن ثم مغادرة المقر الحالي المقام على ثلاث دونمات، والمستأجر من وزارة الأوقاف بقيمة 5000 دينار سنويًا".

يضيف :"أواخر العام الماضي بدأت البلدية بإنشاء المبنى فعلًا بعد توفير قطعة أرض مناسبة، وسيتم الانتهاء خلال ثلاثة شهور من بنائه، واستلامه رسميًا"، مؤكدًا أنه "غير مناسب لذوي الإعاقة كونه يقع في شارع ترابي طويل".

وعزا أبو سليم مطالبة وزارة الصحة بتسليم المقر قبل الموعد المتفق عليه، إلى خطورة الوضع الوبائي في القطاع، مع تزايد الإصابات بفايروس "كورونا"، وبالتالي لا يمكن ترك الناس تتعرض للخطر. وسبق للنادي –يتابع- تسليم مقراته للوزارة خلال حرب 2014م، في حين استضاف الاتحاد على مدار 12 عامًا، إيمانًا بحق القائمين عليه، والمستفيدين منه، بوجود مكانٍ مناسب يجمعهم، مستدركًا: "نضم أصواتنا إلى أصواتهم في المطالبة بوجود مقر دائم ومناسب وموائم، يَسهُلُ الوصول له، أسوةً بباقي الاتحادات والنقابات".

وبكل الأحوال، فإن إيجاد مقر موائم، يخدم ذوات وذوي الإعاقة في المحافظة الوسطى، أولئك الذين ما زالوا يدفعون ثمن عدم مواءمة الأماكن والمرافق العامة لاحتياجاتهم هو الأهم.. إلى أين ستمضي القضية؟ هذا ما ستكشفه الأيام القليلة القادمة.

كاريكاتـــــير