غزة خاص نوى "منى خضر":
بين ما تبقى من بيت دمرته قذائف وصواريخ الاحتلال (الإسرائيلي) تقف ام احمد سماح ابو سعادة (47 عاما) على ركام شقتها تلملم ما يمكن الاستفادة منه من ملابس وأدوات المنزل، من القصف (الإسرائيلي) الذي استهدف منزل عائلتها في السادس والعشرون من تموز 2014 في قرية خزاعة شرق محافظة خان يونس، و أبقاه مجرد هيكل غير صالح للسكن .
سماح بدا عليها التعب والإجهاد وسيطر الحزن على وجهها تقول لنوى :"لم يتبقى لنا شيئا في المنزل سوى بقايا دمار وأشياء مزقها الرصاص وأخرى حرقتها قذائف الاحتلال التي لم تفرق بين بيت وآخر ولا رجل وامرأة أو طفل، لم نكن لنتوقع كل هذا الحجم من الدمار ولا حتى في أسوء الكوابيس"
وتضيف بحرقة :" كل ما نملك دُمر تحت أنقاض البيت وتلاشى، وتحول إلى بقايا ركام لا يمكن استصلاحه!"
سماح ام لخمسه أطفال أكبرهم عمره (اثني عشر عاما)، وأصغرهم (4 سنوات)، تواصل حديثها لنوى :"خرجنا من بيوتنا بحقائب صغيره تضم الأوراق الثبوتية وبعض ما تبقى معنا من مال، حتى وان سقطنا شهداء يتمكن الإسعاف التعرف علينا".
تصف سماح خروجها من منزلها:"في تمام الثامنة صباحا من 21 تموز، تم إلقاء منشورات من طائرات الاحتلال تطالب السكان بإخلاء المنطقة، لم نعطى المنشور اى اهتمام، وبقينا في بيوتنا وفي تمام الساعة 12 بعد منتصف الليل من نفس اليوم كانت تقريبا في كل دقيقه تسقط علينا في المنطقة 7 قذائف مدفعية، وبعد ذلك تم رش المنطقة بالغاز وتحول لون المكان ابيض لا تستطيع رؤية أطراف أصابعك فقضينا ليلة من أفلام الرعب".
ويتهدج صوتها وتواصل حديثها:"لم أفكر في تلك الليلة سوى بأطفالي وكيف ازرع الاطمئنان في قلوبهم واحتضنت طفلتي الصغيرة ملك (4سنوات) ومسدت على شعرها وقرأت عليها بعض آيات القران، وحاولت العبث بشعر رغد (7اعوام) لطمأنتها، بينما قفز احمد (12عاما) في حضني من الخوف ليحتمي فيه وبجواره انس (10سنوات)، حتى جاء الصباح تجمع كل أهالي المنطقة واتفقنا على الخروج من المكان ووضعنا قواعد للخروج من المكان وزعنا الأطفال فيما بيينا".
وتواصل سماح سرد ما حصل معها:"تجمعنا رجالا ونساءا في اليوم الثاني في تمام الساعة الخامسة مساءا وخرجنا بشكل جماعي اتفقنا قبل خروجنا على أهميه ان لا ننظر لمن يصاب ويجرح ويسقط وان نستمر في طريقنا في محاوله لنجاه اكبر عدد ممكن.. وبدأنا بالركض، تعبنا، واختبائنا خلف الأبواب، وتحت الشبابيك، منا من خرجت بملابس الصلاة ومنا من لم ترتدي في رجلها حذاء، وطلبنا من الشباب ان يتوسطوا النساء لان البعض من رجال القرية تم اعتقالهم ولذلك وجب علينا حماية ما تبقى من شباب القرية".
اخزاعة عاشت اياما من ايام الرعب نتيجة القصف المتواصل وتشير سماح :" بعد خروجنا بالسلامةيوم 21/ 7 من خزاعة، ذهبت مع عائلتي إلى منزل اخي في قريه بنى سهيلا ولم افكر في الذهاب إلى مراكز الإيواء وجلسنا أسبوع في منزل أخي في بني سهيلا وبعد ان تم إنذار وتحذير الأهالي هناك خرجنا مع عائلة أخي وأولاده، بحثنا عن شقق للإيجار لمده يومين ونحن في الشارع دون مأوى، إلى أن وجدنا شقه صغيره تتكون من غرفتين ومطبخ وحمام وكان عدد اسرتى مع اسره اخي (15) فرد، تقاسمنا الغرفتين إلى ان حصلت الهدنة عاد اخى الى بيته ونحن عدنا هنا لنجد هذا الكم من الدمار".
وتتساءل سماح في حديثها لنوى" لا ادري حقا لما كل هذا الدمار ولما هدموا بيوتنا فمعظما لبيوت التي تم هدمها هي بيوت لناس مدنيين ولا علاقة لهم بالمقاومة من قريب او بعيد؟".
ويقف طاقم نوى مع سماح في غرفه تساقطت جدرانها في الطابق الثالث من منزلها الذي بات كالهيكل العظمي وتشير لنا بأصابعها إلى المنطقة حولها قائله بصوت مخنوق"هذه المنطقة عرفت بمبانيها المميزة، والإمكان الزراعية الواسعة، والبعد عن ضجة المدينة، وجمال شوارعها، ولكن الان ننظر اليها فلا نجد سوى دمار وركام".
تقع خزاعة إلى الشرق من مدينة خان يونس، وتحاذي حدود الفصل الشرقية، وتبلغ مساحة البلدة حوالي (4000 دونم)، في حين يبلغ عدد سكانها حوالي (9311) نسمة يتوزعون على أربع عائلات رئيسة ، هي : قديح ، النجار ، أبو ريدة ، والقرا. وتعد نسبة اللاجئين النسبة الأكبر من السكان