شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاربعاء 24 سبتمبر 2025م22:29 بتوقيت القدس

أطفال غزة.. وجوهٌ مختلفة لكارثة اسمها: المجاعة!

23 سبتمبر 2025 - 07:55

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

في غزة، لا يُقاس الجوع بعدد الوجبات الناقصة فحسب، بل يُقاس بصرخات الأمهات التي تخترق الشاشات، وبأنين الأطفال في المستشفيات. أطفالٌ بملامح شاحبة وقلوب صغيرة تقاتل من أجل البقاء، بعضهم يجلس على حافة الموت ببطن خاوية، ينتظر علبة حليب أو كسرة خبز قد تبقيه حيًا. لكن حتى تلك اللقمة كثيرًا ما ترفضها أجساد أنهكها الانقطاع الطويل عن الغذاء.

هنا، حيث الحرب إبادة متواصلة ومطحنة موت لا تتوقف، تختلف المسميات لكن تبقى النتيجة واحدة: طفولة تُمحى.

زمنٌ غريب صار فيه الاهتمام بالحياة مرتبطًا بمدى انتشار المأساة على الشاشات، لا بعمقها على الأرض.

وسط هذا المشهد، تبكي الأمهات أطفالهن وتناشدن ليل نهار، يركضن خلف الصحفيين لتوثيق معاناتهن، لعلّ قصصهن تتحوّل إلى "تريند" يلتفت إليه العالم، فيحظى أطفالهن بفرصة علاج خارج الحصار. زمنٌ غريب صار فيه الاهتمام بالحياة مرتبطًا بمدى انتشار المأساة على الشاشات، لا بعمقها على الأرض.

من بين تلك الوجوه الصغيرة، تبرز مأساة الطفلة مريم أبو مصطفى، عام وسبعة أشهر. تعاني سوء تغذية حاد، وإعاقة دماغية أصابتها بعد ارتفاع مفاجئ في الحرارة وهي بعمر ستة أشهر، ما أدى إلى ضمور في الدماغ وتشنجات عصبية معقدة.

تخبرنا أمها أن طفلتها تواجه ارتفاعًا مستمرًا في الحرارة وضعفًا شديدًا في المناعة، إضافة إلى مشاكل خطيرة في الدم، وجفاف حاد، والتهابات صدرية جعلت وضعها الصحي بالغ الخطورة.

يحذر الأطباء من تدهور حالتها في أي لحظة، وسط انعدام الإمكانيات الطبية والأدوية اللازمة داخل القطاع، وكذلك الغذاء المناسب الذي بات مفقودًا بفعل سياسة التجويع التي يفرضها الاحتلال. تناشد الأم بصوت متقطع: "طفلتي بحاجة عاجلة للعلاج في الخارج، وكل دقيقة تأخير قد تعني فقدانها الحياة. أنقذوا مريم قبل فوات الأوان".

"طفلتي بحاجة عاجلة للعلاج في الخارج، وكل دقيقة تأخير قد تعني فقدانها الحياة. أنقذوا مريم قبل فوات الأوان".

الطفلة الثانية، ماسة بربخ، بعمر عام ونصف، تحولت إلى هيكل عظمي حي بعدما التهم سوء التغذية جسدها الصغير حتى برز قفصها الصدري، وفقدت كل نسيج لحمي وعضلي.

تقول أمها: "إن قدميها تنتفخان بسبب تجمع السوائل الناتج عن نقص البروتين والسعرات الحرارية"، وتضيف بحسرة: "كان من المفترض أن تزن 12 كيلوجرامًا، لكنها اليوم لا تتجاوز 7 كيلوجرامات فقط".

"إن قدميها تنتفخان بسبب تجمع السوائل الناتج عن نقص البروتين والسعرات الحرارية (..) كان من المفترض أن تزن 12 كيلوجرامًا، لكنها اليوم لا تتجاوز 7 كيلوجرامات فقط".

ولدت ماسة –وفق رواية الأم– سليمة بلا أمراض، لكن حرمانها من الحليب والغذاء اللازم لرضاعتها، ومعاناة والدتها نفسها من سوء التغذية، سرق منها الطفولة وتركها رهينة الجوع والموت البطيء في مستشفيات متهالكة.

أما الطفل الثالث، علي أبو عاذرة، بعمر عام ونصف، فيحمل جسده مأساة أخرى. يعاني سوء تغذية حاد، وتأخر في النمو، وزنه لا يتجاوز ثلاثة كيلوجرامات فقط، بينما الوزن الطبيعي لعمره يقارب عشرة كيلوجرامات. تؤكد والدته أن جسده الهزيل يفقد الكالسيوم شيئًا فشيئًا، ويعاني التهابات متكررة وارتفاعًا مستمرًا في الحرارة.

يحذر الأطباء أن حياته مهددة في أي لحظة، وأن إنقاذه يتطلب سفرًا عاجلًا للعلاج خارج القطاع قبل أن يتحول وداعه إلى حقيقة دامية.

ثلاثة وجوه صغيرة ليست إلا صورة مصغرة لآلاف الأطفال الذين يعانون ظروفًا مشابهة في غزة. ووفق تقارير الأمم المتحدة، هناك أكثر من 43 ألف طفل دون سن الخامسة يواجهون سوء التغذية الحاد، فيما سجّل شهر أغسطس وحده 185 وفاة بينهم 15 طفلًا، وهو الرقم الأعلى منذ إعلان غزة منطقة مجاعة. وجوه مختلفة لكارثة واحدة، اسمها ببساطة: المجاعة.

كاريكاتـــــير