شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025م03:31 بتوقيت القدس

تخوض وحدها معركة "البقاء" في ظل فقدان السند..

مأساةٌ على قارعة طريق.. أرملةٌ وأمٌ لذوي إعاقة!

29 يوليو 2025 - 12:40
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

في خيمة مصنوعة من القماش الممزق، وعلى قارعة أحد الشوارع المكتظة بالنازحين، في حي النصر بمدينة غزة، تجلس فاطمة المصري.

أرملة فلسطينية تبلغ من العمر (47 عامًا)، تعيش وسط ستة أبناء، ثلاثة منهم من ذوي الإعاقة! تكابد وحدها حزن الفقد، فقد السند والمعيل، زوجها تيسير، وابنها البكر (أول الفرحة) "عيسى".

هنا، تحت سماء ملبّدةٍ بغيوم الحرب، تتجسّد المأساة بجلاء: فقدان المعيل، ومسؤولية عن "أطفال جياع ومرضى" تحت النار، وخوض معارك جانبية كثيرة، من أجل البقاء.

كانت فاطمة تسكن مع عائلتها في شارع المصري ببلدة بيت حانون الحدودية شمالي قطاع غزة، حين دارت رحى الحرب في السابع من تشرين أول/ أكتوبر 2023م. منذ ذلك اليوم، انقلبت حياتها رأسًا على عقب بعد أن تركت بيتها، وعانت ويلات النزوح، ثم استُشهد زوجها وابنها البكر بقصف مباشر دمّر منزلًا في حي الصفطاوي شمال مدينة غزة.

عاشت العائلة نزوحًا متكررًا: من بيت حانون إلى جباليا، ثم إلى الشيخ زايد، ثم مدرسة في مخيم الشاطئ، وأخيرًا حي الصفطاوي.

النزوح مع أطفال يعانون من ضمور دماغي ووضع صحي هشّ جعل كل تحرك أشبه بمعركة. "كنت أحمل أحدهم، وأُمسك بآخر، بينما الجوع ينهش أجسادنا الهزيلة".

النزوح مع أطفال يعانون من ضمور دماغي ووضع صحي هشّ جعل كل تحرك أشبه بمعركة. "كنت أحمل أحدهم، وأُمسك بآخر، بينما الجوع ينهش أجسادنا الهزيلة"، تقول فاطمة في وصف رحلتها المضنية.

ومع اشتداد القصف في التاسع من أكتوبر 2024م، خرج زوجها وابنها مع جيران لاستكشاف ما تبقى من الحي. كانت تحاول إيقافهما: "القصف شديد، ارجعوا!" لكنهما لم يسمعا صوتها. اللحظة التالية كانت انفجارًا مدوّيًا.

تخبرنا: "عندما صعدت لرؤية ما حصل، وجدت الجثث متناثرة وأشلاء زوجي وابني متفرقة في نفس المكان". جمعت فاطمة جثث الشهداء وغطّت وجوههم خشية أن تنهشها الكلاب الضالة. لم تستطع أن تفعل شيئًا في ظل وجود جنود بالقرب من المكان.

بعد أيام، اقتحمت قوات الاحتلال المنزل. أجبرت النساء والأطفال على المغادرة، وتركوا جريحًا عاجزًا عن الخطو، سُجن بداخل الركام.

وتضيف: "أثناء نزوحنا نحو مدرسة الشاطئ، تُركت مع أبنائي أيامًا في حالة جوع وإرهاق، وتعرضت للضرب من قبل جندي إسرائيلي بمسدسه على ظهري بعدما سقطت أرضًا. وحين صرخت في وجهه، هددني بالموت".

مع هدنة يناير 2025م، عادت فاطمة إلى بيت حانون لترميم ما تبقّى من روحها وحياة أطفالها المدمرة، لكن الاستقرار لم يدم طويلًا. لقد أُجبرت على النزوح مرة أخرى مع تجدد التصعيد في آذار/ مارس الماضي.

اليوم، تقيم هي وأطفالها في خيمة على الرصيف، محرومة تمامًا من الحليب، والحفاضات، والرعاية الصحية، والرعاية النفسية. تقول بحرقة وصوتٍ بالكاد يسند نفسه: "أعيش على الأمل وحده.. أحمل عبء الإعاقة والفقد وحدي، مثل آلاف النساء اللواتي تحوّلن إلى مسؤولات عن أسر منهكة".

كاريكاتـــــير