شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 06 اكتوبر 2025م10:27 بتوقيت القدس

إعدام طفلٍ وحامل.. شهاداتٌ "حيّة" على مجازر الشمال

07 يناير 2024 - 16:21

شبكة نوى، فلسطينيات:  دعاء شاهين – نوى

من بين حكايا الموت والدم والبكاء، خرجت شهادات من كُتب لهم البقاء في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة "حيةً تُرزق"، بعد مجازر حقيقية ارتُكبت بحقِّ أهلها هناك.

لدينا هنا وردة سلمان (33 عامًا)، التي كانت محاصرةً برفقة عددٍ كبيرٍ من العائلات في منطقة الفالوجا، تقول: "إطلاق الرصاص حول المنزل كان كالمطر، لم نجرؤ على الوقوف طوال أسبوع، كنا ننتقل من غرفة إلى غرفة زحفًا حتى لا يرانا القناص الإسرائيلي التي يطلق النار على كل هدفٍ يتحرك".

استمرت وردة وعائلتها محاصرين بين النار لأسبوع. كانوا يعتاشون على الخبز اليابس المبلل بالماء ليبقيهم على قيد الحياة. لقد حُرموا حتى من وصول الحمام، بينما كانوا ينامون جالسين في غرفةٍ واحدة "قرابة ٢٠ فردًا يرتجفون من الخوف، يواجهون الموت كل لحظة".

لقد أحرق جنود الاحتلال أشجار النخيل والعنب التي زرعها جد وردة قبل أكثر من 20 عامًا. تخبرنا وردة: "جدي من اختار اسمي، كان يحب زراعة الورد كثيرًا".

تضيف: "طوال أيام الاجتياح البري، كان الجنود يصرخون بالعبرية وينادون علينا كي نخرج، لكننا لم نستجب. بقينا في أماكننا ولم نُصدر أي حركة أو صوت. كنا نتحدث بلغة الإشارة حتى لا يسمعوننا، ولطالما جربوا أن يشعرونا بأننا سنكون بأمانٍ أكثر لو خرجنا لكننا لم نتجاوب معهم، فنحن نعلم أنهم مخادعون، وأنهم يريدون قتلنا فورًا".

هنا، بدأ الجيش مرحلة الإجبار، فأطلق قذائفه تجاه البيت بشكلٍ مباشر. أصيبت شقيقة وردة الصغرى أحلام (8 سنوات) بشظايا في القدم، ولم يتمكنوا من إسعافها، وقد بقيت تنزل لساعاتٍ طويلة، في حين قصّت والدتها قطعة قماش وربطتها عليها لمنع النزف حتى التهبت قدمها، وأصيبت بقيحٍ وتورّم. تعقب: "من شدة الألم غابت عن الوعي حتى اعتقدنا أنها استُشهدت، وبعد انسحاب الاحتلال من المنطقة، نقلها والدي للمشفى فقرروا بتر قدمها"0

عائلة الشابة ولاء ياسر (25 عامًا) أيضًا، رفضت الخروج من منزلها في مشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة. صمدوا هناك برفقة العائلات التي نزحت إلى بيتهم من مناطق بيت حانون، ومن بينهم عائلة شقيقتها الكبرى آلاء، وأولادها الثلاثة وأكبرهم رامي (16 عامًا) الذي أعدمه الاحتلال بدمٍ بارد، يرفضون النزوح حيث لا مكان لهم، ولا أحد يعرفونه في مناطق جنوب الوادي (الوجهة التي طلبت إسرائيل إخلاء السكان إليها).

عن ما حدث معهم تقول بانفعال: "اللي صار معنا هد حيلنا، احنا مدنيين، تعرضنا لمجزرة بشعة كثير، وكل ذنبنا إنه بقينا في بيتنا".

وتشرح: "ألقوا علينا قنابل الغاز والفوسفور المحرمة دوليًا، واستهدفوا البيت بقذائف المدفعية. عندما أيقنوا أننا لن نخرج، اقتحموا المنزل. كانت عائلتي المكونة من ١٠ افراد، شقيقتي النازحة وأولادها وأشقائي الأربعة وأبي وأمي مجتمعين في غرفة واحدة، فطلبوا من الرجال الخروج إلى الشارع عراةً، ونكّلوا بهم، ثم أغلقوا المنزل على النساء. أما شقيقتي فأخذوها هي وأولادها إلى غرفة ثانية".

تكمل وصوتها يجهش بالبكاء: "قتلوا أبن اختي رامي أمام عين أمه. لا نعرف ماحدث معهم لكننا سمعنا صوت إطلاق نار، وصراخ شقيقتي لكن لم يجرؤ أحد على الخروج من الغرفة لمعرفة ما حدث، أو محاولة إنقاذها. كنا عاجزين تمامًا".

ظلت شقيقة ولاء مع ابنها الذي قتله جنود الاحتلال لساعات، ومن هول الصدمة فقدت القدرة على الحديث، بينما أخذ الجنود أشقاءها عراة لمنطقة مجهولة، لايعرفون مصير أحدٍ منهم، وبعد ساعاتٍ طويلة انسحب جنود الاحتلال حتى قامت ولاء بمناداة أحد الجيران لدفن رامي الذي أخذ قلب والدته ورحل.

وفي ساحة مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع كان سامر حسن (40 عامًا). الذي شهد على إطلاق أحد جنود الاحتلال نيران قناصه صوب سيدةٍ حامل كانت تحمل شارةً بيضاء، متوجهة للولادة في المشفى، وأعدمها بدم بارد.

ونقلًا عن أطباء وعاملين في مستشفى كمال عدوان، فقد أكدوا ارتكاب الاحتلال مجزرةً هناك، حيث سحقت الجرافات جثث المرضى والشهداء الفلسطينيين، وسمح الجنود لكلابهم بالهجوم على رجلٍ مقعد، كما أطلقوا النار على الأطباء بالمستشفى، وفق تحقيق شبكة "سي إن إن".

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير