شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 03 مايو 2024م07:43 بتوقيت القدس

"البطالة الدائمة".. وحكايات "عجز" يرويها متقاعدون

04 سبتمبر 2023 - 14:24

غزة :

يقفُ حائرًا لا يدري ما يفعل إزاء حجم متطلبات الأسرة المتراكمة. إنه اليوم عاطلٌ عن العمل "حرفيًا" بعدما بلغ سن الستين، وانتهت فرصة عمله على بند "البطالة الدائمة" في وزارة الزراعة.

محمود عيسى صار بلا أي مصدر دخلٍ يعتاش منه، بعد 28 عامًا من توظيفه في عام 1995م، خلال عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، حيث قُطع راتبه، وحُرم من كافة حقوقه العمالية، تبعًا للبند المذكور.

منذ حوالي 7 أشهر لم يدخل في جيب عيسى أي مبلغٍ مالي، حتى تراكمت عليه الديون. يقول: "هذا ظلم كبير. أن نصل إلى عمر 60 عامًا، وتقف رواتبنا. من المفترض أن تولي الدولة الاهتمام والرعاية لكبار السن، لا أن تتركهم يعانون الحرمان والإهانة"، مناشدًا كافة الجهات الرسمية، ومؤسسات حقوق الإنسان لتساعده في الحصول على أتعابه التي يقول إن قيمتها تصل إلى (25 ألف شيكل" بحسب ورقةٍ موقعة من وزارة العمل.

الواقع الذي يحياه عيسى، هو واقعٌ يشترك في تفاصيله نحو 1100 عاملٍ فلسطيني، يعيشون جميعًا أوضاعًا مأساوية، بعدما أحيلوا للتقاعد من أعمالهم على بند البطالة الدائمة.

يقول بسام منصور الذي تقاعد قبل عامين، وكان يعمل في وزارة العدل: "حصلتُ من الوزارة على ورقة تثبت  أنني كنتُ أعمل لديهم، وأرسلتُ الأوراق المطلوبة  عبر البريد السريع إلى  وزارة العدل في رام الله"،  مشيرًا إلى أنه حاول التواصل من خلال محامٍ يعمل في الوزارة، كي يحصل على حقوقه العمالية، "وبعد عدة محاولات أُبلغ بأنه سيحصل على أتعاب عمله، عن السنوات منذ بداية عام 2006 فقط"، علمًا أنه  يعمل  في الوزارة منذ عام 1993م.

بموجب هذا القرار فقد منصور أتعاب 15 عامًا، تحت ذريعة عدم وجود رقم وظيفي، وأنه يعمل  تحت مسمى البطالة الدائمة، قائلًا: "إنهم يتنصلون من حقوقنا. واقعنا صعب للغاية، من حقنا أن نستلم مستحقات تؤهلنا لنبدأ حياةً كريمة بعد انتهاء فترة توظيفنا، لا أن نتحول إلى متسولين".

ويرجع ملف البطالة الدائمة، إلى نحو 28 عامًا، قبل نشأة السلطة الفلسطينية في عام 1993م، حيث تم توظيف أشخاص في الوزارات المختلفة براتب شهري، خضع للخصومات عام 2018م، و2019م، و2020م.

ورغم عملهم في الوزارات المختلفة (الزراعة - والأشغال العامة –والمواصلات العامة – والسياحة والآثار– والشؤون المدنية – وسلطة الاراضي) على مدار الأعوام الماضية، إلا أن السلطة لم تعتمدهم كموظفين رسميين، مما شكل خطرًا كبيرًا على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.

ووفقًا للقانون الفلسطيني، فإن أي موظف من موظفي البطالة الدائمة يتجاوز عمره الـ 60 عامًا؛ يفقد حقّه في التأمين والمعاشات، ويفقد حقه أيضًا في زيادة راتبه، وحماية أسرته في المستقبل.

هذا ما أكده المحامي في مركز الديمقراطية وحقوق العاملين علي الجرجاوي، الذس أشار إلى أن الراتب الذي كان يتقاضاه الموظفون على هذا البند "مقطوع" تصل قيمته إلى 990 شيكلًا شهريًا، تحت بند "البطالة الدائمة".

وقال: "هذا المسمى غير مدرج في قانون العمل، وهو مصطلح كان هدفه التهرب في حينه من قبل ما كان يسمى بالإدارة المدنية الإسرائيلية من توظيف العمال وتثبيتهم، وتحت قاعدة حرمانهم من المستحقات والتأمين والمعاشات".

ويضيف: "عندما تولت السلطة الفلسطينية الحكم، أبقت الملف على ما هو عليه، بل زادت عدد العمال عن السابق، بتوظيف أعداد جديدة بسبب حاجة الحكومة إلى أيدٍ عاملة".

وفي عام 2005م -وفق الجرجاوي- صدر القرار رقم (135) الذي ينص على أن العاملين على بند البطالة الدائمة في المؤسسات الحكومية، يطبق عليهم قانون العمل رقم (7) لسنة 2000م.  بمعنى أنهم لا يعدوا موظفين، لكن يطبق عليهم قانون العمل، مردفًا بالقول: "العديد من العمال  حاولوا أن يحصلوا على كتب تعين، وهناك من  تمكن من ذلك، لكن الباقين استمر وضعهم على ما هو عليه".

ويواصل حديثه: "بعد الانقسام الفلسطيني طُلب منهم أن لا يلتحقوا بعملهم حالهم حال موظفي السلطة في ذلك الحين، مع استمرارية  صرف رواتبهم كاملة، بعد ذلك توجه جزء منهم إلى الحكومة في قطاع غزة لإنصافهم، واسترداد حقوقهم، فكان الرد أننا لم نتعاقد معكم، وأنتم تتبعون للسلطة الفلسطينية وهي المسؤولة عن مستحقاتكم القانونية".

يتابع: "هناك  جزء من العمال قطعت رواتبهم دون سبب، إضافة إلى أن جزءًا كبيرًا منهم وصل إلى سن التقاعد وبموجب ذلك انقطعت رواتبهم بشكلٍ تلقائي  دون أي إشعار، أو دفع أي حقوق عمالية"، موكدًا أنه يوميًا يتم قطع راتب اثنين من العمال، علمًا أنه يخصم من أجورهم للتأمين الصحي، وعندما طالت العقوبات موظفي السلطة طالتهم نفس العقوبات".  

ويزيد: "هناك الكثير منهم وصل إلى سن التقاعد ولم يعلم إلى أين يذهب،  خاصة أنه محروم من الحقوق العمالية وانقطع عنه التأمين الصحي، وعندما توجه إلى الشؤون الاجتماعية حتى يحصل على مساعدات، يُرفض لأنه  حسب قواعد البيانات مسجل أنه موظف".

بدوره يقول الناطق باسم لجنة موظفي البطالة الدائمة  بكر المغاري: "شُكلت هذه اللجنة في شهر مارس  2005م للمطالبة بتثبيت موظفي  البطالة الدائمة  بدل الشواغر في الوزارت، وبالفعل صدر قرار التثبيت في عام 2005م من قبل مجلس الوزراء، ولكن لم يتم تنفيذه"، وعاد وصدر القرار بنفس صيغة القرار السابق في عام 2016".

يتابع: "في 2012م صدر قرار من مجلس الوزراء ووزير العمل آنذاك،  أن من يبلغ  60 عامًا من موظفي البطالة الدائمة يقف راتبه، ويأخذ مستحقات شهر عن كل سنة من  سنوات الخدمة منذ بداية عام 2006م، وليس منذ بداية عمله  في عام  1993م".

يؤكد المغاري أن هذا  القرار الذي صدر  في عام 2012 ظالم، "فكان كل عامل عندما  يراجع وزارته يُعطى كتابًا فيه مستحقاته منذ عام 2006م، ومكتوب في الورقة الصادرة عن الوزارة عبارة تقول: يحق لك المطالبة في السنوات قبل عام 2006م، إذا كان لديك  أوراق قانونية تثبت ذلك، مبينًا أن هذا الشرط مبهم وغير واضح المقصد منه.

طالب  المغاري بإلغاء هذا القرار، وتغييره، مؤكدًا أنهم في اللجنة ما زالوا يراسلون مجلس الوزراء، ومكتب الرئيس، من أجل  إلغاء هذا القرار المجحف بحق عمال البطالة الدائمة، علمًا بأن عدد العمال الذين حرموا من حقوقهم العمالية وصل إلى 1100عامل ، وجميعهم أوضاعهم المعيشية مأساوية .

كاريكاتـــــير