قطاع غزة:
في فلسطين، للتكافل صور لا تعد. يشدّ الناس بعضهم لمواجهة ويلات الاحتلال المستمرة من بينها حصار غزة الممتد منذ 17 عاما، فتأتي هذه المرّة على هيئة "مسامحة" تمثلت بتمزيق دفاتر الديون من قبل أصحاب المحلات التجارية وحرقها، رأفة بالمديونين الواقعين تحت خط الفقر بنسبة تجاوزت الـ60بالمئة، وفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
"لا أريد أن يشعر أي إنسان بغصة في قلبه لعدم قدرته على سداد الدين" كلمات كان أثرها عظيم، افتتحت فيها حملة "#سامح_تؤجر" بلسان بائع الفواكه رجب نصير الذي أخذ يمزق دفتر ديون على الناس بقيمة 7000 شيكل.
يقول الرجل إنه شعر براحة نفسية عند أولى خطواته بهذه المبادرة، قال لأحدهم حين أتى لسداد دينه إنه لا يريد شيئا فقد سامحه، لم يصدّق الآخر، فراح يحرق الدفتر أمام عينيه ولم يتوقع انتشار مقطع الفيديو الذي التقطه أحد الشاهدين وحظي بتداول الآلاف عبر مواقع التواصل.
وتعد الحملة امتداد لأولى أطلقت عام 2018، لإسقاط الديون وسدادها من قبل مقتدرين للتخفيف من أعباء الحياة ومستلزماتها في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر على سكان القطاع.
في السياق، يتحدث مجد الحويحي وهو ناشط مجتمعي في بيت حانون، بأن فور انتشار مقطع نصير، هبّ أهالي بلدته الواقعة شمالي القطاع إلى التنازل عن كمبيالات بمبالغ كبيرة سجلت على بعض الأسر المستورة، كذلك بادر بعض أصحاب المحال التجارية والصيدليات بمسامحة الكثير من العائلات مع رفضهم الظهور إعلاميًا، بل الاكتفاء بإخبارهم وجهًا لوجه.
ولم تنته صور التكافل إلى هنا، بل سعى أهالي البلدة بحسب الحويحي إلى فك سجن عدد من الغارمين والمساهمة بإطلاق سراحهم بسداد ذمم مالية سجنوا على إثرها، للتخفيف عنهم وعن أسرهم وتطبيق أهداف الحملة.
للفكرة ذاتها، قام التاجر علاء أبو طير بتمزيق دفتر ديون بلغت قيمته 18 ألف شيكل عن 72 مدين للمحل، فأعلن مسامحتهم على الملأ مؤكدًا "رغم التزاماتي المادية الصعبة أصر على المشاركة بالحملة الخيري رفقًا بالمطحونين تحت الاحتلال وحصاره الممتد منذ سنوات".
يرى الناس أن حملات المسامحة الفردية أو الشعبية تعزز التكافل الاجتماعي، وتدعم قلوبهم المحاطة باليأس والضعف جراء الأوضاع الاقتصادية وعدم توفر فرص عمل تثقل هموم أكثر من مليوني إنسان يعيشون في القطاع.
