شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 27 ابريل 2024م22:26 بتوقيت القدس

يصلح الأجهزة منذ ثلاثة عقود..

في دكان العم "مصطفى".. "لكل مشكلة حل"!

05 اعسطس 2023 - 19:53

غزة:

داخل دكانه الصغير المزدحم بالأجهزة الكهربائية القديمة والمستعملة، في أحد أزقة مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، ينشغل الحاج مصطفى عبده في تفكيك ماتور خلاط قديم.

في هذا المخيم المتكدس بأهله ممن يعانون مرّ الحياة وضيق البيوت، من الطبيعي أن ترى يوميًا الكثير ممن يحملون أجهزتهم المتعطلة "تلفزيون، أو مروحة، أو خلاط، أو مكنسة حتى"، ويسألون المارة عن "دكان العم مصطفى"، صاحب اليقين بأن "لكل مشكلة حل".

على مدِّ عمره الطويل، فكك الرجل السبعيني محتويا مئات الأجهزة، وكان يسابق الوقت كي يصلحها في أسرع وقتٍ ممكن، فهو يدرك تمامًا احتياجات بيوت المخيم، ويعرف أن أي عطل يصيب أي جهازٍ فيها، يعني أن الحياة كلها أصيبت بالعطب.

يستعجله رجل جاء توًّا لزيارته "الحر شديد يا عم مصطفى ولا يوجد إلا مروحة واحدة للبيت كله، يا ريت تصلحها بسرعة". يمضي مسرعًا إلى دوامه، مرددًا تكرارًا حتى اختفى عن النظر: "الله يسعدك، بدي آخذها وأنا مروح. علشان الصغار".

بدأ الحاج عبدو بتصليح الأجهزة الكهربائية منذ 30 عامًا، "وهذه المهنة تساعد محدودي الدخل والفقراء، الذين لا طاقة لهم بشراء أجهزة جديدة" يقول، مشيرًا إلى أن الأجهزة التي يصلحها غالبًا تكون أجهزة منزلية بسيطة "كالمراوح والتلفزيونات الحديثة وكذلك التي عفى عليها الزمان، وهذه تحديدًا تحتاج إلى خبرة كبيرة".

يضيف عبدو: "تعلمت المهنة عن طريق صديق لي كان يعمل في هذا المجال، راقبتُه جيدًا لمدةٍ طويلة حتى أتقنتُها، وبعدما عملت بها أصبح لديّ خبرة بمرور الوقت، وهنا يصفني الناس بأنني مصلح شاطر".

اكتسب الحاج خبرة طويلة في عمله، وشهرة عظيمة جعلته مقصد معظم الناس في المخيم وخارجه أيضًا، ويجزم الرجل السبعيني أن العمل "حياة" للإنسان، "وما دام المرء يمتلك الصحة، فيجب أن يستمر".

ويعقب: "لا أعترف بشيء اسمه التقاعد، وألوم على من لا يمارسون عملًا بعد سنٍ معينة، فالأصل أن يسعى الإنسان لتقديم خدمة تفيد المجتمع وخاصة الفقراء"، متابعًا: "تصليح عطل المروحة يمكن أن يكلف صاحبها بين 10 و15 شيكلًا، بينما يكلّف شراء المروحة الجديدة 100 شيكل كحدٍ أدنى، وهو مبلغٌ كبيرٌ بالنسبة للكثير من الناس، خاصةً أن الغالبية العظمى في قطاع غزة مصنفون تحت خط الفقر.

وبينما تشتد درجات الحرارة صيفًا، تصبح المرواح ذات أهمية قصوى للمواطنين، خاصة تلك التي تعمل باستخدام البطارية الخارجية التي يتم شحنها أثناء وجود كهرباء، نتيجة الانقطاع المستمر، حيث العمل ما زال متواصلًا وفق جدول 8 ساعات وصل ومثلها قطع. "وهذا يجعلها معرضةً للأعطال" يردف.

يبدأ مصطفى دوامه تمام العاشرة صباحًا، ويغلق دكانه تمام العاشرة مساءً. ويقول: "أحاول خلال هذا الوقت إعادة بعض القطع للحياة من جديد. يفرح أصحاب الأجهزة المتعطلة عندما يرونها تعمل ثانيةً، ويزفرون زفرة ارتياح بعد أن اطمأنوا لكونهم لن يدفعوا مليمًا لقاء جهازٍ جديد".

ويوفر الحاج مصطفى، القطع الجديدة التي تحتاجها الأجهزة من أجل إتمام عملية التصليح، من محل بيع المعدّات الكهربائية، ويحاول المفاضلة بينها من حيث المصنعية والقدرة على التحمل أكثر، ويختار الأفضل لزبائنه و"هذا يفسر وجود زبائن لي من خارج المخيم، إذ يدلهم أهل المخيم علي لتعاملي الجيد ودقة عملي" يزيد.

ويؤمن الرجل السبعيني أن هذه المهنة يجب أن تستمر، ولهذا يعمل على تدريب غيره. عن ذلك يكمل: "يعمل معي صبيّ يتدرب في هذا المجال".

ويذكر أنه أنهي مرحلة الثانوية العامة عام 1960م، مشددًا على أن مهنة تصليح الأجهزة الكهربائية هي أقرب لهندسة الإلكترونيات، وتحتاج إلى مهارةٍ وتعليمٍ وتدريب، بل ومعرفة معقولة باللغة الإنجليزية، "لأن قطع الغيار التي أستخدمها كلها مكتوبٌ عليها بهذه اللغة".

ويعيش في قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 365 كيلو مترًا مربعًا أكثر من مليونَي مواطن، يعانون منذ 17 عامًا من الحصار الإسرائيلي الذي فاقم ظاهرتي الفقر والبطالة، ما جعل قدرة الناس على الإنفاق من أجل توفير أجهزة جديدة صعبة جدًا.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير