شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 30 ابريل 2024م21:04 بتوقيت القدس

بعد عامين دون تشغيل..

لماذا أزيلت خيام "المشفى الأمريكي" على حدود غزة؟

10 ابريل 2022 - 12:18

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

بعد أعوامٍ من إنشائه دون تشغيل، قررت إدارة المستشفى الميداني الأميركي في قطاع غزة، إنهاء عمله. أُزيلت الخيام والمعدّات، ونُقلت إلى داخل دولة الاحتلال عبر حاجز بيت حانون (إيريز) شمالي القطاع .

بدأت حكاية هذه المشفى عام 2019م، عندما كشف السفير محمد العمادي، رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة، خلال مؤتمر له بتاريخ 14/5/ من العام المذكور، إقامة مستشفى أميركي على الحدود الشمالية لقطاع غزة، بالقرب من حاجز بيت حانون "إيرز" الإسرائيلي، ضمن الحديث عن تفاهمات التهدئة بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ودولة الاحتلال الإسرائيلي.

بعد الإعلان، بدأت منظمة "سفن الصداقة" الأميركية بإنشاء المستشفى على الأرض في تشرين الأول/أكتوبر 2019م، من خلال تجهيزات متنقلة وليست ثابتة، وصلت من الجولان السوري المحتل، حيث كان المستشفى يعمل هناك، ويخدم قوات المقاتلين ضد النظام في سوريا.

وفي الخطة التي أُعلن عنها فيما يتعلق بآلية عمل المشفى، فقد كان يفترض أن تقام على مساحة 40 دونمًا، وأن تشغل قرابة 250 طبيبًا في 17 تخصصًا، بقدرة علاجية تصل إلى 500 حالة يوميًا.

خلق إنشاء المشفى حالةً من الجدل تتعلق بدوافع وجودها في الساحة السياسية الفلسطينية، وطبيعة عملها،  بين إدارة المشفى وقيادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وهذا حال دون التمكن من بدء تشغيلها خلال الشهور الطويلة الماضية.

خلافٌ آخر أحدثه إنشاء المشفى بين وزارة الصحة في رام الله ونظيرتها في غزة، إذ قالت وزيرة الصحة ميْ كيلة، في تصريحات صحيفة: إن "وجود المستشفى بغزة مشبوه، وله أهداف سياسية لا علاجية"، لكنّ "حماس" أعلنت في بيانٍ أصدرته بتاريخ 25 سبتمبر/ أيلول من عام 2019م، أن "الموافقة على إنشاء المستشفى الدولي شمال قطاع غزة جاءت لخدمة شعبنا، وليس لها أي أثمان سياسية أو أمنية"، وهذا ما يطرح التساؤل حول أسباب إنهاء المشروع الآن؟

يجيب المختص والباحث بالشؤون الأمنية محمد أبو هربيد، بأن سحب المستشفى الأمريكي  من مكانه المحدد جاء في ظل ظروفٍ استثنائية "بعد استلام بايدن لنظام الحكم في أمريكا خلفًا لترامب"، وقد كان الهدف المعلن منه محاولة أمريكا تقليص المخاطر التي قد تتعرض لها في الشرق الأوسط، ومحاولتها التخفيف من حدة مواجهتها مع الشعوب.

المسألة الأخرى لها علاقة بمكان المستشفى نفسه –حسب أبو هربيد- فهي تقع في مكانٍ حدودي بحيث يكون عرضةً للضرب والقصف في حال اشتعلت ساحة غزة مع الاحتلال، ويمكن أن يتحول إلى جزءٍ من ساحة المعركة "وبالتالي لن يكون على الحياد".

أبو هربيد: من الصعب الوصول إلى موقعه في الوضع الطبيعي، فما بالكم بأجواء الاعتداءات والتصعيد والأزمات، واضحٌ أن اختيار المكان له علاقة بالاحتلال".

ويقول: "ليس هناك مكاسب يُمكن تحقيقها من وراء هذه المستشفى، خاصةً أن الجهة التي تستهدفها المستشفى هي جهة مدنية وليس عسكرية، وبالتالي فإن الوصول إلى هذا المكان من قبل المدنيّين أمر صعب باعتبارها مقامة على الحدود مع الاحتلال الاسرائيلي"، معقبًا: "من الصعب الوصول إليه في الأجواء الطبيعية، فما بالكم بأجواء الاعتداءات والتصعيد والأزمات؟ الفكرة لم تعد عملية، وواضحٌ أن من اختار هذا المكان ربما له علاقة بالاحتلال".

ويضيف: "الطرف الفلسطيني لم يُشاوَر في المكان، ولذلك هناك إشارات حسب اعتقادي من قبل القيادة في غزة أنها لن تتعامل مع المستشفى الأمريكي، وكان هناك رد فعلٍ مستتر برفض فكرة وجوده أصلًا، وأقاويل عن أنها السبب الرئيس في سحب المستشفى إلى مكان آخر".

ويشير أبو هربيد إلى أن  المستشفى الأمريكي لم يلقَ قبولًا على مستوى المجتمع الفلسطيني، قائلًا: "كفلسطينيين مواقفنا واضحة من الأمريكان على اعتبار مساندتهم للاحتلال الإسرائيلي في عملياته من جهة، وحضانتهم للمشروع الصهيوني على الأرض في فلسطين من جهة ثانية".

تخوفات "حماس"

كانت المشفى جزءًا من التفاهمات التي توصلت إليها كلّ من دولة الاحتلال وحركة "حماس"، لتثبيت التهدئة نهاية عام 2018م عبر وسطاء، "كمشفى متنقل، قِوامه من الخيام، وتُشرف عليه مؤسسة "سفن الصداقة" الأمريكية غير الحكومية". 

شراب: عدم تشغيل المستشفى طوال العامين الماضيين، يرجع إلى أن "حماس" تريد أن يكون لها صلاحية مباشرة عليه

من جانبه يعتقد أستاذ العلوم السياسية ناجي شراب، أن السبب في عدم تشغيل المستشفى طوال العامين الماضيين، يرجع إلى أن "حماس" تريد أن يكون لها صلاحية مباشرة عليه، بالإضافة إلى تخوفها من أن يكون هذا المستشفى وسيلة من وسائل معرفة ما يجري في غزة، "وفي هذا السياق يفهم ما يجري حول غلق المستشفى" يقول.

ووفقًا لشراب، فإن إقامة المشفى فوق أرضٍ تسيطر عليها "إسرائيل" قد يكون سببًا آخر، "وبالتالي سيخضع لكل الصلاحيات والسلطات الإسرائيلية، فهي من تسمح بدخول من تريد، وتمنع من تريد"، معقبًا بالقول: "لذلك أؤمن أن هناك بعدًا سياسيًا في غلق هذا المستشفى بعد هذه الفترة الزمنية".

دلالات المشروع

ويشير الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل إلى عدم وضوح الجهة المسؤولة عن إنهاء مشروع المستشفى الأمريكي قبل بدء تشغيله، حتى يكون هناك وضوح للسبب الذي يقف خلف إغلاقه وإنهائه".

ويجزم عوكل أن  حركة "حماس" حين وافقت على هذا المشروع، كانت تعي الأبعاد الأمنية له وتضعها في حساباتها، مستدركًا بالقول: "على الأرجح؛ إسرائيل هي التي لا تُريد أن يبقى المشروع قائمًا لأن كل علاقات قطاع غزة مع الخارج تتم بموافقة أمنية أولية إسرائيلية، ولذلك أظن أنها لم تر في هذا المشروع جدوى لها وليس للآخرين، ولذلك عملت على تعطيله".

وبالعودة إلى المؤسسة التي كان يفترض أن تشرف على عمل المشفى، فإن "سفن الصداقة" تعرف نفسها في موقعها الإلكتروني بأنها "منظمة إغاثة دولية متطوعة في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية في حالات الكوارث".

أما صاحب "سفن الصداقة"، فهو أميركي يدعى "دون تيبتون"، وكما تُظهر بعض تصريحاته فهو منحازٌ لـ"إسرائيل"، إذ قال أثناء تواجد المستشفى في الجولان المحتل ذات مرة: "إن تقديم المساعدات للسوريين أصبح مهمته الأكثر إلحاحًا، لأنه يساعد بذلك على تعزيز إسرائيل وحمايتها"، واصفًا العرب بـ"الغزاة القادمين حديثًا".

العلاقة بين "إسرائيل" وتيبتون والمشفى، هي التي أثارت التخوفات والتساؤلات حولها، في ظل صمت الإدارة الأمريكية

في الحقيقة، يبدو أن العلاقة بين "إسرائيل" وتيبتون والمشفى، هي التي أثارت التخوفات والتساؤلات حولها، في ظل صمت الإدارة الأمريكية، التي كانت آنذاك قررت قطع كل المساعدات عن الشعب الفلسطيني حتى لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين "أنروا"، بعد  الاعتراف بالقدس عاصمةً لـ"إسرائيل"، وقرار نقل السفارة الأمريكية إليها.

كاريكاتـــــير