لعنة التفاصيل تلاحق موضوع الحريات
تاريخ النشر : 2021-02-23 10:54

غزة:

ثلاث أيام مرّت على إصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس لمرسومه الرئاسي القاضي بتعزيز الحريات العامة في فلسطين، كواحدة من الخطوات الضرورية التي تم الاتفاق عليها في حوارات القاهرة، وتمهيدًا لعقد الانتخابات التشريعية في 22 مايو المقبل.

المرسوم الذي جاء في تسعة بنود؛ نص في بنوده الثلاث الأولى على تعزيز مناخات الحريات العامة وحظر الملاحقة والتوقيف والاعتقال على خلفية الرأي السياسي، وإطلاق سراح جميع المعتقلين والموقوفين على الخلفية ذاتها.

ورغم أن المرسوم يفترض أن يدخل حيز التنفيذ فور إصداره شاملًا كافة الأراضي الفلسطينية؛ لكن ثمّة ما يثبت إن هذه المناخات لم تتوفر بعد، في الضفة الغربية وقطاع غزة، ثمة حديث مستمر بين المواطنين حول مضايقات يتعرضوا لها وبعض الاعتقالات التي ما زالت موجودة.

في قطاع غزة، اشتكى السيد بادي لقّان استمرار اعتقاله شقيقه بشّار من قبل الأمن الفلسطيني في قطاع غزة منذ ستة شهور، ولم تفلح التدخلات طوال الفترة الماضية في الإفراج عنه حتى الآن.

يقول لقّان لنوى :"أخي ومعه نحو 80 شخصًا معتقلون في قطاع غزة وننتظر الإفراج عنهم بناءً على وعود من عدة جهات تلقيناها منذ بدأ الحديث عن عقد انتخابات وتحديدًا بعد اجتماع القاهرة الأخير والذي كانت أحد مخرجاته الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين".

وتابع إنهم انتظروا حتى صدور المرسوم الرئاسي ولكن دون جدوى، فالجميع ما زال يناور متعللين بأسباب واهية- وفق رأيه- ما يجعلهم يعتقدون ان المرسوم الرئاسي لا يعني لهم شيئًا، فحماس تنفي وجود معتقلين سياسيين لديها والسلطة كذلك تنفي، يعلّق مستنكرً "فلماذا المرسوم"!!

ويوضح إن شقيقه هو أحد الوجوه البارزة في حركة فتح في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، وتم اتهامه بالتهمة التي وصفها بـ"مناسبة لكل من يتعارض مع سياسة غزة" وهي الاتصال بالسلطة الفلسطينية.

اقرأ/ي ايضًا:الرئيس يصدر مرسوما رئاسيا بشأن تعزيز الحريات العامة

في الضفة الغربية أيضًا، ثمة انتهاكات ما زالت تتواصل واستدعاءات، كما يؤكد الشاب فراس "ب" لنوى والذي فضّل عدم ذكر اسمه، موضحًا إن المضايقات تأتي عادة على شكل رسائل تصل على الخاص.

قبل يومين، ذكرت مجموعة محامون من أجل العدالة في صفحتها على الفيس بوك، إن ضباطًا وعناصر من جهاز الأمن الوقائي في نابلس اعتدوا بالإهانة والضرب بالأيدي والاأجل والخنق، وإصابة في الرأس بحق المواطن جريح انتفاضة محمود الكعبي من مدينة نابلس بعد مثوله للمقابلة في مقر الجهاز بذات اليوم.

وأضافت إن مقابلة الكعبي جاءت بناءً على استدعاء من قبل الجهاز يوم الاثنين الماضي، وذلك للتحقيق معه حول منشور له على صفحة على الفيس بوك منسوبة له، ودعت المجموعة إلى ضرورة محاسبة المعتدين وإحالتهم إلى النيابة العسكرية للتحقيق معهم فيما بدر منهم من اعتداء وإساءة بحق المواطن المذكور، تطبيقًا لسيادة القانون.

مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان د.عمار الدويك عبّر عن أهمية إصدار المرسوم الرئاسي مع ضرورة تطبيقه، مضيفًا :"نحن نراقب تنفيذه وهناك بعض المعتقلين السياسيين خاصة في قطاع غزة، نأمل أن يتم الإفراج عن الجميع، والهيئة ما زالت تتابع مع الجهات المختصة.

ودعا الدويك كافة الأحزاب والمواطنين ومن لديهم معتقلين سياسيين أو من يتم استدعاءهم على خلفية نشاطهم السياسي أو أي انتهاك آخر إلى إبلاغ الهيئة كي تتم المتابعة.

اقرأ/ي ايضًا: حوارات القاهرة ... أولى الخطوات نحو ثلاثية بناء النظام السياسي

ونوّه إلى أن الهيئة تعلم تمامًا أن هناك من يتم اعتقالهم وتوجيه تهمة لهم مثل التواصل مع رام الله أو إثارة النعرات وغيرها، ومن خلال المتابعة وزيارة الهيئة للسجون يعلمون تمامًا أن هذه التهم سياسية، وبالعموم فالهيئة ما زالت تتابع، معقّبًا :"هناك تعاون جيد من الطرفين في الضفة والقطاع مع الهيئة".

عقب إصدار المرسوم الرئاسي بادرت حركة حماس إلى الترحيب بالخطوة، ووصف الناطق الإعلامي لها حازم قاسم ذلك بأنها خطوة مهمة على طريق إنجاز انتخابات تعبر بكل صدق عن إرادة شعبنا الفلسطيني.

وتابع قاسم أن الأجواء يجب أن تشمل كل المناطق التي ستجري عليها الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة، مضيفًا إن حماس تقدمت بخطوات كبيرة في مجال الحريات وقطاع غزة مفتوح بالكامل للعمل السياسي والإعلامي وكل ما يخص الانتخابات، وأنها جاهزة لاتخاذ المزيد من الإجراءات وتنفيذ كل الإجراءات التي توفر الأجواء اللازمة لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة.

أمس الأحد تحدّث رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه عن وجود 80 معتقلًا سياسيًا في قطاع غزة، نافيًا وجود أي معتقل سياسي بالضفة، وردت وزارة الداخلية في غزة بعدم وجود أي معتقل سياسي في غزة ويجري حاليًا العمل على مراجعة قانونية لأوضاع 80 معتقلًا تحدثت عنهم حركة فتح.

المحلل السياسي هاني المصري قدّر أن الخطوات التي تمت باتجاه إجراء الانتخابات مهمة ولن ضمن قالب مقاربة معطوب، إذ كان الأولَى إنهاء الانقسام أولًا وتكون الانتخابات تتويج لهذا الإنهاء والتوصل لاتفاق حول المضمون السياسي لأنه الأخطر، بالتالي نعم للانتخابات ولكن بحاجة لتوفير مستلزماتها بأن تكون حرة ونزيهة وتُحترم نتائجها وهذا يتطلب أن تتوازى مع إنهاء الانقسام ومعالجة ترسباته وتداعياته الخطيرة.

وأضاف المصري أن إفرازات الانقسام كلها أُجلت إلى ما بعد الانتخابات وهذا خطأ كبير لأن هناك الكثير من القضايا متعلقة بحقوق الناس ولا يجب أن يُؤجل، والمقاربة التي اعتمدتها فتح وحماس وتم إخراجها في حوار القاهرة تقوم على تأجيل هذه القضايا والتركيز على الانتخابات وهذا سندفع ثمنه غاليًا لأنه سيؤدي إلى إدارة الانقسام وليس إنهاؤه.

وتعقيبًا على أزمة المعتقلين قال إن الأهم من إصدار مرسوم هو وضع آليات للتنفيذ، كان يجب أن تكون هناك لجنة للحريات متضمنة في حوار القاهرة لأننا سندخل إلى اختلافات في التفسيرات أن هؤلاء معتقلون سياسيون أم لا كما يجري الآن من اتهام بأن هؤلاء متهمون على خلفية تهم معينة ويرد الطرف الآخر بذات الطريقة ونبقى في نفس الدوامة، فنحن نريد إطلاق سراح جميع المعتقلين وعدم استدعاء الناس وتهديدهم وتوفير أجواء الثقة حتى تكون الانتخابات حرة ونزيهة فعلًا.

وختم بقوله إن المطلوب الآن من الطرفين التركيز على القضايا الجوهرية وليس تأجيلها لأن التأجيل لا يحل المشكلة، إنما نجدها أمامنا بشكل أكبر، والاتفاق على برنامج سياسي ليس بتكريس فكرة الحكم الذاتي والمرحلة الانتقالية إنما يخلصنا من هذه المرحلة التي وصلنا لها بعد 25 عامًا من اتفاق أوسلو.