غزة.. طريق المدرسة مختلفٌ من على "ظهر حمار"
تاريخ النشر : 2023-03-06 14:52

قطاع غزة:

على حمار، يرتكزُ اقتصاد أسرٍ متعففةٍ في قطاع غزة. عصفوران بحجرٍ واحد! الأول عندما يوفرون ثمن نقل أبنائهم إلى المدارس على ظهر "الكارو"، والثاني عندما يساعدون ربّ أسرةٍ أخرى متعففة بالاستفادة من حماره بتوفير مدخولٍ شهري -وإن كان زهيدًا- ليتمكن من تلبية احتياجات أسرته.

المواطن لؤي أبو سحلول من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، أحدهم. لقد راجت قصته قبل أيامٍ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عندما نشر أحد الناشطين له صورًا، بينما كان يوصل طلبة مدارس ورياض أطفال إلى مدارسهم على عربته التي يجرها حمار، مقابل مبلغٍ من المال يصل لخمسة شواكل/ دولار وثلث عن كل طالب أو طالبة.

يقول "لؤي": "الفكرة عرضها بعض الأهالي ممن لا يستطيعون دفع مبلغٍ شهريٍ قيمته 40 شيقلًا، وربما أكثر لكل ابنٍ من أبنائهم كبديل نقل في الباصات أو السيارات، لبعد المدارس عن منازلهم".

ويضيف لـ "نوى": "بالطبع لم أتردد حينها، شعرتُ أنها فرصة لتوفير مدخولٍ شهريٍ بسيط يساعدني على توفير قوت أبنائي، خاصةً المريض منهم".

لؤي هو أبٌ لستة أبناء، يعتمد في دخله على مساعدات الشؤون الاجتماعية، لكن قيمتها، وعدم ثبات مواعيد صرفها، يشكلان "أزمة" لكثيرٍ من الأسر الفقيرة، إذ تتراوح قيمتها بين 700 و1500 شيقل، حسب عدد أفراد الأسرة، وتصرف كل ثلاثة أشهر وربما أكثر. 

ألا يكون لدى العائلة مدخولًا شهريًا مشكلة، "لكن المشكلة الأكبر حين يصاب أحد أفرادها بسرطان الدم، دون وجود مدخولٍ أيضًا" يقول بانفعال.

في قطاع غزة، يموت المريض مرّات عديدة بانتظار تحويلة السفر للعلاج بالخارج، فيجري الأمر وفق المزاج الإسرائيلي، الذي إن أعطى التصريح، صارت هناك مشكلة أخرى تتعلق بالتنقل بين الحواجز العسكرية تحت رقابةٍ تفتيشٍ قاسيين. هكذا كانت الـ"فترة" المأساوية التي عاشتها أسرة لؤي طوال فترة علاج ابنها. 

وأمام هذا، وخلف كواليس الفقر التي تتربع بساحة منزله المتهالك، كان العرض الذي وصله من الناس "مذهلًا"، هكذا يصفه. أن ينقل أبنائهم إلى المدارس على عربته التي يجرها حماره، "20 طالبًا يسير بهم على دفعتين.. نعمة وفضل" يعقب.

ويزيد: "هؤلاء الصغار أمانة في عنقي، أظل أراقب طوال الوقت جلستهم، وثباتهم على ظهر العربة خشية أن يسقط أحدهم. أعرفُ أن المسألة ليست سهلة، لكن أسرهم اضطرت إلى ذلك بسبب الظروف المعيشية السيئة، وأنا مجبر على قبول ذلك للسبب ذاته".

قبل نقل الأطفال كان لؤي يلبي بعض "الطلبيات" البسيطة للبائعين المتجولين على "كارّته"، بمدخول يومي قيمته 10شواكل/ أي 3 دولارات تقريبًا، لكن نصفها يخصص أكلًا للحمار، وفق تأكيده.