"ما تبقى لنا".. معالم البلدة القديمة في "مسار"
تاريخ النشر : 2023-01-05 14:50

كانت تشغلني تلك المعالم التي تشهد على أصالة البلدة القديمة وهويتها، وشعرت أن من واجبي أن أعمل على مشروع توثيق فني بصري لهذه المعالم، التي تحمل عبق الماضي الجميل، وخصوصية المعمار الفلسطيني القديم، وما أن سنحت لي الفرصة حتى بدأت بالفعل بمشروعي الذي أطلقت عليه اسم " مسار ما تبقى لنا" تقول المهندسة المعمارية والفنانة ولاء شبلاق.

جولات عديدة قامت بها الفنانة الشابة للبلدة القديمة متتبعة أثر الوجود الإنساني فيها، تزامنت مع عملية بحث حثيثة حول هذه المعالم، عمرها، وتاريخها، وأصحابها وسجلت العديد من الملاحظات، والتقطت الكثير من الصور التي توثق المكان، كما رسمت اسكتشات مبدأية حولتها فيما بعد للوحات واقعية تؤصل للوجود الإنساني وتؤرخ فترة كان فيها تفاعل الانسان أزهي ما يكون.

أما الدافع وراء اعتمادها الرسم الواقعي تقول شبلاق:" هذه المباني في مرحلة حساسة، ومصيرها إلى زوال، يمكن أن نستيقظ غداً ولا نجدها، ونخسر معالم وشواهد حقيقية و عظيمة تؤصل وجود الإنسان في هذه المدينة وتفاعله معها، فكان من المهم العمل على توثيق هذا التاريخ، بالصورة والرسم.

تبحث شبلاق عن الجمال والأصالة في المدينة التي بدأت تفقد تلك الملامح، إذ أصبحنا محاصرين بضجيج وفوضى وعشوائية، ما عادت المساحة كافية ليعبر الإنسان عن نفسه ويحتفي بأصالته وهويته، وهذا يؤدي بالإنسان للضيق والضجر وفقدان للهوية والانتماء

 تقول لـ نوى:" هذا ما جعلني أشعر أننا بحاجة ماسة للعودة للماضي الأصيل ونبحث عما تبقى من الملامح الإنسانية الأصيلة التي يزيد عمرها عن 300 سنة، ما يجعلنا مدركين لضرورة أن نتخذ خطوات عملية لتغيير الواقع والمستقبل".

توجه شبلاق من خلال مشروعها رسالة موجهة لعامة الناس بأهمية العودة والبحث في الماضي وما يحمله من هوية، وأننا شعب أصيل له هوية وجذور وحضارة لا يجب أن نتخلى عن كل هذا وإكمال الحياة بدونها".

أما الرسالة التي توجهها شبلاق بشكل تخصصي أكتر فهي لصناع القرار والمهندسين المعماريين والفنيين، وتحمل تساؤل حول شكل المدينة التي نريد العيش فيها، سيما وأن المدينة المعاصرة الحالية عبارة عن مكعبات اسمنتية احتجز الإنسان بداخلها.

مشروع شبلاق مكون من عشرين لوحة شاركت بأربع منها في معرض نقطة تجمع الذي أقيم مؤخراً وهو نتاج برنامج المنح الإنتاجية الذي ينفذه محترف  شبابيك دائرة الفنون البصرية المعاصرة في الاتحاد العام للمراكز الثقافية بالتعاون مع مركز خليل السكاكيني الثقافي و"غاليري ون"، والذي جاء من خلال حملة #فن_لأجل_غزة خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في شهر آيار 2021، وذلك بهدف المساهمة في إعادة بناء المشهد الثقافي الذي تعرض للتدمير كما باقي القطاعات، وتوفير بيئة حاضنة وداعمة للفنانين المعاصرين، وتمكين الفنانين المحترفين من إنتاج مشاريعهم الفنية، عبر تزويدهم بمنح إنتاجية وإقامات فنية، وتنمية مهارات الفنانين الشباب وتمكينهم من إنتاج أعمال فنية معاصرة