"فرحة".. فتاة "عنيدة" يسعى الاحتلال لكتم صوتها
تاريخ النشر : 2022-12-05 13:44

فلسطين:

كان الدمار في قلب "فرحة" كبيراً. دمار لم تتحمّل إسرائيل عرضه على الملأ، أرادت أن تقتله قبل أن يستوعبه العالم الذي لم يعرف قصص النكبة أو لم تصله هذه القصة، تحريض وهجوم عنيف والهدف؟ لا لعرض الفيلم. هذا ما يحدث مع فيلم "فرحة".

في التفاصيل، يحكي الفيلم لمخرجته الأردنية دارين سلّام، ومنتجتاه ديمة عازر وآية جردانه قصة فتاة فلسطينية عمرها 14 عاما، شهدت اقتحام العصابات الصهيونية الإرهابية لقريتها وإعدام مدنيين إبان نكبة عام 1948. 

حلمت الفتاة بالانتقال من قريتها الفلسطينية إلى المدينة لمواصلة تعليمها، لكنّ تعرض القرية للاجتياح يدفع الأب إلى إخفائها في غرفة صغيرة، وعلى مدى أيام يتغير مسار حياتها.

وهذا ما حدث تماماً في أحداث النكبة التي لم يرق بثها للاحتلال الذي بدأ حملة تحريض واسعة لتخفيض تقييم الفيلم على منصة "نتفلكس". فقد قال وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في بيان نشره على تويتر، إنه "من الجنون أن تبث نتفليكس فيلما هدفه خلق ذريعة كاذبة والتحريض على كراهية الجنود الإسرائيليين".

في المقابل، لم يكف ناشطون فلسطينيون وعرب من دعم الفيلم عبر الكتابة عنه والدعوة لمشاهدته، فكتب الصحفي محمود بامية على حسابه في فيسبوك "يتعرض فيلم فرحة، وهو فيلم يوثق قصة من قصص النكبة الفلسطينية، لحملة شرسة بعد إطلاقه على منصة نتفلكس."

ويستطرد "في محاولة لتسكيت السردية الفلسطينية وتشويه الوقائع الحقيقية للنكبة والتطهير العرقي الذي يعيشه الفلسطينيون منذ أكثر من 75 عاماً تحت الاحتلال، انكب جيش الكتروني على تشويه علامات تقييم الفيلم والتهديد بمقاطعة المنصة إلى أن يتم وقف عرضه" داعياً إلى مشاهدته ورفع تقييمه ليبق في واجهة المنصة.

أما الكاتب خالد جمعة الذي وصفه بالفيلم "الاستثنائي"، يقول إنه يصور الفلسطيني الذي يعشق الحياة، القراءة، الاستمتاع بالطبيعة، التعليم.

كانت دارين سلام (المخرجة) – برأيه - جريئة في بث القصة عبر شق صغير في باب غرفة "المونة" في قرية قديمة، يحبس الأب ابنته فيها خوفا عليها حين يتم الاعتداء على القرية، فترى فلسطين كاملة في هذه الغرفة، ومن هذه الغرفة، القتل والعمالة، وإنسانية جندي واحد رفض قتل الرضيع، الذي مات في النهاية ربما من الجوع، وربما من البرد، لا أحد يعرف.

يتابع الكاتب أن عبر هذا الفيلم هنالك تصوير للعطش والجوع والحرمان من التعليم، المقاومة والحياة عبر فتاة "عنيدة" في الرابعة عشرة من عمرها، ينتهي بها المطاف إلى طريق غير واضح النهاية، وهي تمشي وتمشي، متعبة، جائعة، عطشى، لكنها مصممة على المسير.

لكن مأخذه الوحيد على الفيلم وفق ما كتب على صفحته في فيسبوك أنه لم تتم الإشارة إلى طبيعة الجنود "من هم؟"، فلا علم ولا إشارات، ربما يفهم المشاهد من لغة الجنود أنهم إسرائيليون، ولكن في النهاية هو فيلم إنساني، يصور الفلسطيني كما هو في الحياة، شجاع أحيانا، مقاتل أحيانا، مسكين أحيانا، ضعيف أحيانا، حالم أحيانا، ومقتول أحيانا.، لافتاً "فيلم جدير بالمشاهدة، معبأ بالترقب والشدّ، ثانية بثانية".

وكانت مخرجة الفيلم دارين، ومنتجتاه ديمة وآية قد رددن في بيان على ما وصفته بـ "الهجوم العنيف" الذي تعرض له "فرحة" أنه "خلال الـ48 ساعة الماضية، تعرض فيلمنا فرحة لهجوم عنيف من قبل مسؤولي الحكومة الإسرائيلية ووسائل الإعلام الإسرائيلية وكذلك من قبل أفراد إسرائيليين على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات".

ودانت المخرجة والمنتجتان "كل الاتهامات لتشويه سمعة فرحة، والحملة المنظمة ضده على موقع IMDb لخفض تقييمه بشكل كبير، ومحاولات وقف عرض الفيلم في مسرح سرايا يافا، والتهديدات بإلغاء اشتراكات منصة نتفليكس في حالة بدء عرض الفيلم عليها".

ووصفن "هذه المحاولات لإسكاتهن كعربيات وكصانعات أفلام" بأنها "تجريد لإنسانيتهن وضد أي حرية تعبير". وشددن على أن ما يحصل "لن يردعهن عن هدفهن". وقالت السينمائيات الثلاث في البيان: "وجود الفيلم واقع، ووجودنا واقع. سُلبنا الكثير، لكن لن تُسلب أصواتنا".

ومن الجدير ذكره، أن الفيلم عرض في مهرجان "تورونتو" السينمائي الدولي العام الماضي، واختاره الأردن لتمثيله في المنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، في الدورة المقبلة للجائزة الأشهر عالمياً في مجال السينما.