أُسر تشتت وقلوب تحطّمت والسبب "إخوّة الرضاعة"
تاريخ النشر : 2022-12-05 13:02

غزة:

حالة من الصدمة والذهول سيطرت تمامًا على ابتسام "اسم مستعار" وألجمت لسانها تمامًا، عندما أخبرتها عمّتها إن زوجها محمد الذي تعيش معه منذ عام ونصف وأنجبت منه طفلًا هو في الحقيقة شقيقها في الرضاعة، بالتالي فزواجهما غير شرعي!!

لم تدرِ ابتسام حينها ما تصنع، فهي تعيش مستقرة خارج البلاد برفقة زوجها ومعهم طفلها الذي لم يتجاوز الشهرين بعد، لكن ما أخبرتها به عمتها قلب حياتها تمامًا، وهي بالطبع لن تستطيع الصمت على هذا الأمر.

تقول ابتسام: "حدث ذلك قبل 14 عامًا، وقتها سألت أمي التي أخبرتني أنها كانت تتركني عند عمتي حين كنت رضيعة لتبقى مع شقيقي الذي كان مريضًا بالمستشفى، وأن عمتي بالفعل أرضعتني، لكن لم تخبر أمي أنها أيضًا أرضعت محمد الذي كانت تتركه أمه أيضًا عند عمتي، بالتالي نكون إخوة في الرضاعة".

آنذاك انتهت قصة ابتسام وزواجها الذي كان سعيدًا، وظلّ غصّة في قلبها، حتى أقرّت عمتها مؤخرًا وبعد سنوات من زواجها الثاني إنها لم ترضع محمد رضعات مشبعات، بالتالي فهو ليس شقيقها حقًا.

عادت ابتسام للصدمة والذهول من جديد: "كيف أخسر زواجي بسبب اشتباه إن كان أخي أو لا ويذهب كلانا إلى زواج آخر، وابني يتربى بعيدًا عني، كل هذا لغاية في نفس عمتي التي استغلت الأمر من أجل تطليقي، الآن لا أستطيع النطق بكلمة واحدة لأنني وبعد هذه السنوات ستكون حياتي الجديدة في خطر إن تكلمت".

غصة قلب ابتسام، لطالما حملتها نساء تعرضن لذات الموقف من الإجبار على فسخ عقد الزواج والانتهاء من حياة مستقرة بسبب "الإخوّة في الرضاعة".

حالة أخرى وثقتها المحكمة الشرعية في قطاع غزة، بفسخ عقد زوجين قبل عدة شهور بعد 14 عامًا من الزواج الذي أثمر عن خمسة أبناء، بسبب أن الزوجين "الرضاعة"، حيث شهدت الجدّة التي كانت تعيش في مصر وعادت إلى قطاع غزة حديثًا إن الزوجين الذين يعيشان حياة هانئة مستقرة، يربطها نسب فهو "خالها في الرضاعة".

وفي حادثة أخرى سجلتها أيضًا دار القضاء الشرعي، فقد تم فسخ عقد زوجين بعد 12 عامًا، بعد ثبات إن الزوجين إخوة في الرضاعة، المشكلة الأكبر إن إحدى الأمهات أقرّت بأن أرضعت الكثير من أطفال الجيران ومن الممكن أن تكون أرضعت كليهما وغيرهم فهم يسكنون في ذات الحارة.

في حديثه لنوى قال القاضي الشرعي إبراهيم النجار عضو المحكمة الشرعية العليا ورئيس المكتب الفني فيها:" بمجرد اكتشاف الزوجين بأن بينهما رضاعًا، يجب فسخ عقد النكاح ويقع عليها العدة"، مؤكدًا أنه لا يسمى طلاقًا لأن الطلاق ُيحدثه الرجل بإرادة منفردة، وكون العقد فاسخًا وغير صحيح.

واستند النجار في ذلك إلى قول الله تعالى { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }.

وشدد على أن فسخ العقد في هذه الحالة واجب لبيان فساد العقد بوقوع الرضاع، بالتالي فهو فسخ عقد لا طلاق، مشيرًا إلى أنه مهما طالت مدة الزواج، في الوقت الذي يتبين فيه حدوث الرضاع بواقع خمس رضعات ثابتات، يجب فسخ عقد النكاح.

وأوضح إنه لا يتم فسخ العقد بمجرد الادعاء، فيجب التأكد أن المرأة المدعية بأنها أرضعت مشهود لها بالصلاح والخلاق العالية، وكان لديها طفل بنفس عمر الشخص المرضعة معه أو خلال السنتين الأولى من عمر الطفل، وأنه رضع خمس رضاعات بمعنى أن حليب الأم قد اختلط بالعضم واللحم وأصبح جزءًا منه"، مع الأخذ بشهادة شهود، لكن هذا الفسخ لا يطعن في نسب الأبناء ولا ميراثهم فهو صحيح، إنما ينهي الحياة الزوجية فقط.

ونصح النجار النساء بعدم اللجوء إلى الإرضاع لغير أبنائهن، فلم يعد في هذا الزمان حاجة إلى الرضاع إلا للضرورة، فهناك الحليب الصناعي، فكلمة إخوة في الرضاعة يمكن أن تهدم بيوتًا وتشتت أسر.