عائلة جعرور تتجرّعُ مرارة "السّكر" في بيتٍ مُتهالِك
تاريخ النشر : 2022-11-22 12:07


"أفتح باب الثلاجة، ثم أعود لأغلقه. أكرر الأمر عدة مرّات، حتى أصل إلى المكونات التي يمكن أن تكوّن وجبةً مناسبة لأطفالي الأربعة مرضى السكّر، في ظل وضعنا الاقتصادي المتردّي"، تقول أم أكرم جعرور بتأثُّر.

هو سيناريو يومي "ماذا أطبخ لهم؟" يتكرر داخل منزلها المتهالك، حيث تعيشٌ برفقتهم مع زوجها الذي أرهقَته الحياة، منذ اكتُشف مرض ابنه الأول البكر "أكرم" عندما كان بعمر سبع. أكرم اليوم بعمر 15 عامًا وخلال مدة مرضه، توالى اكتشاف إصابة باقي أشقائه!

يقول لـ"نوى": "مع صعوبة الأوضاع الاقتصادية، وغلاء الأدوية التي قد لا تتوفر بشكل متواصل في العيادات الحكومية، ومتطلبات الوقاية من مضاعفات الإصابة بالمرض، اضطررتُ إلى  العمل في سن مبكرة".

يذكر أكرم أنه أصيب ذات مرة أثناء العمل في قدمه لكنه لم يعبأ للأمر، وحين عاد إلى المنزل ازداد الألم، ورغم أنه توجه للمستشفى، وأخذ الروشتة من الطبيب، إلا أنه لم يكن يملك المال لشراء العلاج.
يضيف: "لم أشعر بألم ولا أتذكر كيف حصلت الإصابة، ولم أكن أملك الوقت للتفكير في قدمي، لكن عندما عدت إلى المنزل، وجدت أصبعي الكبير في قدمي اليمنى وقد تضاعف حجمه، فذهبتُ مسرعًا إلى المستشفى، ووصف لي الطبيب العلاج، وأيضًا لم أكن أملك المال لشرائه".

تضاعف الألم، وفقد أكرم أحد أصابعه بالبتر، بسبب عدم قدرته على شراء العلاج المناسب، واضطراره للعمل، بينما أقرانه على مقاعد الدراسة. تراوده اليوم الكثير من المخاوف بشأن قدمه، وكل ما يخشاه أن يتواصل البتر في جسده بعد ذلك بسبب مرضه وتعرضه للإصابة.

الطفل الذي أصبح كما شيخٍ في عمر الستين بسبب ظروفه وعائلته، يحلم بأن تعود إليه طفولته فقط، وأن يمتلك الحق في العلاج، واللعب والتعليم والتنقل.

يقول والد الأطفال الأربعة سعيد جعرور: "الأطباء أكدوا أن سبب إصابة أطفالي الأربعة بالسكر ليس وراثيًا، فلا أحد من عائلتي، أو عائلة زوجتي مصاب بهذا المرض، لكن الأطباء رجّحوا أن يكون الخوف والشعور بالقلق لدى الأطفال بسبب العدوان المتكرر على قطاع غزة، سبب الإصابة".

ويعيش أطفال جعرور كما كل أطفال قطاع غزة، في حالة من الخوف المتواصل خلال أي قصفٍ أو عدوانٍ محتمل، لا سيما وأن كثير منهم عايشوا أكثر من عدوان في سنوات عمرهم القليلة.

"أما عن صعوبة توفير العلاج الذي يكون في كثير من الأوقات غير متوفر بشكل مجاني فحدث ولا حرج" يقول الوالد جعرور، ناهيك عن أن الجمعيات التي تهتم بمرضى السكر تعتمد على التمويل، الذي قد لا يغطي كل المتطلبات.

لا تملك عائلة جعرور رفاهية فحص مخزون السكر بشكل شهري لأطفالها، فتكلفة الفحص للطفل الواحد 25 شيكل، لا تملك العائلة توفيرها، وكل ما تحلم به الأم أن توفر لأطفالها رعاية صحية مناسبة تضمن عدم تدهور حالتهم الصحية بسبب نقص العلاج، أو عدم اتباع الحمية الغذائية.

يأتي هذا بينما يحتفل العالم بيوم الطفل العالمي، في حين أن ما يقارب مليون طفل يعيشون في غزة، في ظروف مأساوية، بسبب تعرضهم لتجارب مروعة، إذا لم تخطف أرواحهم، فبالتأكيد ستضع بصمتها على أجسادهم، وصحتهم النفسية، وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية. حينما يجتمع الفقر مع المرض، في ظل نقص الإمكانيات والعلاج، يصبح لازمًا على العالم أن يتحرك لضمان حقوق الطفل الفلسطيني.