"منيو" بلغة "برايل" في مطاعم بـ"جِنين"
تاريخ النشر : 2022-11-03 16:57

"لن أشعر بعد اليوم بأي حرج. سأذهب إلى المطعم، وأطلب الطعام الذي أحبه بدون مساعدةٍ من أحد"، يقول الشاب أحمد مساد الطالب في كلية الحقوق لـ"نوى".

الشاب -وهو واحد من ذوي/ات الإعاقة البصرية- في مدينة جنين، كان يعاني من مشكلة قوائم الطعام المعدة للمبصرين في كافة مطاعم المدينة، حيث يحتاج غالبًا لشخصٍ يقرأ له محتوياتها، سواءً كان صديقه الذي يرافقه هناك، أو نادل المطعم الذي يتسبب له بضغط كبير بسبب طول مدة بقائه معه على حساب أوقات الزبائن الآخرين.

لقد نجح مسّاد، ومجموعة من المبادرين الشباب -وغالبيتهم من ذوي الإعاقة- بإقناع ما يزيد على 12 مطعمًا في مدينة جنين، بإضافة قائمة طعام بلغة برايل، تُقدم لذوي الإعاقة البصرية ممن يرتادونها، بنفس محتوى قائمة الطعام الخاصة بالمبصرين، في مبادرةٍ هي الأولى من نوعها على مستوى فلسطين ككل.

يعقب مساد: "لن أضطر اليوم لتكليف أصدقائي عبء قراءة المنيو، سأقرأها لوحدي، وبتأنٍ، وسأختار على هواي ما أحب من طعام"، قائلًا: "رغم أنه حق بسيط من حقوقنا في موائمة الأماكن العامة، إلا أنني أشعر بفرحةٍ عارمة اليوم بعد هذا الإنجاز".

المبادرة جاءت نتاج تدريب نفذته جمعية الشبان المسيحيين في المدينة، بهدف إحداث تغيير إيجابي يتلمس احتياجات الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية.

يقول الشاب عز الدين قاسم (23 سنة)، وهو أحد القائمين على المبادرة: "الفكرة جاءت نتيجة عصف ذهني وتفكير جماعي لمجموعة من الشباب المتدربين، وجاءت على لسان أحد المشاركين من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية".

يضيف: "في البداية تفاجأت من الأمر. لم يخطر ببالي سابقًا أن الأشخاص المكفوفين يمكن أن يعانوا نتيجة افتقار المطاعم لقوائم بلغة برايل، وهو ما جعلنا بالفعل نتفق على أن تكون مبادرتنا بهذا الاتجاه، بتحقيق تغيير يمكنه أن يسهّل أحد التعقيدات التي يمكن أن يتعرض لها الأشخاص المكفوفين".

يتابع: "بدأنا بالتخطيط لكيفية إدارة المبادرة، وتوزيع الأدوار، ووضع جدول زمني للانتهاء من المبادرة، وتحقيق النتائج المطلوبة، وبالفعل انطلقنا نحو المؤسسات الرسمية كوزارة السياحة، والغرفة التجارية، وغيرها من المؤسسات لاكتساب تأييد ودعم مجتمعي ورسمي، والحصول على أسماء وعناوين المطاعم المسجلة في الوزارة".

انطلق الفريق بشكل فعلي على الأرض باتجاه المطاعم، وبدأوا بتنفيذ جلسات حوار مع أصحاب المطاعم حول أهمية هذه الخطوة، التي من شأنها أن ترفع من مستوى المطعم، باعتباره يهتم بموائمة قائمة الطعام مع الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية.

خلال ثلاثة شهور من انطلاق المبادرة، وكنتاجٍ لعددٍ من الجلسات، نجح الفريق بشكل فعلي في استقطاب موافقة 12 مطعمًا من أصل 25 في مدينة جنين.

يشعر أعضاء الفريق الذي يضم أشخاصًا من ذوي الصعوبات الحركية والبصرية، وأشخاصًا بدون صعوبات بالفخر نتيجة ما تم تحقيقه، "وإن كان يبدو بسيطاً، لكنه يحفظ للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية أحد حقوقهم الهامة".

يخبرنا مساد باسم فريقه أن هذه المبادرة "خطوة أولى في سلسلة خطوات ومبادرات، سيقوم بها الفريق من أجل تجويد الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال موائمة كافة الأماكن بأدوات مساعدة ومتخصصة لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة على اختلاف إعاقاتهم، من خلال تلمس احتياجاتهم المختلفة بهذا الخصوص".