"شؤون المرأة" يناقش واقع الصحافة تحت رصاص "إسرائيل"
تاريخ النشر : 2022-10-04 13:44

غزة:

ما زالت الصحفيّة الفلسطينية شروق أسعد، تذكر تلك اللحظة التي نجت فيها من الموت بأعجوبة، عندما انحنت قبل ثانيةٍ واحدة من رصاصة قناصٍ إسرائيلي كادت تقتلها.

حدث ذلك هذا العام، عندما كانت تُغطّي اعتداءات الاحتلال في كفر قدوم، ولمح المصور عبر الكاميرا قناصًا إسرائيليًا، يصوّب بندقيّته نحوهم، فصرخ بسرعة "اهبطوا"، فهبطوا وانطلقت الرصاصات بالفعل في ذات المكان الذي كانوا يقفون فيه.

شروق روَت ما حدث خلال مؤتمر عقده مركز شؤون المرأة بعنوان "الانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين/ات الفلسطينيين/ات في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس"، وذلك عبر تقنية "زوم" بحضور مجموعة من الصحافيين والصحافيات من الضفة والقطاع.

في بداية المؤتمر أكدت آمال صيام المديرة التنفيذية لمركز شؤون المرأة، أن المؤتمر يسلط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، التي تشكّل انتهاكًا للقانون الدولي والمواثيق الدولية، التي تكفل حماية حرية الرأي والتعبير، وتكفل حماية المدنيين والصحافيين، "لكن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كل هذه القوانين".

ووجهت صيام التحية لعين الحقيقة من الصحافيين والصحافيات في كل فلسطين، وخاصة الشهيدة شيرين أبو عاقلة والشهيدة غفران وراسنة، والجرحى منهم، مؤكدة أن مركز شؤون المرأة كما غيره من مؤسسات المجتمع المدني يطالبون بمعاقبة الاحتلال الإسرائيلي على هذه الجرائم، مع التأكيد بأن إعلامنا يجب أن يبقى حرًا ويواصل دوره في نقل الحقيقة.

عودة إلى شروق، التي كانت تتحدث في الجلسة الأولى للمؤتمر، حول أنها عملت وعلى مدار ثلاثين عامًا مع وسائل إعلامية مختلفة، تعرضت خلالها كما غيرها من الصحافيين إلى اعتداءات إسرائيلية، مستدركةً بالقول: "لكن هذا العام هو الأقسى، إذ تم استهداف الصحافيين بإطلاق النار المباشر، وقنابل الغاز السام من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين، ناهيك عن المنع من الحركة والتغطية، خاصةً في مناطق مثل كفر قدوم والقدس رغم أنها تحمل هوية مقدسية".

وتابعت شروق التي كانت تتحدث من رام الله: "أقسى ما نعانيه، هو خوفنا على أطفالنا حين نذهب للتغطية، هل سنعود لهم أحياءً أم لا؟ هل سنفقد حياتنا، أم أحدًا من أبنائنا، وكل هذا يتعمده الاحتلال ليُضيّق على الصحافيين".

أما الصحافية غالية حمد فتحدثت من غزة عن تجربتها في تغطية الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، مشيرةً إلى ما يقارب 50 صحفية وصحفيًا، استشهدوا برصاص الاحتلال منذ عام 2000، "شيرين أبو عاقلة وغفران وراسنة من ضمنهم".

وقالت: "نحن نتذكر هنا استهداف الزميل رامي ريان وياسر مرتجى وأحمد أبو حسين، الذين استشهدوا بينما كانوا يرتدون زيهم الصحفي الذي يميز هويتهم تمامًا مثلما كانت ترتديه شيرين".

وتابعت: "لا يفرّق الاحتلال بين صحفي ومقاتل، كلنا مستهدفون. تعرضنا مرات عديدة لخطر الموت، ولا أنسى حين كنت أغطي عدوان 2021م، ومررت بجوار أرض السرايا في غزة، وتم استهدافها في نفس اللحظة. لا أنكر أنني خفت كثيرًا، لكنني واصلت التغطية".

واستذكرت حمد الكثير من التجارب لصحافيين من قطاع غزة، سواءً الذين استشهدوا أو المصابين منهم، وفقدان 8 مؤسسات إعلامية لمقراتها نتيجة تدمير الاحتلال لبنايات في عدوانه هذا العام، ناهيك عن فقدان العديد من المؤسسات الإعلامية خلال عدوان 2021م.

وأضافت: "تقييد حرية الحركة من قطاع غزة أفقدني فرصة تدريب مهمة في بريطانيا كوني لم أحصل على تصريح مرور".

في الجلسة الثانية للمؤتمر، تحدث الباحث القانوني ماجد عاروري عن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحافيين الفلسطينيين، والاستهداف المباشر والواضح والمتعمد للصحافة ورسالتها داخل فلسطين، معرجًا على القوانين الدولية التي تضمن الحماية للصحافيين، ومنها "اتفاقية جنيف الثالثة، التي تضمنت بندًا تحدث عن حماية المراسلين الحربيين وقت التغطية، لكن لاحقًا تم توسيع المفهوم ليشمل كل الصحافيين وقت النزاعات المسلحة، باعتبارهم مدنيين يجب حمايتهم".

وتابع عاروري: "الصحافيين أصبحوا أهدافًا للاحتلال الإسرائيلي، وهذا يتطلب بناء ملفات قانونية واضحة مكتملة، تحتوي أدلة جنائية وروايات شهود العيان، من أجل نقلها على محكمة الجنايات الدولية، لكن هذا غير متوفر بشكل كامل حتى الآن، رغم كل جهود مؤسسات حقوق الإنسان.

أما الإعلامي محمد اللحام، مسؤول ملف الحريات في نقابة الصحافيين، فقال: "إن النقابة تعمل من خلال طواقمها على رصد كل الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحافيين الفلسطينيين في كل فلسطين، وتزويد الاتحادات الإقليمية والدولية بالتفاصيل شهريًا، ونصف سنويًا، وسنويًا".

ووصف اللحام ملف استهداف الصحافيين بـ"الصعب والشائك"، قائلًا: "هو على رأس أولويات النقابة، التي تعمل بشكل دائم على توثيق كل ما يحدث من أجل رفعها إلى المحافل الدولية، سعيًا لمحاكمة الاحتلال".