صحفيو فلسطين.. في الحلق سكينٌ بحدّين "احتلالٌ" و"انقسام"
تاريخ النشر : 2022-09-25 16:26

غزة:

في الثاني من يونيو/حزيران 2022م، كانت الصحفية الفلسطينية غفران وراسنة (31 عامًا) من مخيم العروب بمدينة الخليل، في طريقها إلى مكان عملها بإذاعة "دريم" الذي تسلمته قبل أيام، لكن طريقها قرب مدخل المخيم انتهت!

جنديٌ إسرائيليٌ قرّر قتلَ ذلك الحلم الصغير، هكذا دون أي مبررٍ أطلق نحوها رصاصة! أو لنقل إنّ كونها فلسطينية جعل السبب موجودًا بالنسبة لشخصٍ جاء من شتات الدنيا ليحتلَّ أرضًا، ويقتل صاحبتها، هكذا بكلِّ برود.

هذا العام، يزورنا اليوم الدولي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني في السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول، وغفران شهيدة، بعد أن لحقت بالصحفية شيرين أبو عاقلة، وقبلهما يوسف أبو حسين في قطاع غزة، وغيرهم العشرات ممن تعرضوا لإصابات لازمتهم مدى الحياة، وغيرهم ممن تهدّمت بيوتهم أو أماكن عملهم.

حتى يوم 18 أغسطس، سجّل تقرير صادر عن نقابة الصحفيين الفلسطينيين، 479 انتهاكًا وجريمة من قبل الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين الفلسطينيين في النصف الأول من العام 2022م، أفظعها اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة في الضفة الغربية.

نقابة الصحافيين، عدّت الاغتيال رسالةً من الاحتلال الإسرائيلي، الذي يضرب بعرض الحائط كل القوانين والمواثيق الدولية، التي تنص على حماية الصحفيين، كما أن وقع اغتيالها كان له أثر واضح على الصحفيين الفلسطينيين كلهم، وكمية الخطر التي أصبحت تحف مهنتهم في فلسطين.

مريم محيسن والدة غفران انتشلت نفسها من دوامة الصدمة بصعوبة، وتحدثت إلى الصحفيين عن ابنتها التي تخرجت عام 2014م من قسم الصحافة الإعلام في جامعة الخليل، لتعمل منذ ذلك الحين بشكلٍ متقطع في عدة إذاعات محلية، فقالت بصوتٍ يرتجف: "كانت غفران تطمح لأن تصبح مراسلة ميدانية توصل صوت شعبها، وما يعيشه في فلسطين، تمامًا كما كانت تفعل شيرين أبو عاقلة، وغيرها من المراسلات".

وإلى جانب إعدام الصحفيتين شيرين أبو عاقلة وغفران وراسنة، أصيب 45 صحفي/ة إصابات مباشرة بالجسد، إلى جانب وجود 18 صحفيًا/ة، ما زالوا رهن الاعتقال لدى الاحتلال الإسرائيلي، آخرهم الصحفية بشرى الطويل التي اعتقلت في مارس من العام الحالي.

والدتها منتهى الطويل تقول لـ"نوى": "ابنتي بشرى تعتقل على خلفية عملها كصحافية، وحتى الأسئلة التي توجه لها أثناء التحقيق متعلقة بعملها الصحفي، هي تعاني كثيرًا في التحقيق، اشتكت من تعرضها لشتائم بألفاظ بذيئة، وصراخ المحققين الدائم في وجهها أثناء التحقيق، لكنها متماسكة وقوية رغم كل شيء".

تضيف: "لم يوجهوا لابنتي أي اتهام، هم فقط يعتقلونها إداريًا، وهذا فعل ينافي القانون الدولي".

يقول نائب رئيس نقابة الصحافيين الفلسطينيين د.تحسين الأسطل: "إن الصحفيين الفلسطينيين، ما زالوا رهينة لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي الذي يمعن بإيذائهم، ويعيق عملهم الصحفي، ويرتكب بحقهم انتهاكات خطيرة، فقد تعمّد اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، وأصاب الصحافيين علي سمودي، وشذا حنايشة، ضمن سياسات صار الاحتلال يتبعها على المستوى العسكري ضد الصحافيين".

وتابع: "نحن نُحيي اليوم الدولي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني بعد أن نقلنا ملف اغتيال أبو عاقلة إلى محكمة الجنايات الدولية، إلى جانب ملف الزملاء يوسف أبو حسين، الذي اغتالته قوات الاحتلال في عدوانها على قطاع غزة عام 2021م، والصحافيين أحمد أبو حسين وياسر مرتجى الذين اغتيلا أثناء مسيرات العودة عام 2018م، إضافة إلى ملفات 21 مؤسسة إعلامية تم تدميرها عام 2021م، في قطاع غزة بشكل كامل.

وكل هذه الجرائم -حسب الأسطل- تستدعي تدخلًا واضحًا من الأمم المتحدة، ومحكمة الجنايات الدولية للتحقيق فيها، وتقديم المنتهكين للعدالة، مطالبًا العالم بالتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين، والصمت عندما يتعلق الأمر بجرائم يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحافيين الفلسطينيين، أو الاكتفاء بعبارات الشجب، والشعور بالقلق التي عفا عليها الزمن.

على المستوى الداخلي، أكد استمرار معاناة الصحافيين نتيجة الانقسام، ووجود نظامين سياسيين وأمنيين، قائلًا: "هناك ضرورة لإنهاء هذه الحالة المستمرة منذ عام 2007م، من أجل توفير مناخ من الحريات".

وأضاف: "نقابة الصحافيين ذاهبة هذا العام لإجراء انتخابات، والجميع مدعو للمشاركة في هذا العرس الديمقراطي الذي يقبل التعددية، وفقًا لإيماننا بحرية الرأي والتعبير وحرية العمل".

ونفى الأسطل أن تكون الملفات التي تذهب إلى الأروقة الدولية يتم "وضعها في الدُّرج"، وإنما هناك فريق قانوني لمتابعتها، "فهي حدثت في أراضي واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي عجز عن تقديم إجابات عن جرائمه، بالتالي تقديم الملف للجنايات الدولية خطوة مهمة، ويتوجب الآن أن تطلب هي تقديم الجناة للعدالة".

وأما عن موضوع اعتقال الصحافيين الفلسطينيين، فهو ملف موجود لدى الأمم المتحدة، وقد سلمه النقيب ناصر أبو بكر -وفقًا للأسطل- الذي عاود المطالبة بالتحقيق فيه من قبل مجلس حقوق الإنسان.