إسلام الأسطل
"عينٌ على مولودتي وأخرى في ورقة الامتحان"، هذا ما كان يحدث حرفيًا مع الطالبة نغم النجار خلال امتحانات الثانوية العامة، بعد أن وضعت مولودتها الأولى فجر امتحان الرياضيات.
فاجأها المخاص السبت، لكن ذلك بالنسبة لها لم يكن عائقًا! قررت استكمال اختباراتها في نفس اليوم، رغم تعرضها لإغماءة بعد الولادة مباشرة.
تقول لـ "نوى" وهي تسترجع تلك اللحظات العصيبة: "كنتُ أثناء المخاض أفكر في اختبار الرياضيات، هل سأتمكن من تقديمه بشكلٍ طبيعي بعد الولادة؟". المدهش في عزيمة رغد أنها وطوال نهار الجمعة "ورغم تقلصات الطلق الغريبة عنها كأمٍ للمرة الأولى، كانت تواصل حل نماذج اختبارات الرياضيات".
تعقب: "كنتُ حريصةً على ألّا أُضيّع فرحتي وفرحة أسرتي بالنجاح في التوجيهي، بقدر حرصي على أن تصل طفلتي إلى الدنيا بسلام".
ظروف غاية في التعقيد عايشتها الفتاة التي كانت طوال الأعوام الماضية من المتفوقات المميزات في مدرستها، لكنها تزوجت قبل أن تدخل الثانوية العامة، وحملت بطفلتها الأولى بعد بدء العام الدراسي.
تضيف: "وجدتُ نفسي أمام اختبارٍ صعب، طوال العام، وكثيرًا ما كنت أفكر: كيف لي أن أوفّق بين دراستي وحياتي التي تغيّرت بفعل الزواج والحمل؟".
تستدرك: "لكنني كنت أرى أن كل الحياة في كفة، وإكمالي لتعليمي الجامعة في كفةٍ أخرى، فثابرت وحاولت التوفيق بين الأمرين، وكنت أنتظم في المدرسة الثانوية بشكلٍ يومي رغم متاعب الحمل وتبعاته، والفضل في ذلك يعود لعائلتي ومساندة أهلي وزوجي".
تضحك الفتاة وهي تستذكر تلك الأيام: "كانت والدتي التي تسكن في نفس الحي تمدني بشكل مستمر بوجبات غذائية لأكرس وقتي الأكبر للدراسة، لا سيما أنني في شهور الحمل الأولى كنتُ أُعاني من ضعفٍ شديدٍ في الدم".
الطالبة الأم نغم كانت تطمح لإكمال دراستها في الفرع العلمي، لكن ظروف الزواج والحمل كانت سببًا في تغيير الفرع، مع التمسك بالتعليم كهدفٍ سامٍ.
تقدمت نغم لامتحان الرياضيات على سرير المستشفى، بعد أربع ساعات من الولادة، متحدية آلام الولادة وتبعاتها. تجربة نغم جعَلتها تؤمن أن الإرادة والتصميم على الوصول إلى الهدف لا تقف أمامها أي معيقات، فلا ألم يمكنه أن يفوق ألم الولادة، "وكيف وأنا كنت أترك طفلتي في الأيام الأولى للولادة وأغيب عنها ساعات الامتحان؟ وفي باقي اليوم أُقسّم وقتي بين طفلتي واستكمال الدراسة استعدادًا للامتحان اللاحق!" تتابع.
الفرحة اليوم في منزل نغم ضُربت في اثنين بعد أن تخطت الثانوية العامة، وأصبحت أمًا في ذات الوقت، ورغم أنها غير متيقنة من التخصص الذي تريد أن تكمل به دراستها الجامعية، إلا أنها على يقين بأنها ستسمر في طريق النجاح رغم أي عثرات، "فمن يجتاز ما اجتزته لا يمكن أن يثبط طموحه شيء" تختم.