نحو استراتيجية مقاومة تضمن المشاركة السياسية والاقتصادية للنساء
تاريخ النشر : 2022-07-01 22:14

رام الله:

"إننا نتطلع إلى تحقيق تكاملية في أدوات النضال تجمع بين المشاركة السياسية الفاعلة للمرأة الفلسطينية وتعزز الاقتصاد الانعتاقي المقاوم لها انطلاقًا من كوننا ما زلنا نعيش مرحلة تحرر وطني".

كانت هذا أبرز ما جاء في جلسة حوارية عبر تطبيق زوم عقدها مركز الأبحاث والدراسات السياسية والاستراتيجية "مسارات" بعنوان "محاور الوثيقة الاستراتيجية للعمل النسوي المشترك"، وتأتي ضمن الجلسات الحوارية التي ينفذها مسارات ضمن برنامج المرأة في صنع السلام الذي تنفذه مسارات بالتعاون مع مؤسسة مارتي اهتيساري.

وتحدثت في بداية الجلسة المحللة السياسية نور عودة والتي تعكف على بناء محاور الوثيقة إن هذا اللقاء يهدف إلى نقاش الآليات اللازمة لضمان التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي للنساء الفلسطينيات، في ظل حالة الاحتلال الذي يحدّ من مشاركتهن في الجانبين، وحالة شبه انعدام لفرص العمل للنساء في سوق العمل وغياب الأمن الاجتماعي وتكافؤ الفرص.

الحاضرات من قياديات نسوية وسياسية أكدن أنه لا يمكن فصل المشاركة السياسية عن الاقتصادية، فهذه المشاركة ارتبطت دومًا بوجود الاحتلال، وظهرت أشكال من المشاركة السياسية والمقاومة الاقتصادية منذ القِدم واتضح جليًا في فترة الثمانينات، بالتالي فإن محطتنا الحالية هي مرحلة سن تشريعات وضمان مشاركة أوسع عبر استراتيجية نسوية موحدة عابرة للحزبية.

خالدة جرار عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية قالت إننا بحاجة إلى استراتيجية نسوية شاملة تأخذ بالاعتبار الواقع الاستعماري وتجلياته وتواجه المنظومة الحاكمة، فتطوير المشاركة السياسية للنساء محفوفة بمخاطر الملاحقة من الاحتلال الإسرائيلي، لذا يلزمنا نقاش كيف نقيم المشاركة السياسية للنساء في السياق الاستعماري الاحتلالي.

وعلى مستوى المشاركة الداخلية- توضح جرار- إنها ديكورية وهذا يضع مسؤولية على الأحزاب وصناع القرار، هناك تغييب للنساء، وهناك نساء يواجهن مضايقات، آخرها الاعتداء الذي تعرضت له موظفة في السفارة الفلسطينية في نيكاراجوا من قبل السفير ولم يتضامن معها أحد بل تم ملاحقة الصحفية التي نشرت، ناهيك عن اعتداءات الأمن على نساء شاركن في فعاليات سياسية.

وفي الجانب الاقتصادي ترى جرار إننا بحاجة إلى نقاشه في إطاره العبر قطاعي، فنحن نخضع لاقتصاد السوق وهو ليبرالي رأسمالي، يزيد الفقراء فقرًا وخاصة النساء، واقتصاد السلطة قائم على المحسوبية والزبائنية عمليًا خدماتي لا يسمح للفقراء بالنهوض، فالسؤال كيف نعزز تنمية مقاوِمة تكون النساء فيها جزءًا من المشاركة الاقتصادية.

أما الناشطة النسوية أمل خريشة فقالت إن لدينا محددات تضعف المشاركة السياسية للنساء أهمها ضعف الحركة الوطنية وعدم وضوح طبيعة المرحلة وعملية التفسخ للبنى الحزبية وبنى منظمة التحرير وكل النظام السياسي الفلسطيني فيه إشكالية انعكست على الجميع وأدت إلى تمحور القرارات في هيئة صغيرة تختزل العمل السياسي في نخب لا علاقة لها بالجمهور.

وتابعت أن الاستراتيجية النسوية يجب أن نتعامل معها كنساء بوجود تحالف سياسي تحرري مقاوم غير مرتبط بعمل مؤسسات المجتمع المدني، وتعبئة بناء جسم نسوي ضاغط مع فئات شبابية باتجاه تعزيز المقاومة وشرعيتها تحدث تأثيرًا على الخطاب السائد وتدفع باتجاه إعادة بناء منظمة التحرير وإنهاء الانقسام.

وفي الجانب الاقتصادي أكدت خريشة الحاجة إلى تنمية اقتصاد انعتاقي يعزز الصمود ويواجه اقتصاد الاحتلال، فنحن بحاجة إلى دعم حركة المقاطعة الدولية لبضائع الاحتلال إعلاميًا وشعبيًا عبر خطة عابرة للانتماء الحزبي.

من جانبها قالت وفاء عبد الرحمن مديرة مؤسسة فلسطينيات ورئيسة تحرير شبكة نوى إن تطوير كفاءة برامج تعزيز المشاركة السياسية هي بخلق ائتلافات، فالعمل المنفرد لا يحقق نتائج قادرة على الاختراق.

وترى عبد الرحمن أن أحد الأدوات التي تنقصنا هي الرقابة على قرارات النظام السياسي، فالجميع يتغنى بقرارات المجلس المركزي المتعلقة بالنساء، ولكن هناك قرارات تم اغفالها مثل المرسوم الرئاسي لعام 2006 حول مشاركة النساء في المفاوضات والمصالحة اقرارًا- وتبنياً لقرار 1325) فنحن ليس فقط لم نتمسك به أداة ضغط، بل الأسوأ أن غالبية الحركة النسوية لا تعلم به!

واقترحت إعادة نشر القرار، والضغط باتجاه تنفيذه إلى جانب القرارات الأخرى (لأنه أيضاً يتحدث عن المشاركة في عمليات صنع القرار وليس فقط المفاوضات والمصالحة)، فنحن بحاجة لمراقبة ورصد دائم لقرارات مجلس الوزراء، وتحليلها (كثيرة هي قرارات الحكومة التي تمر دون انبتاه من النساء وتقصيها، أقلها تشكيل الهيئات واللجان حيث تمثيلنا الشكلاني، مروراً بقرارات رفع رسوم التقاضي- رغم إلغائه، وصولًا لتجاهل إخراج قانون حماية الأسرة).

واقترحت تشكيل وحدة رصد وتحليل خاصة بالنساء ويمكن الاتفاق على تفاصيلها وهدفها وتوزيع مهماتها.

أما الباحثة نيروز قرموط فقالت إن تعميق مفهوم المقاومة يشتبك عمومًا بتعريف وجود الفلسطيني على أرضه ويعرّف آليات المشاركة السياسية فيجب بناء مفاهيم فكرية منها تخرج خطط وآليات عمل فهناك ضبابية حول تعريف المفاهيم بدقة، نحتاج إلى تعريف المفاهيم بدقة كي تخرجنا من حالة ضبابية العمل.

وتابعت قرموط إنها مع حالة ممنهجة تخرج بخطة مواجهة شاملة ومباشرة يرافقها حملات إعلامية لرصد الخلل بشكل دقيق يدفع باتجاه حملات مناصرة مؤثرة وتبادلية من الخارج إلى الداخل والعكس، وتفعيل النظام القضائي بقراءة جندرية تطالب بالحماية القانونية من خلال منع اقتحام الخصوصيات وممارسة العنف، فنحن نتطلع إلى دور سياسي وليس دور طليعي فقط، وأقترح نموذج محدد من حق كل مواطن فلسطيني التمتع به وهو حق الحركة.

وتابعت قرموط إن الاقتصاد السائد فيه نسبة تضخم عالية، ولا يوفر الحماية للنساء ولا للشباب، فنحن بحاجة إلى اقتصاد يقوم على الإبداع في ابتكار المهن وليس فقط عبر التعليم المهني وهنا نطال ببرامج حقيقية ترصد الإبداعات النسوية والشبابية وتنميها، في الضفة مجتمع قروي نبحث أين احتياجاته وقطاع غزة تم تجريف غالبية الأراضي الزراعية فيجب البحث في كيفية تنميته.

وقالت معالي برقاوي إن التمكين الاقتصادي للنساء غير منفصل عن التمكين السياسي، فالعلاقة مترابطة والحركة النسوية وعلاقتها بالنقابات مثال على التكاملية بين المؤسسات النسوية، والتمكين الاقتصادي كما التمكين السياسي يحتاج إلى التمكين في مراكز صنع قرار اقتصادية وقوانين تكاملية المؤسسات أيضًا.

وأضافت إن التمكين الاقتصادي له عدة مستويات بحاجة إلى تمكين مشاريع ودورات وجسم حامي للنساء صانعات القرار بمناصب نمطية مطلوب الخروج من هذه النمطية التي تتغلب على رأس المال الذكوري، والوزارات يجب أن تخرج من نمطية الوظائف البسيطة والعمل على استراتيجيات كبيرة تدخل النساء بمواقع صناعة القرار الاقتصادي.