زبدية الذرة.. فكرة مختلفة لجذب عشاق البحر بغزة
تاريخ النشر : 2022-03-03 11:20

"واااو" صرخت بسمة صيام بينما ارتفعت الشوكة التي تحملها بالجبن الذائب على امتداد ذراعها. "في الحقيقة، إن المشهد مثاليٌ لتصوير إعلان" تقول ل"نوى" وتستدرك ضاحكةً: "مش مشكلة، الجايات أكثر".

الشابة التي تصف نفسها بمدمنة الذرة، وجدت غايتها هنا على شاطئ بحر مدينة غزة، قرب مجموعةٍ من الفنادق الفخمة!

في كشكٍ صغير، يقدم أبو عبد الله لزبائنه عشاق الذرة "عشقهم" في زبدية فخارية بمكوناتٍ شهية ومختلفة في آنٍ معًا.. ذرة، وبودرة الشطة، ورشة الليمون مع الزبدة والجبن، توضع معًا في زبدية، ثم تستقر في فرن صغير بضع ثوانٍ حتى تذوب وتندمج معًا.. ما القصة؟ هذا ما يحكيه لنا فادي العمري صاحب فكرة زبدية الذرة.

أراد الرجل الذي يكنى بعبد الله تطوير عمله، بعد انتشار أكشاك بيع الذرة في كل مكان، ما جعله يبحث عن طرق جديدة، تصنع الفرق وتجذب الزبائن.

ورغم عدم تيقنه من مستوى الإقبال مع بدء الفكرة، إلا أنه قرر أن يجرّب، "وأن ما يلي على الله" وفق تعبيره.

 يقول: "كانت البداية غريبة على الزبائن، لكن ثقتهم بي كانت كفيلة بأن يتذوقوا الزبدية دون أي تردد".

يعمل أبو عبد الله (٣٨ عامًا) منذ طفولته في بيع الذرة على الشاطئ، فهي عمله الذي لا يعرف له بديل، وقد ازداد الإقبال على كشكه بعد أن تعرض للإغلاق من قبل بلدية غزة، كأحد أشكال التضامن.

اليوم يصف أبو عبد الله نفسه ب"ملك الزبدية" في قطاع غزة، فهذه الفكرة هي التي أضافت لقائمة زبائنه عددًا كبيرًا من عشاق الذرة والجبن معًا.

يقول بينما يواصل عمله في تجهيز زبديةٍ من الذرة: "كل شيء في الحياة يتطور، فلماذا لا نطور من شكل تقديم الذرة؟ لماذا علينا أن نأكلها دائمًا مسلوقة أو مشوية؟"، متابعًا بابتسامة الواثق: "بصراحة لا أعرف إلى أين ستقودني أفكاري خلال الفترة القادمة".

وعن زبديته الشهيرة، يكمل: "بدأت أبحث وأفكر في إضافة نكهات وأشكال مختلفة لترويج الذرة، فكانت البداية بالطريقة الصينية داخل الفرن، وبعدها الطريقة السورية التي تسمى "المسحب"، إلى أن وصلت لـ ابتكار زبدية الذرة التي لاقت إقبالًا شديدًا، ولا أبالغ إذا قلت إن الزبائن يأتون إلى كشكي من كل صوب وحدب، للاستمتاع بمذاقها المختلف".

يبيع أبو عبد الله زبدية الذرة بخمسة شواقل، شاملة الجلوس في المكان الذي يطل على شاطئ البحر، وتناولها في أجواء مميزة.

يبدو ملك الزبدية كما يصف نفسه فخوراً بما حظيت به زبديته من شهرة واسعة، وهو الذي يصنعها بأكثر من مذاق، فتجدها لديه بالزبدة والليمون، أو بالجبنة، وقد تكون بالشطة الحارة، فلكل صنف زبائنه، "لا سيما وأن أبو عبد الله لا يأخذ سوى ثمن الزبدية، ويسمح للزبائن بالجلوس على الطاولات والكراسي المرافقة للكشك دون أجر ليستمتعوا بمشهد الشاطئ، بالتزامن مع تناولهم ذرة الزبدية اللذيذة.

في فصل الصيف يعمل مع أبي عبد الله ما يزيد على عشرة عمال، ليتمكنوا من تغطية طلبات الزبائن، "أما في فصل الشتاء فيمكن السيطرة، إذ يتقاسم العمل مع أبو تامر، الشاب أبو عمرة الذي يعمل في الفترة الصباحية بمساعدة عامل واحد، بينما يبدأ أبو عبد الله العمل مساءً.

لا يخفي أبو تامر أنه يضطر أحيانًا لاستخدام الذرة المثلجة، في الفترة ما بين منتصف شهر يناير وحتى بداية نيسان/ إبريل، فيما يعمل أبو عبد الله باقي العام من خلال استئجار أرض مزروعة بالذرة.

ويعدُّ بيع الذرة أحد أشكال محاربة البطالة والحصول على رزق بسيط لكثير من الشباب العاطلين عن العمل، وهو ما يتطلب تميزًا وجد أبو عبد الله نفسه مضطراً إليه؛ للحفاظ على زبائنه، وجذب المزيد منهم، خاصةً وأن أسعاره في متناول الجميع.