"قانون حماية الأسرة".. هل تسمع الحكومة الصوت؟
تاريخ النشر : 2022-03-03 08:57

غزة- رام الله:

طالبت مشاركات في مؤتمرٍ نسوي، عقده منتدى المنظمات الأهلية، وتحالف "أمل" لمناهضة العنف ضد المرأة، بضرورة الإسراع في إقرار القوانين والتشريعات التي تحمي النساء، وعلى رأسها قانون حماية الأسرة.

ونادى المؤتمر الذي حمل عنوان "حماية الأسرة استحقاق وطني: تجارب ودروس" بحق الاستجابة المستعجلة من قبل مجلس الوزراء، ومعرفة أسباب تأخر إقراره للقانون المذكور حتى اليوم، داعيًا إلى حراكٍ شعبي نسوي موحد، للضغط من أجل الوصول إلى قوانين حامية للمرأة والأسرة، وتشكيل لجان تلتقي بالأمناء العامين للفصائل، وممثلي الحكومة، وتغطية اللقاءات إعلاميًا بشكل متتابع.

المؤتمر الذي عقد تزامنًا بين الضفة الغربية وقطاع غزة، تضمّن عدة جلسات، تحدثت في الأولى منها د.آمال حمد عن واقع المرأة الفلسطينية، التي تخوض نضالًا وطنيًا ضد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته في قطاع غزة المحاصر، وفي الشيخ جرّاح، وبيتا، وغيرها من المناطق، إضافةً إلى نضالٍ مجتمعيٍ ضد العنف، "كانت آخر ضحاياه السيدة نهى اخزيق، التي قتلت على يد زوجها".

وشددت حمد على سعي الوزارة لضمان مجموعة من التشريعات، التي تتضمن سياسات وإجراءات وقاية للحد من العنف ضد النساء، "وذلك من خلال التوعية، وتغيير ثقافة المجتمع، التي ما زالت للأسف تتقبل العنف، وتعدّه أحد أساليب التريبة وتقويم سلوك أفراد الأسرة، تبعًا لمفاهيم مغلوطة وموازين قوى مختلة داخل المجتمع"، وهذا –وفقًا لحمد- يتطلب من ضحايا العنف الإبلاغ عن المعنفين، وطلب الحماية من الجهات ذات العلاقة، لتوفير الحماية انسجامًا مع القوانين التي وقّعت عليها دولة فلسطين.

وتحدثت حمد عن سعي الوزارة الدؤوب لإقرار قانون حماية الأسرة، مشيرةً إلى أن مجلس الوزراء لديه جدّية بهذا الشأن باعتباره جزءًا من منظومة الحماية الاجتماعية، قائلةً: "سنعيد توجيه الرسالة للمجلس بما يتعلق بقضية الضمان الاجتماعي، وإعفاء النساء ضحايا العنف من رسوم وتكاليف العلاج، وتفعيل نظام التحويل الوطني للنساء المعنفات".

من جانبها قدمت المحامية زينب الغنيمي كلمة المنتدى والتحالف، التي قالت فيها: "إن انعقاد المؤتمر يأتي على شرف يوم المرأة العالمي"، ملفتةً إلى أهمية مواصلة الجهود لإقرار مشروع قانون حماية الأسرة من العنف.

وأشارت إلى المعاناة التي تعيشها النساء بسبب انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، "إضافة إلى الآثار السلبية التي نتجت عن تعطّل عمل المجلس التشريعي، وتحديدًا ما يتعلق بغياب التشريعات القانونية الحامية للمرأة".

وأضافت: "هذا الواقع انعكس سلبًا على النساء على كافة المستويات؛ فرغم ما قدمته المرأة من تضحيات، إلا أن ذلك لم يسهم في الارتقاء بمكانتها على مستوى الأسرة والمجتمع، ولم يشكل حماية لها"، مستدركةً: "بل بقيت مكانتها متدنية اجتماعيًا، وسياسيًا، وقانونيًا، باعتبارها الأضعف في المجتمع، وتغيير هذه المكانة مرتبط بتطوير الوضع القانوني لها، على أساس المساواة والعدالة الاجتماعية".

لذا فإن توجهاتنا -والحديث للغنيمي- تكمن في الضغط بكافة الأدوات لإقرار قانون حماية الأسرة من العنف، باعتباره خطوة أساسية وضرورية للحد منه تجاه جميع أفراد الأسرة، بما فيهم النساء اللواتي يتعرّضن لعنفٍ متزايد وفق تقارير المؤسسات الأهلية والنسوية والتقارير الرسمية أيضًا، "في ظل صمت السلطة الفلسطينية، وامتناعها عن إقرار القانون حتى الآن".

وخلال الجلسة الثانية؛ التي كانت تحت عنوان "تجارب إقليمية في تطبيق قانون حماية الأسرة من العنف"، جرى استعراض تجارب عدة دول عربية هي: الأردن، ولبنان، وتونس، والمغرب، وفلسطين.

ووفقًا لبيان المنتدى، فقد ساقت الناشطة الأردنية نادية شمروخ تجربة بلادها؛ إذ أقرت قانونًا لحماية الأسرة عام 2008م، مشيرةً إلى حراك الحركة النسوية الأردنية، لإجراء تعديلات عليه خلال السنوات القليلة الماضية، "نتيجة وجود ثغرات فيه"، و"بالفعل تحققت بعض المطالب".

وقدمت الناشطة اللبنانية عايدة نصر الله، شرحًا عن تجربة بلادها فيما يتعلق بقانون حماية النساء من العنف، "حيث ما تزال النساء اللبنانيات تعانين من مكانة دونية، وصورة نمطية سلبية"، مشيرةً إلى إجراء بعض التعديلات على القانون عام 2020م.

وركزت الناشطة التونسية حفيظة شقير، على ما يتعلق بإقرار قانون شامل في بلادها لتجريم العنف بشكل عام والقضاء عليه، مبيّنةً أن النضال لإعداد القانون وإقراره، تواصل على مدار 30 عامًا، "ومن ضمن مزاياه، تعريفه للعنف تبعًا للمعايير الدولية" تقول.

وتناولت الناشطة المغربية مليكة غبار، دور الحركة النسوية المغربية لإقرار قانون مناهضة العنف ضد النساء، مستعرضةً جانبًا من مساعيها (الحركة النسوية) لتحسين واقع المرأة، وانتزاع حقوقها على مختلف الأصعدة.

وفي ختام الجلسة الثانية، تحدثت صباح سلامة منسقة منتدى المنظمات الأهلية لمناهضة العنف عن جهود المنتدى لإقرار قانون حماية الأسرة من العنف، متطرقةً إلى الجهود التي بُذِلَت منذ تبلورت فكرة القانون عام 2004م، "بالبحث والتحضير، ووضعه على طاولة مجلس الوزراء عام 2010م، حين تم تسليمه إلى وزارتي الشؤون الاجتماعية والمرأة، وتم إدراجه على طاولة مجلس الوزراء منذ عام 2011م، ورفع مسودة حوله للرئيس عام 2018م، أعادها بدوره إلى المجلس لوضع الملاحظات عليها، "وما زالت مسودة القانون تراوح مكانها، رغم أن هذا النهج لم يطبق على أي مسودة قانون أخرى".

وقدمت سلامة نبذة عن مشروع القانون الذي يتألف من 52 مادة، تبدأ بالتشريعات التي يجب الرجوع إليها في صياغة المواد، والتعريفات، والأهداف التي تبدأ بالحفاظ على النسيج الاجتماعي، وتصل لمحاسبة المعتدين على جرائمهم، ملفتةً إلى أن جملة معيقات تقف في وجهه، وأبرزها غياب الإرادة لدى صانع القرار.

وأوصت سلامة بالمزيد من الضغط على صناع القرار، في سبيل إقرار القانون، "وعلى السلطة، ومؤسساتها كافة"، من خلال تبيان بأهمية العمل على بناء سياسات واستراتيجيات تقي من العنف، والوصول إلى أكبر عدد من شرائح المجتمع، مناديةً بضرورة توسيع دائرة التحالفات لمساندة القانون.