متقاعدون "قسرًا" يلوّحون باللجوء إلى "القضاء الدولي"
تاريخ النشر : 2022-02-06 21:43

غزة:

"لم يعد التوجه إلى القضاء الدولي مستبعدًا" بنبرة غضب قالها يعقوب زروق ممثل الحملة الشعبية لإلغاء التقاعد القسري، خلال مداخلته في ورشة عمل عُقدت اليوم، تحت عنوان: "التقاعد القسري لموظفي القطاع العام بغزة"، بالتزامن مع انعقاد جلسة المجلس المركزي الفلسطيني في مدينة رام الله.

وتابع زروق مخاطبًا الحضور في الورشة التي نظمتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، بالتعاون مع الحملة الشعبية لإلغاء التقاعد القسري: "كل الطرق مفتوحة لتحصيل حقوق الموظفين اليوم، الآلاف من الغارقين في دوامة الظلم لن يسكتوا عن حقوقهم بعد اليوم".

وطُبّق "التقاعد القسري" في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق رامي الحمد الله عام 2014م، عندما أحيل آلاف الموظفين في السلطة الفلسطينية إلى التقاعد بموجب مرسوم رئاسي، شمل في البداية المئات، وتزايد تدريجيًا حتى وصل عدد ضحاياه إلى نحو 40 ألف موظفة وموظف، من القطاعين المدني والعسكري في قطاع غزة.

حضور الورشة -ومعظمهم من متضرري التقاعد العسكري- بدا على ملامحهم الغضب وهم يحكون "كيف تأثرت ظروفهم المعيشية سلبًا بهذا القرار؟"، إذ إنهم رتبوا أولويات حياتهم بموجب رواتبهم الأساسية، لكن هذا القرار تسبب في تدهور أوضاعهم الاقتصادية، والصحية أيضًا، كون التأمين الصحي لم يشملهم.

وأوصى الحضور بضرورة توجيه رسالة مستعجلة، تشدد على ضرورة رفض هذا القرار، والتحرّك ضده، بالإضافة إلى تكثيف الجهود القانونية لمواجهته، ابتداءًا بالتقدم بشكوى قانونية لدى المحاكم الفلسطينية، وليس انتهاءً بتوحيد قوانين التقاعد في فلسطين، بحيث تشمل كل الموظفين وبشكل عادل دون تمييز.

وقالت نسمة الحلبي منسقة الإعلام في الهيئة المستقلة، في مطلع مداخلتها: "التقاعد القسري للموظفين الذي أتى بموجب المرسوم الرئاسي رقم 9 لعام 2017م، وفي ظل غياب المجلس التشريعي الفلسطيني لم يخضع للنقاش، سواءً برلمانيًا، أو حتى في إطار المجتمع المدني، فهو غير قانوني، وقد انطوى على العديد من الانتهاكات، والآثار السلبية التي طالت الموظفين، اقتصاديًا، واجتماعيًا، وصحيًا".

وتضيف الحلبي -التي كانت تدير الورشة أيضًا: "المرسوم ينضوي على انتهاكات للقانون الأساسي الفلسطيني، وللاتفاقيات التي تنضم إلها السلطة الفلسطينية، وأبرزها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، خاصةً وأنه يأتي في وقتٍ يشهد فيه قطاع غزة المزيد من التدهور في أوضاعه الاقتصادية، وما يزال يرزخ تحت استعمار طويل الأمد".

بدوره، أكد منسق وحدة المناصرة المجتمعية في الهيئة مصطفى إبراهيم، أن الحملة مستمرة في عملها منذ عام 2017م، " وهذا اللقاء يأتي في إطار إلقاء الضوء من جديد على القضية، فالهيئة لم تستنفد جهودها في دعم متضرري التقاعد القسري، وستواصل حتى نيل حقوقهم، رغم أن كل مخاطباتها للرئاسة والحكومة الفلسطينية كان يتم الرد عليها دومًا بشكل شفوي وليس مكتوبًا، وبلا نتيجة".

وعرج إبراهيم إلى الحديث عن القضية من بدايتها، "حين تم تبرير القرار عام 2017م بأنه جاء للضغط على حركة حماس من أجل إتمام المصالحة"، "لكن الحقيقة أن ما حدث هو تمييز واضح ضد موظفي القطاع العام في غزة، ضمن تجاوز للمادة رقم 9 من القانون الأساسي التي تنص على عدم التمييز بين الموظفين" يستدرك.

القرار منذ بدايته شمل المئات، لكنه سرعان ما طال 40 ألف موظف وموظفة، بين 18 ألفًا من القطاع العسكري، الذين وصلت نسبة الخصومات إلى 50% من رواتبهم الأساسية، "وهو ما انعكس على واقعهم المعيشي (..) بعضهم لديه قروض للبنوك، وآخرون لديهم أبناء في الجامعات، لم يعد بمقدورهم سداد التزاماتهم الاجتماعية، الأصل أن التقاعد وجد لحماية الموظف وعائلته عند بلوغ سن معين، لكن ما حدث انتهاك لحقوقهم، وتأتي هذه الورشة لتسليط الضوء على القضية وإعادة المطالبة بحقوقهم في ظل انعقاد جلسة المجلس المركزي اليوم.

عودة إلى زروق -وهو أحد المتضررين وممثلهم في الحملة الشعبية- الذي قال: "إن موظفي القطاع العام أصيبوا بثلاث نكبات، أولاها الانقسام عام 2007م، وثانيها إلغاء العلاوات التي هي حق لهم عام 2014م، ثم التقاعد المالي عام 2017م".

وبالرغم من أنهم جميعًا التزموا بالقرارات التي يصدرها الرئيس محمود عباس، إلا أن الأصعب كان يتعلق بقرار خصومات العلاوات، التي أُقرت خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014م ، حيث تم الخصم بدلًا من تعزيز الصمود.

وحملت لهجة زروق الكثير من اللوم والعتب وهو يخاطب الحضور من حوله: "بدأنا العمل مع بداية السلطة الفلسطينية، وقضينا شبابنا فيها، وعلى أكتافنا بنينا المؤسسات التي نهضت، فلماذا الآن يتم معاملتنا بهذه الطريقة وإلقائنا في الشارع؟".

وأشار إلى أنهم (المتقاعدين العسكريين) على مدار سنوات طوال، كانوا يسألون عن التمييز وسببه في البداية، ليكون الرد المستمر: "خطأ فني"، ثم يُتبَعُ لاحقًا بمبرر: "ضغط من أجل إنهاء الانقسام"، لتأتي النهاية فظة على هيئة "لوم" للمتقاعدين قسرًا، بدعوى أنهم لم يحموا مقراتهم أثناء أحداث الانقسام عام 2007م!

يكمل زروق بصيغة الاستنكار: "الإجابة الجديدة حول التقاعد القسري تقول: "إنها أزمة مالية، فهل الأزمة المالية تشمل جزءًا من الوطن دون غيره؟ ثم هل يعقل أن يتم إحالة عدد كبير من أبناء سن الشباب إلى التقاعد؟!".

ويعقب: "توجهنا إلى القضاء الفلسطيني لثقتتنا بإنصافه، لكننا لا نستبعد اللجوء للقضاء الدولي هذه المرة"، مشددًا على التوصية الأساسية التي خرجت بها الورشة ومفادها: "إعادة إرسال رسالة رسمية للرئيس محمود عباس، والعمل مع المؤسسات الحقوقية من أجل إلغاء هذا القرار، وترك خيار التقاعد متاحًا لمن أراد من منطلق حريته الشخصية الكاملة".