الإعلام الجديد.. ساحة "البلبَلة" في 2021م
تاريخ النشر : 2022-01-10 17:55

غزة:

"والدي الأسير فؤاد الشوبكي على قيد الحياة (..) ندعو لتوخّي الدقة في نقل المعلومات" هذا ما نشرته آية على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، ردًا على شائعاتٍ جابت الفضاء الأزرق العام الماضي، حول استشهاد والدها داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد مرض.

منشورات شبيهة، تناقلها نشطاء إبّان إضراب الأسير الفلسطيني مقداد القواسمي عن الطعام، ونفتها عائلته بنفس الطريقة، ناهيك عن صورٍ وأخبار أخرى انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في مايو/ آيار الماضي، وتناقلها المواطنون دون تحققٍ من مكانها وزمان وقوعها، أو حتى الأسماء الواردة فيها.

والحقيقة أن وسائل التواصل الاجتماعي، كانت العام الماضي أرضًا خصبةً للبلبلة التي صنعتها منشورات لم يتحقق أصحابها من صحتها: أخبار مفبركة، وبالونات اختبار "إسرائيلية" المصدر، وصور قديمة مرفقة بمعلومات عن حوادث أخرى، قد تكون وقعت في أماكن أخرى أيضًا!

هذا الواقع تابعته العديد من مواقع التحقق، وكشف الأخبار غير الدقيقة، والشائعات، مثل "تيقن" و"كاشف" و"مسبار"، التي كانت تخرج يوميًا بتقارير توضح حقيقتها وحيثيات وقوعها.

وفي حصاد عام 2021م، نشر موقع "تيقن" إحصائيات الأخبار التي تابعها من خلال فريق محرريه ومحرراته، ورصد فيها 500 شائعة صُنّفت بأنها "أخبار مفبركة ومضللة وغير دقيقة ومنفية"، منها 350 تخص الشأن الفلسطيني، و150  أخرى، تتعلق في الشأن الدولي.

تقول بتول كوسا المحررة في "تيقن" لـ"نوى": "يرصد فريق الموقع سنويًا ما بين 500 و650 شائعة في مواقع التواصل الاجتماعي؛ وحتى في بعض المواقع الجادة منذ عام 2017م"، ملفتةً إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي، ساهمت كثيرًا في انتشار الأخبار المشكوك فيها، وهو الأمر الذي يدفع الفريق للتحقق وراء الكثير من المعلومات.

وفي الوقت الذي تعد فيه ظاهرة الشائعات "عالمية"،ويمكن رصدها بنسب شبه ثابتة سنويًا، "إلا أن الأمر يزيد، وتتفاقم خطورته في أوقات الحروب، لا سيما على غزة، حيث تنتشر الكثير من الصور والمعلومات غير الدقيقة" تضيف بتول.

ووفقًا لها، فإن غياب المعلومات من قبل الجهات الرسمية، هو أحد أسباب انتشار الشائعات إلى جانب عدم وضوح المعلومات التي تنشرها هذه الجهات أيضًا، "فهي تفتح مجالًا للمتلقي للنشر وفقًا لسوء فهمه"، منبهةً إلى الكثير من المعوقات التي تواجههم أثناء عملية التحقق، وعلى رأسها: صعوبة البحث على الإنترنت لعدم وجود معلومات عن الحادثة التي يتم التحقق منها، وثانيًا ضعف تعاون الجهات الرسمية في كثير من الأحيان، ما يصعّب عملية التحقق.

وتوصي بتول كافة الجهات، سواءً الصحافيين، أو المستخدمين العاديين لمواقع التواصل، بالتأني قبل النشر، والتدرب على استراتيجية تتبع المعلومات بالنسبة للصحافيين، مشيرةً إلى أن فريق "تيقن" عقد خلال المرحلة الماضية عدة دورات لطلبة الإعلام، وتعاون مع مؤسسات إعلامية عديدة للتدريب على منهجية التحقق.

أما عميدة كلية الإعلام والاتصال في جامعة فلسطين د.حنان العكلوك، فقالت بدورها: "إن السبب الرئيس وراء انتشار الشائعات عبر منصات التواصل الاجتماعي، أنها حرة، وبالتالي يستطيع الفرد أن ينشر ما يريد، بعيدًا عن أساسيات النشر، أو مقص الرقيب".

ولوسائل التواصل الاجتماعي خصائص –حسب العلكلوك- من بينها أنها "تفتح المجال واسعًا لمروجي الشائعات، لا سيما في ظل قلة المعلومات التي تدلي بها الجهات الرسمية"، مشددةً على دور الصحافيين، وواجبهم المهني في هذه الحالة، "بنسب الأخبار إلى مصادرها، كمساهمةٍ في محاربة الشائعات".

وتكمل: "من المهم أيضًا أن تساهم المؤسسات الإعلامية والأكاديمية، في زيادة الوعي بضرورة محاربة الشائعة، وتوجيه الجمهور نحو التحقق من الأخبار (..) هناك مسؤولية أخلاقية واجتماعية على الجميع أن يتحلى بها، لا سيما وأن للشائعات آثار سلبية قد تضر بالمجتمع في معظم الأحيان".