الفساد المبني على النوع الاجتماعي على طاولة "أمان"
تاريخ النشر : 2022-01-03 11:47

غزة:

"اتخاذ التدابير الوقائية لمكافحة الفساد المبني على النوع الاجتماعي، ورفع مستوى الوعي بخصوصه"، كانت أبرز التوصيات التي خرج بها مشاركون في جلسة نقاشٍ نظمها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" أمس.

الجلسة التي حملت عنوان "نحو مواجهة الفساد المبني على النوع الاجتماعي"، طالبت بمواءمة القوانين والتشريعات، لتحمي النساء من الفئات الهشة من الوقوع ضحية الاستغلال، لا سيما الاستغلال "الجنسي"، داعيةً إلى تكاتف جهود المؤسسات لمواجهته، ورفع الوعي المجتمعي باتجاه منع حدوثه، واعتماد آلية واضحة للشكاوى بخصوصه.

وأعرب المشاركون عن استهجانهم عدم إدراج هذا المستوى من استغلال المنصب، كأحد أشكال الفساد حتى يومنا هذا، ملفتين إلى أن العادات والتقاليد ما زالت تجبر النساء على الصمت حيال تعرضهن لمثل هذا النوع من الاستغلال، خشية أن يُلحق الإفصاح بهنّ أذى.

وقدمت منسقة وحدة الرصد والدراسات في الائتلاف، هداية شمعون، ورقة عمل بعنوان: "نحو مواجهة الفساد المبني على النوع الاجتماعي"، تضمنت مراجعةً للاستراتيجيات القطاعية للتنمية الاجتماعية، وهدفت إلى تحديد أشكال الفساد المبني على النوع الاجتماعي، عبر عدة آليات أبرزها المقابلات الشخصية.

ووفق الورقة، لم يتم التطرق لمؤشرات الحد من الفساد في توفير الخدمات، إلا أن مراجعة التدخلات المقترحة، بينت وجود العديد من التدخلات التي تركز على تعزيز منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة، "ويتم تأكيد ذلك من خلال اللقاءات مع موظفي وزارة التنمية الاجتماعية الذين كان لهم دور في تطوير الخطة".

وأكدت الورقة التي قدمتها شمعون، عدم وجود أي تدخلات تتعلق بالحد من مظاهر الفساد المبني على النوع الاجتماعي، بما فيها الابتزاز الجنسي، سواءً تلك التي تستهدف موظفي الوزارة، أو الشركاء الآخرين ذوي العلاقة، أو المستفيدات من خدمات الوزارة.

وأظهرت الورقة أن حالات الإبلاغ عن الابتزاز الجنسي نادرة جدًا، بالنظر إلى نظام تقديم الشكاوى لدى الوزارة، "وقد يعود ذلك لحساسية الموضوع، كون الابتزاز الجنسي لا ينعكس فقط على المبتز، ولكن يتعداه ليشكل أزمةً عائلية يعيشها جميع أفراد العائلة، فتعاني المعتدى عليها من عدم ثقة البيئة المحيطة بها، أو قلة الدعم لها، مما يجعلها تلجأ للصمت".

ولم تتضمن الاستراتيجية -حسب شمعون- خطةً تنفيذية مفصّلة تعكس دورها في المساهمة بتحقيق السياسات والأولويات لأجندة السياسات الوطنية، ولا موازنات مخصصّة للتدخلات التي تُعزز منظومة قيم النزاهة، ومبادئ الشفافية، ونظم المساءلة، ومكافحة الفساد.

وأوصت ورقة شمعون بضرورة إدماج النوع الاجتماعي بفعالية أكثر في الأنشطة اليومية لجميع الخدمات العامة، وأن تتضمن الإحصاءات والتقارير مؤشرات جديدة، تساهم في الفهم الأفضل للقيم والأدوار وظروف واحتياجات النساء والرجال، من خلال إدخال المؤشرات التي يمكن أن تساعد في رصد المتغيرات الأخرى، التي قد تؤثر على التمييز بين الجنسين.

ودعت إلى ضرورة أن تتضمن الاستراتيجية، سياسات مكافحة الفساد من منظور النوع الاجتماعي، وتدخلات عملية لجسر الفجوات، وتحصين موظفي الوزارة ضد الفساد وأشكاله المختلفة، بما فيها المبني على النوع الاجتماعي.

بدوره، قال مدير المكتب الإقليمي لائتلاف "أمان"، وائل بعلوشة: "إن أمان، وبعد الاطلاع على تجارب دول أخرى، وجدت أن القانون الفلسطيني يجرّم الابتزاز الجنسي، ولكنه لم يصنّفه كأحد أشكال الفساد، بل يعامله كجريمةٍ عادية، وعمليًا فإن أي جريمةٍ تُمارس بفعل استغلال المنصب لتحقيق مصلحة مرتبطة بهذا المنصب هي فساد"، معقبًا: "لكن القانون الفلسطيني حتى الآن لا يستجيب لمطالبات التعديل".

وتابع بعلوشة: "إن الوعي العام يعاني جملةً من القيم التي جعلته يفضّل السكوت على حل قضايا  مثل الابتزاز الجنسي ضمن القانون"، مردفًا بقوله: "وحتى المؤسسات تعلم على استحياء، من أجل تمرير قوانين، وممارسة ما يمكن تسميته بحملات المناصرة الناعمة، وليس الاشتباك الحقيقي، والضغط من أجل سن القوانين، بما فيها بالطبع قضايا المرأة، وقضايا مكافحة الفساد".

كل هذه المحاور -حسب بعلوشة- تجعلنا نقول: "هذا الملف يجب أن يحمله الجميع، وليس أمان فقط، التي بدورها يمكن أن تُزوّد الجميع بالتوصيات والآليات المقترحة اللازمة لكل الجهات المعنية".

عودةٌ إلى شمعون، التي استمعت إلى جملةٍ من التوصيات والملاحظات من الحضور، الذين غلب على حديثهم القول: "إن النساء المهمشات، طرفٌ أضعف في معادلة الاستفادة من المؤسسات والجمعيات، وهو ما يجعلهنّ عرضةً للاستغلال بكل الطرق"، وعلقت بالقول: "هذا ما يجب السعي لحمايتهن منه، ورفع الوعي تجاه ضرورة التقدّم بشكاوى لمن تتعرض لهذه الممارسات، عبر وجود آليات شكاوى ودعم واضحة".

ولفتت شمعون إلى وضوح عنوان الورقة، الرامي إلى مواجهة الفساد المبني على النوع الاجتماعي، مستدركةً: "ولكن لأننا ما زلنا نناقش الآليات والتعريفات، فنحن ما زلنا في مرحلة المناقشة، وفتح مساحات الحوار طوال الوقت"، مشيرةً إلى وجود أكثر من مستوى من الفساد المبني على النوع الاجتماعي يمكن الحديث عنه، "أوله يتعلق بالمستفيدات، والثاني يمس الموظفات المرؤوسات".

واختتمت شمعون ورقتها بالقول: "إن الجميع بحاجة إلى المشاركة في جهود رفع الوعي المجتمعي تجاه ضرورة وجود آليات حماية، خاصة للنساء، في مختلف أماكن تواجدهن، واعتبار ما يتعرضن له كفسادٍ مبنيٍ على النوع الاجتماعي، بوصفهن نساء أولًا وأخيرًا".