"أمان".. وأسئلة عن "شفافية إدارة المال العام" بغزة
تاريخ النشر : 2021-11-26 16:42

غزة:

بعنوان "شفافية إدارة المال في قطاع غزة"، عقد الفريق الأهلي في الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، الأربعاء، مؤتمرًا لمناقشة العقبات التي تواجه مبادئ الشفافية، ونظم وآليات المساءلة المتعلقة بإدارة المال العام في قطاع غزة.

مشاركون وحضور، أكدوا أن "السلطة القائمة في قطاع غزة، ما زالت تعمل بشكل منفرد، على اعتبار أن الموازنة شأنٌ داخلي تغيب فيه آليات المشاركة والإفصاح"، ومن أجل هذا تمتنع وزارة المالية عن نشر الموازنة العامة، والخطط المالية، وموازنة المواطن.

نائب رئيس مجلس إدارة "أمان" د.كمال الشرافي، قال في كلمة الافتتاح: "واجه فريقنا الأهلي بغزة تحديات كبيرة تمثلت في عدم التعاون، الأمر الذي حال دون إشراكه برفقة المجتمع المدني في الخطط المالية".

وإن كنا نتحدث عن فترات سابقة كان عنوانها عدم التعاون- يضيف الشرافي- فهذا لا يلغي وجود بوادر إيجابية مشجعة للتعاون المشترك، "منها ما ظهر جليًا بلقاء وفد أمان القادم من الضفة برئاسة الدكتور عزمي الشعيبي، مع العديد من المسؤولين في قطاع غزة".

الجلسة الأولى للمؤتمر، حملت عنوان "موقف المجتمع المدني والفريق الأهلي من أداء الحكومة في إدارة المال العام"، وشملت ورقة بحثية تحت عنوان: "موقف الفريق الأهلي حول شفافية الموازنة"، قدمها مدير المكتب الإقليمي للائتلاف وائل بعلوشة.

وأكد بعلوشة في ورقته، أن السلطة القائمة في قطاع غزة لم تفصح على مدار سنوات، عن السياسات المالية والاقتصادية لها، وما زالت تمنع الإفصاح عن الموازنة، وآلية إعدادها، وحجم إيراداتها، وأولويات الإنفاق، "وباعتبارها عنوان المساءلة هنا، يتوجّب عليها إشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص وكل الأطراف ذات العلاقة في التخطيط لإعداد الموازنة، خاصة وأن المنشور عنها غير كافٍ".

وأوصى بعلوشة بضرورة انتهاج مبدأ تدفق المعلومات من قبل "حكومة غزة" فيما يتعلق بالموازنة، الحالية والماضية، وتبني سياسات إفصاح من قبل وزارة المالية حول الإيرادات والنفقات وآليات الصرف، وإشراك الفريق الأهلي والمجتمع المدني في إعداد الموازنة والإفصاح عن آليات الرقابة.

وقدمت مروة أبو عودة منسقة المناصرة في ائتلاف "أمان"، بدورها، ورقةً تحليلية لأداء الخطط المالية في قطاع غزة، قالت فيها: "رغم صعوبة تحليل الموازنة من ملخص عنها، إلا أن الانقسام الفلسطيني أثر سلبًا على إدارتها، فهذه الموازنة –التي اعتمدت باسم الخطة المالية منذ عام 2014- لم تلتزم بأحكام القانون الأساسي، وقانون الموازنة العامة، فيما يتعلق بإعدادها وإقرارها".

وأشارت الموازنة إلى تصاعد الإيرادات الضريبية، ما يعكس توجهًا حكوميًا لتعزيز إيراداتها في مواجهة النفقات العامة، بينما انخفضت قيمة المشاريع التطويرية، وأوصت باتباع نهجٍ تشاركي في إعداد الموازنة، والإفصاح عن مبنى الإيرادات، وحجم الهبات، والمنح، وآلية توزيعها، والسياسات المالية المتبعة، وتفعيل الرقابة الرسمية على تنفيذ الموازنة.

وبينما غابت وزارة المالية التي كان يفترض أن تعقّب على الورقتين، قال النائب في المجلس التشريعي عن حركة حماس ورئيس اللجنة الاقتصادية يحيى موسى: "إن الأوراق تتعامل مع السلطة القائمة بغزة وكأنها دولة، في حين لا تستطيع التعامل مع السلطة الفلسطينية، ولا البنوك، ولا سلطة النقد"، رافضًا ما احتوته من ما وصفه بـ "الإشارات السياسية".

وأضاف: "إن الحكومة في غزة كانت تقدّم الموازنات السنوية للمجلس التشريعي سنويًا منذ عام 2008م حتى اتفاق الشاطئ عام 2014م، وبعدها توقفت عن ذلك، ثم عادت من جديد مؤخرًا وقدمت موازنة العام الماضي"، ملفتًا إلى أن التشريعي يطلع على الموازنات، ويطلب تقارير بشأنها، لكن لم يتم عقد جلسات لتقييم هذه الموازنات.

الجلسة الثانية للمؤتمر كانت بعنوان "الشفافية في إدارة الصناديق المالية"، وقدم خلالها الباحث ناهض عيد ورقة تحليلية حول "إدارة إعادة الإعمار"، فرغم التحسن في بيئة النزاهة بهذا الملف؛ لكنه ما زال يعاني من ضعف في عدة مجالات مثل آليات الإفصاح، التي يعيبها عدم تمكن الجمهور من الوصول للمعلومات بالشكل اليسير، وعدم وجود مدونة سلوك للعاملين في هذا الملف، وشبه غياب تام لمفاهيم المساءلة المجتمعية، وأدواتها، وضعف واضح في وجود نظام موحد للرقابة الداخلية.

وأوصى عيد بتفعيل دور المجلس التشريعي لسن قوانين وتشريعات يمارس فيها دوره في المساءلة، والإسراع في المصالحة الفلسطينية، والعمل على وضع مدونة سلوك للعاملين في هذا الملف، وتفعيل آليات الرقابة الداخلية وتوسيع بيئة المساءلة المجتمعية.

وعقّب وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان م.ناجي سرحان على الورقة بقوله "إنه الوزارة عملت في ظروف محلية ودولية معقدة ومع ذلك كسبت ثقة الجميع، فالمعلومات لديها متاحة وليس هناك ما يمكن إخفاؤه، سوى البيانات الخاصة بالمواطنين، كذلك تعتمد نظام شكاوى واضح للمواطنين ويتم مراجعتها دوريًا".

وعرج سرحان خلال حديثه عن الأضرار الناتجة عن العدوان الأخير، "وهي بعد التدقيق قدرت بـ 416 مليون دولار"، مشيرًا إلى وجود أضرار بقيمة 600 مليون دولار نتيجة عدوان 2014 لم يتم تعويضها بعد.

وتطرق للحديث عن بعض ما يحدده المانحون، فمثلًا مصر، وعدت بتقديم مساعدات بقيمة 500 مليون دولار لكن خصصتها لبناء مدن سكنية، بالإضافة إلى شارع الرشيد وليس لإعادة الإعمار، وهذه حالات تحدث، ولا يمكن إلا التعامل مع ما يريده المانح.

من جانبه، قدم الباحث القانوني عبد الله شرشرة ورقة بعنوان "حوكمة إدارة أموال المساعدات الإنسانية بعد عدوان مايو 2021م"، تحدث فيها عن بيئة النزاهة والشفافية في تقديم المساعدات الإنسانية، حيث تعددت الجهات التي عملت على تقديم المساعدات ما بين حكومية وأهلية ومبادرات فردية، دون وجود سياسة عامة ملزمة، تحدد وسيلة لتنسيق الجهود بين المؤسسات، كما استمر عدم وجود سجل وطني موحد للحالات التي تحتاج تدخلًا إنسانيًا.

وأوصى شرشرة بضرورة اعتماد مؤشرات مخاطر الفساد في توزيع المساعدات الإنسانية، بإلزام المسؤولين والعاملين باحترام قيم النزاهة وإجراءات مبادئ الشفافية، ومطالبة كافة الجهات التي تقدم مساعدات إنسانية بما فيها الحكومية والأهلية والقطاع الخاص، بإشراك المواطنين في عملية التخطيط، وتحديد الاحتياجات المتعلقة بالمساعدات.

أما مدير عام التنمية والتخطيط بوزارة التنمية الاجتماعية رياض البيطار، فعقّب على الورقة بقوله: "التنمية الاجتماعية من أكثر الوزارات اهتمامًا بالتقارير الرقابية والشفافية، ويتم الاستفادة منها بشكل كبير من أجل تطوير آليات العمل لخدمة آلاف الأسر.

وتابع: "الوزارة تفصح سنويًا عن كافة تقاريرها، وتضعها على الموقع الإلكتروني، ويتم التعامل مع الشكاوى التي يرد 95% منها إلكترونيًا، و5% ورقيًا عبر صناديق البريد المنتشرة في مكاتب الوزارة بالمحافظات"، مبينًا أن منظومة الشكاوى معروفة، وهناك ديوان المظالم، وهو جهة معروفة لأي شكوى.

وقدم الباحث سامي أبو شمالة ورقة عمل بعنوان "بيئة النزاهة في علم الجهات القائمة على إدارة ملف الزكاة في قطاع غزة"، أوضح من خلالها وجود إشكالية في تعدد مصادر جمع الزكاة، وغياب التنسيق بينها، ومحدودية الشفافية دون تصنيف للمستفيدين، ولا لنظام إلكتروني معين، ولا لقاعدة بيانات تسهم في ربط المساعدة بالاحتياج.

وأوصى بالإسراع في عمل مدونة سلوك للعاملين على هذا الملف، ونشر سياسات ومعايير صرف الزكاة ضمن احتياجات المجتمع عبر وزارة الأوقاف، وشفافية الإفصاح عن التقارير المالية، وتعزيز الدور الرقابي للمجلس التشريعي على هذه الجمعيات.

وعقب مدير أوقاف غزة أسامة اسليم على الورقة بقوله : "إن الإدارة العامة للزكاة في الوزارة، تقدّر ما جاء من ملاحظات ستجد أثرًا على الواقع"، مؤكدًا أن الإدارة منذ عام 2013م أحدثت نقلة نوعية في محال تنظيم العمل، حيث يوجد قاعدة بيانات حديثة محوسبة، تضم 150 ألف أسرة مسجلة، وسيتم تطويرها مع عام 2022م، لتكون محدثة بمميزات عالية تستفيد منها جميع المؤسسات.

وتابع: "إن الإدارة العامة للزكاة اعتمدت لائحة إدارية ومالية منذ بداية عام 2021م، وفعّلت الدور الرقابي على مؤسسات الزكاة، بحيث يتم تشكيل لجنة سنوية من قبل وكيل الوزارة إضافة إلى الرقابة الداخلية".