رواتب المتقاعدين العسكريين تأخّرت وهيئتهم: اسألوا رام الله
تاريخ النشر : 2021-11-14 10:46

غزة/

عبثًا، يُمضي المتقاعد العسكري أبو محمد وقته في التفتيش عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، بحثًا عن أي خبرٍ يُطمئِن قلبه. "لقد مر ما يزيد على أسبوع على موعد صرف رواتب الموظفين العموميين، ولا أخبار حتى اللحظة عن سبب تأخر رواتب المتقاعدين العسكريين" يقول لـ "نوى".

ويخشى أبو محمد وما يزيد على ٣٠ ألف متقاعد عسكري في قطاع غزة، من تأخرٍ قد يزيد عن الحد الممكن للاحتمال، لا سيما والوضع الاقتصادي في قطاع غزة "في النازل" على حد تعبير الرجل.

يُقسم أبو محمد، أنه لم يستطع أن يشتري لبيته "دجاجةً" طوال الأسبوع الماضي، "ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد، فكل ما في المنزل من بقوليات قاربت على النفاذ، بينما أُضطر للشّراء من المحال التجارية بالدَّين إلى حين موعد الراتب، وهذا يوقعني بمأزق كبير في حال تأخر".

يتابع منفعلًا: "بأي عين يمكن أن أواجه صاحب البقالة؟ أو بائع الخضروات؟ حتى بائع الدواجن الذي أشتري منه بالدين؟ وأنا الذي لم أسدد ما علي منذ الشهر الماضي".

حال أبو محمد هو حال عدد كبير من الموظفين الذين تمّت إحالتُهُم للتقاعد "مبكرًا" بينما هم في سن العطاء، ناهيك عن مسؤوليتهم عن أبنائهم الذي ما زالوا في مراحل دراسية مختلفة.

على سبيل المثال، هذه أم بلال (رفضت ذكر اسم عائلتها لحساسية الموقف)، تغالب دموعها وهي تروي لـ"نوى" كيف أنها اليوم، تقف عاجزةً عن شراء العلاج لزوجها الذي تقاعد في العام 2010م.

تقول: "صدقيني لا يهمني الطعام أو الشراب، هذه أمور يمكن أن أتدبّر أمري بخصوصها، لكن زوجي بحاجة لعلاج بقيمة 600 شيكل شهريًا، وأنا أنتظر راتبه لحظةً بلحظة لأتمكن من تسديد مستحقات الصيدلية، وباقي الالتزامات الأخرى لمدارس الأولاد، والبقالة، وغيرها".

أن ينتصف الشهر ولا أخبار حول الراتب، أمر غير مقبول ومستهجن بالنسبة للسيدة الخمسينية، "إذ لا أستطيع أن أتحرك من أمام الجوال، ترقبًا لأي خبر حول موعد الصرف" تضيف.

وتكمل: "انعكس الأمر على وضعنا النفسي، حتى أنني ألمح الدموع في عيون زوجي الذي يصارع المرض"، متساءلةً: "هل هذا جزاء من ضحوا بأعمارهم في الثورة الفلسطينية؟ زوجي انضم للثورة مع ياسر عرفات وهو في السابعة عشرة من عمره، هل هذه هي هدية نهاية خدمته؟".

تتابع: "لا نريد منهم سوى حقوقنا، هذه أموالهم التي تم اقتطاعها على مدار الأعوام الماضية، وليست مرتبطة بأي ضائقة مالية، حتى وإن أقرينا بوجودها".

وتستغرب أم بلال كيف يتم الحديث عن ضائقة مالية لدى السلطة بينما "صرف الرواتب لم يتأثر به سوى المتقاعدين العسكريين"!!

تخميناتٌ وإشاعاتٌ تنتشر هنا وهناك، في ظل ضبابية الأنباء حول السبب الحقيقي وراء تأخر صرف رواتب المتقاعدين العسكريين، جعلت حياة ما يزيد على ٣٠ ألف عائلة في مهب الريح.

أم بلال التي حاولت التواصل مع هيئة المتقاعدين في قطاع غزة، لم تحصل على أي ردٍ يُشفي الصدر، وكل ما جاء على لسان الموظف هناك: "إسألي رام الله"، قبل أن يغلق هاتفه بسرعة.

تتساءل:" أبسط حقوق المتقاعد أن يحصل على حقه ولا نريد أكثر، من حقه أن يُمضي ما تبقى من عمره بكرامة وعزة، لا في ذلٍ وهوان".

وكتب محمد أبو عرب على صفحة المتقاعدين العسكريين: "لا يوجد مبرر أو سبب مقنع  لتأخير عملية الصرف، وكل ما يتم تداوله بأن السبب يرجع للضائقة المالية التي تعاني منها السلطة غير مقنع، لأن جميع الموظفين تم صرف رواتبهم  باستثناء المتقاعدين العسكريين".

وقال: "يبدو أن هناك مؤامرة تحاك ضدهم من جديد، بالرغم من إحالتهم للتقاعد القسري، وربما هذه رسالة لأطراف معينة، وعقاب جماعي من قبل الحكومة للمتقاعدين بعد أن أقدم مجموعة من المتقاعدين على رفع قضية لإنصافهم".

وكان رئيس الهيئة الوطنية للمتقاعدين العسكريين الفلسطينيين في الوطن والشتات، اللواء صلاح شديد، أوضح في بيان صحفي الأربعاء الفائت، أنّ  اتصالات جادة ومسؤولة  تمت مع رئيس الوزراء محمد اشتية، ووزارة المالية، تأكد من خلالها أنّ رواتب المتقاعدين العسكريين الفلسطينيين سوف تصرف خلال الأيام القادمة بدءًا من يوم  الخميس أو الأحد".

وتابع: "تعهدت وزارة المالية لرئيس الهيئة، على لسان وكيل وزارتها فريد غنام، بأنّ لا يتكرر تأخير الرواتب للمتقاعدين العسكريين مرة أخرى في الشهور المقبلة، وأنّ تكون في بداية كل شهر".

انتهى الخميس وها هو الأحد يمضي ولا أنباء حول الراتب، ليبقى المتقاعدون العسكريون وعائلاتهم أسرى ظنون، وتكهنات، وإشاعات تنهش عقولهم، بينما لا يستطيع أحد منهم الوصول لمسؤولٍ في رام الله، يملك الإجابة الصحيحة!