عن نصر الله الفرا.. "شهيد لقمة العيش والحصار"
تاريخ النشر : 2021-11-09 13:36

شبكة نوى | قطاع غزة:

"راح أبو أدهم يمّه، أكلنا السمك يمّه.. كنا ميتين في البحر، ساعتين بنغرق.. ساعتين مرميين والشباب ماتوا اللي معانا" رسالة صوتية ضربت قلوب الفلسطينيين حزناً، تم تداولها على لسان شاب فلسطيني اسمه يحيى بربخ نجا من قارب تعرض للغرق قبالة سواحل اليونان مع تركيا.

أبو أدهم هو نصرالله عبد الرحمن الفرا (47 عاماً) فلسطيني من سكان مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، متزوّج وله طفل، أخذ قرار الهجرة وغادر البلاد بالدين لأجل التنسيق ودفع ثمن الهجرة. استطاعت زوجته وطفله الوصول إلى اليونان وكان من المفترض أن يلتحق بهما. لكن الحقيقة أن البحر ابتلعه.

وكانت سفارة فلسطين لدى الجمهورية التركية، أعلنت عثور السلطات التركية على جثة نصرالله الفرا متوفياً على أحد شواطئ تركيا، وهو واحد بين ثلاثة فلسطينيين فقدوا إثر حادث غرق مركب للهجرة كان يحمل نحو 14 فلسطينياً.

صار في عداد الموتى، بعدما كان من ضحايا الاحتلال والانقسام والحصار والفقر والبطالة، يقول مراد محسن معلقاً على نبأ وفاته، مضيفاً "برغم أسى موته، لن يكف شبابنا عن التفكير بالهجرة والبحث عن حياة أفضل فليس أمامنا سوى فرص للموت وعلينا الاختيار. إما الموت البطيء وإما السريع مدفوع الثمن بالهجرة".

"أبو أدهم" الذي تحوّل اسمه إلى مادة سخط عبر مواقع التواصل الاجتماعي بوصف "شهيد الحصار ولقمة العيش" راح يلتقط عيشه ورزقه وهاجر من بلادنا إلى بلاد الفقر والحزن، الفقر والذل هو الذي أجبر الناس على الهجرة، فلا عمل هنا ولا أي شيء للعيش! كلمات والده المفجوعة بنبأ موته.

أم نصرالله وجدّة أدهم الذي بات مصير حياته مجهولاً، تبكي ابنها وهي تتأمل صوره عبر الهاتف المحمول، تصمت لوهلة على أمل أن يكون كابوساً وسينتهي، وهل لكوابيس غزّة مدة للانتهاء؟ فإن عمرها من عمر الاحتلال والحصار المستمر – يعلق الناس -.

تقول الأم أن نصرالله رزق بطفله الوحيد أدهم قبل 12 عاماً بعد سنوات عديدة على زواجه وبعملية زراعة، استطاعا الوصول إلى اليونان وكانا ينتظران انضمامه بفارغ الصبر ليلتم شمل العائلة التي سوف لن يلتم شملها، ولن تمرّ عليها الحادثة المأساوية مروراً عابراً بل ستضرب قلوبهم بقسوة كما ضربتهم صواريخ الاحتلال في كل العدوانات على غزة.

الهرب من الفقر ليس أمراً هيناً، ومحاولات الهرب التي تكبد الأرواح خسائر فادحة هي نتاج طبيعي للبطالة التي تصل في القطاع إلى أكثر من 60% خاصة بين الشباب والشابات الذين يرون أعمارهم هي وقود الموت والحصار والحروب وكل المعاناة المستمرة التي أدت إلى تتدهور الأوضاع المعيشية لغالبية الأسر التي تعيش في فقر مدقع وتصل هذه النسبة إلى نحو 80%.

إنها حياة الفلسطينيين في غزة. للسفر قصّة، وللبقاء أيضاً. ربّما يقف الفلسطينيون هنا عند كلمات فيروز التي تغني لحبيبها "لا قادرة فل ولا قادرة أبقى" فهي تمثلهم بلا استثناء، لا مجال للذهاب ولا فرصة كريمة للبقاء. مجبرون على "الصمود" فلا خيار آخر أمامهم.