سرطان الثدي.. "كورونا" طعنة في ظهر بروتوكول العلاج
تاريخ النشر : 2021-10-20 15:08

غزة/ نوى-  فلسطينيات:

رغم شحوب وجهها قابلتنا ببشاشة. اعتماد (34 عامًا) هي إحدى محاربات سرطان الثدي، اللواتي تفاقمت معاناتهن بعد تفشّي فايروس "كورونا" وما نجم عن ذلك من احتياجات مضاعفة لبروتوكولات الرعاية الصحية.

"كورونا" الذي أربك القطاع الصحي بأكمله في فلسطين، ترك ندبه العميقة على أحوال مرضى السرطان بغزة –لا سيما مريضات سرطان الثدي- اللواتي تأثرت عملية تلقيهن للرعاية الصحية بسبب الإجراءات الاحترازية، وإغلاق المعابر، وعدم السماح بالتنقل بين الدول، الأمر الذي ساهم في تدهور أحوالهن، ووفاة عددٍ منهن.

بعض مريضات سرطان الثدي اللاتي التقتهن "نوى"، أشرن إلى أن الإغلاقات الأولى التي جاءت ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الجائحة، أوقفت متابعتهن لخطط العلاج، وبالتالي عادت بأوضاعهن الصحية إلى نقطة الصفر.

تفجرت أزمة كورونا في كانون الأول/ ديسمبر من العام 2019م، ومنذ ذلك الحين، أضحى مرضى السرطان في خط المواجهة الأول، فلا أجسادهم تتمتع بالمناعة اللازمة، ولا نفسياتهم تحتمل مزيدًا من الضغط خاصة في ظل إعاقة الجائحة وصولهم إلى خدمات الرعاية الصحية اللازمة.

تذكر السيدة اعتماد أنها بسبب الجائحة اضطرت لتأجيل عملية استئصال ورمٍ أصابها بسبب حالة القلق والخوف من الإصابة بالفايروس التي سيطرت عليها، مشيرةً إلى أن العلاج الهرموني في المستشفى التي تتلقى فيها العلاج، توقف بسبب إجراءات الإغلاق للمؤسسات الصحية في سبيل منع تفشي الوباء، واقتصار استقبالها للحالات الطارئة وحسب.

تؤكد اعتماد أن عدم حصولها على الرعاية الصحية اللازمة في الوقت المحدد، أثر على المستوى الصحي العام لها، كما أن تأخر الخضوع للعلاج مدة أربعة أشهر متتالية مع بدء انتشار "كورونا"، ساهم في انتشار السرطان بشكل قوي في جسدها.

ولعل ما يُضاعف الألم لديها، ما تتعرض له من معاملةٍ لا إنسانية – وفق وصفها- من قبل زوجها، بدءًا من اللحظة الأولى التي اكتشفت فيها إصابتها بسرطان الثدي للمرة الأولى عام 2014م.

تمسح السيدة دمعة قهر ذُرفت بغير إرادتها، وهمست: "زوجي كان يشمئز من شكل جسدي، ويُوبخني بشكلٍ فظ، مما ضاعف معاناتي وآلامي أكثر".

معاناة كبيرة

تؤكد مديرة برنامج العون والأمل لرعاية مرضى السرطان إيمان شنن، بدورها، أن التحدي الأكثر صعوبة الذي تواجهه مريضات السرطان، هو انعدم وحدة العلاج الإشعاعي، أو الأشعة التشخيصية، داخل المستشفيات بقطاع غزة، بالإضافة إلى عدم وجود أدوية مكافحة السرطان بوفرة "مما يُعرض حياة المرضى للخطر".

وتحدثت شنن  لـ"نوى" عن تفاقم معاناة مريضات السرطان بشكلٍ عام، وتأثرهن بجائحة "كورونا" أكثر من غيرهن، بسبب ما تُسببه أدوية السرطان من إنهاكٍ للجهاز المناعي. تقول: "المعاناة لديهم مزدوجة، ما بين الخوف والقلق من المرض، وعدم تقبل المجتمع لهن، بالإضافة إلى الخوف من الإصابة بالفايروس ومواجهة خطر الموت بسببه".

ودعت شنن الجهات المعنية في القطاع الصحي والمؤسسات التي تعمل على رعاية مرضى السرطان، ومريضات سرطان الثدي على وجه الخصوص، إلى تقديم الخدمة والرعاية الصحية المتكاملة لهن ما أمكن، واتخاذ الإجراءات الصحيحة التي تصبُّ في مصلحة المريضة، من حيث: مراعاة التأجيل المتعمد المبني على التفاضل ما بين الحاجة والضرورة فيما يتعلق بالاستحقاق الطبي للعلاج الكيميائي، أو الجراحة الاختيارية للسرطان المستقر في المناطق الموبوءة.

وفي السياق، شددت على ضرورة وضع تدابير حماية شخصية أكثر قوة للمرضى المصابين بالسرطان، أو الناجين منه، كالتواصل عن بعد باستخدام Telemedicine ، والعمل على مراقبة مرضى السرطان المصابين بفايروس "كورونا"، لا سيما كبار السن منهم، أو أولئك الذين يعانون أمراضًا أخرى.

كورونا والرعاية الصحية

ويرى  استشاري الجراحة العامة وجراحة الأورام والثدي رامي عمارة، أن القطاع الصحي في قطاع غزة، هو الأكثر تضررًا بجائحة "كورونا" مقارنةً بالدول المحيطة، قائلًا: "لكن هذا لا يمنع من الإشادرة بما استطاعت أن تُحققه وزارة الصحة في إطار السيطرة على تفشي الجائحة ضمن الإمكانيات المحدودة، في ظل حالة الحصار المفروضة على قطاع غزة منذ أكثر من 15 عامًا".

 وفيما يتعلق بالرعاية الصحية لمريضات السرطان، يؤكد عمارة  أن المؤسسة الصحية تمكنت من تقليص حالات الاستئصال على قوائم الانتظار بشكلٍ كبير، مستثمرةً في ذلك إغلاق غرف العمليات في المستشفيات لغير الحالات الطارئة، مبينًا أن التحدي الأكثر شراسة، الذي واجهته مريضات السرطان خلال فترة الجائحة، هو عدم توفر العلاج الإشعاعي في قطاع غزة، نتيجة منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال هذه الخدمة الصحية.

يكمل: "المريضات بسرطان الثدي اللاتي يُجرين عمليات استئصال، يتوجب عليهن الخضوع للعلاج الإشعاعي في مستشفيات الداخل الفلسطيني، أو مستشفيات جمهورية مصر العربية، ذلك لضمان عدم معاودة تشكل الأورام من جديد، لكن الجائحة حرمتهن حتى من تحقيق ذلك نتيجة إغلاق المعابر".

من ناحيةٍ ثانية، لفتَ عمارة إلى أهمية السعي لتمكين النساء المريضات بالسرطان اقتصاديًا، نظرًا لما يتطلبه المرض من تكاليف علاجيّة تتراوح بين الأدوية وإجراء التحاليل الدورية، من أجل الحفاظ على السلامة التامة، موضحًا أن المساعدة المادية تُصبح فرضًا على المؤسسات الراعية لمريضات السرطان، في ظل ما يواجهنه من تخلّي الأزواج عنهن، لعدم تقبلهن بعد المرض، ومعاناة تغيير شكل الجسم وهيئته أيضًا.