حكايا الوطن.. مسائل رياضيات على سُبّورة "إسراء"
تاريخ النشر : 2021-09-27 21:15

واحد ضرب واحد يساوي وطن! هكذا تبدو معادلات الرياضيات على غير العادة، في حصة المُعلّمة إسراء أبو لبدة.

على سبورتها لا تتناثر الأرقام بشكلٍ اعتباطي، فلكل رقمٍ تكتبه دلالة، ولكل معادلةٍ قصة! داخل صفّها فقط، "الأرقام" تخدم التاريخ والجغرافيا أيضًا.

بلغةٍ حكواتية مميزة، دخلت إسراء عقول طلبتها بعشرات الأرقام، عندما حوّلت المسائل الرياضية إلى قصة فلسطينيةٍ كاملة الأركان، ففوجئت بحجم التفاعل الذي خلَقه تفعيل "المنهاج الترابطي".

بدأت الحكاية قبل عامٍ بالضبط، بمجرد أن انضمت إلى كوادر التربية والتعليم، عندما سألت نفسها: "كيف يمكن أن أكسر جمود مادة الرياضيات؟"، هنا لمعت الفكرة في رأسها، فبدأت بإيجاد رابطٍ بين قضايا الوطن المختلفة وعلم الرياضيات للصف الثالث الابتدائي.

تقول: "أعتمدُ تزيين السبورة بالرسومات التي تعبر عن قضيةٍ وطنية، وأعتمد على الأرقام التي تخص القضية، لتوظيفها في الدروس"، ملفتةً إلى أنها تحدثت عن حق العودة، وزيتون البلاد، واتخذت من جملٍ تحمل الهم الوطني وترسخ حب الوطن لدى الطالبات عناوين جانبية جذابة.

لكن كيف أصبح "الأسرى" الشغل الشاغل للمعلمة إسراء؟ تقول بنبرةٍ انتماءٍ جليّة: "قضية الأسرى من أهم القضايا التي كنت أُفكر في كيفية إدخالها لعقول الطلبة على صغر سنهم، وربطها بعلم الرياضياتـ، فبدأت عملية البحث في هذه القضية، لأحصل على أرقام وتواريخ يشترط أن تتكون من أربع منازل، ليمكنني استثمارها في شرح الدروس.

جمَعَت إسراء بدعمٍ وتشجيعٍ من والدها وزوجها معلوماتٍ كافية عنهم، أعدادهم في السجون، وعدد هذه السجون، والأسرى الإداريين، والأسيرات، والأسرى الأطفال، وبدأت بوضع خطةٍ لإدخال هذه البيانات والأرقام، وتوظيفها في شرح دروس الرياضيات.

بتركيزٍ شديد تتابع التلميذات شروحات معلمتهن، ولا يشعرن بأي ملل خلال الحصة، ويتفاعلن بحماسةٍ شديدة، وهذا ما يجعل المُدرسة الشابة تفخر بما تقدمه، متناسية متاعبها في جمع المعلومات وترتيب الحكايا.

إيمان إسراء بأن دور المعلم لا يقتصر على شرح المادة العلمية، ويتجاوزه إلى تربية جيل، يجعلها تعد العدة جيدًا، وتتسلح بكل المعلومات، فلا يقتصر استخدامها على شرح الدرس، وإنما يمتد للمسائل والواجبات المنزلية.

ترى الشابة أبو لبدة أن الاحتلال يحاول طمس تاريخ فلسطين معتمدًا على مقولة: (الكبار يموتون والصغار ينسون)، وهذا ما يجعل الأمانة أشد ثقلًا على كل شخص حسب مكانه ومكانته، "لا سيما المدرسة.. البيت الأول لصناعة القادة" تعقب.

لدى إسراء أحلام كثيرة، وخطط متعددة لتطبيقها وتنفيذها مع طلابها، تنفذها تدريجيًا وفق ما يتناسب مع المنهاج المحدد في الرياضيات.

لا حدود لطموحات المعلمة الشابة، فهي لا تدخر جهدًا في تطوير قدراتها، وتنمية معارفها، وتحلم بأن تصبح مديرة مدرسة لتتمكن من تطبيق فكرة المنهاج الترابطي في كل المواد الدراسية، وكل الصفوف، لأهمية ربط المواد جميعها بقضايانا الوطنية كأسلوب تعليم معتمد.