حظرٌ لصيد "السُمان" بغزة.. صيّاد: "آخر همّي"
تاريخ النشر : 2021-09-23 16:41

يبدأ يوم الشاب ثائر منذ أواخر آب الماضي، بمجرد أن يرن منبه هاتفه تمام الرابعة فجرًا. إنه الوقت المناسب لصيادي طائر السمّان بغزة، كي يبدأوا بنصب شباكهم قرب شاطئ البحر.

و"السمان" من طيور الدجاجيات صغيرة الحجم، تنتشر وتتكاثر في وسط وجنوبي أوروبا صيفًا، فيما تهاجر مواطنها الأصلية في موسم الخريف، متجهةً نحو سواحل شمالي إفريقيا وغربي آسيا.

مع بدء موسم هجرة الطائر الذي يُطلق عليه محليًا اسم "الفر"؛ تتفتح أبواب الرزق أمام الكثيرين من المتعطلين عن العمل. وحتى نهاية تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، تكون الفرصة مواتيةً لكسب بعض المال بالنسبة للكثير من العائلات ذات الدخل المنعدم أو المحدود.

لا يمكن لثائر رغم حظر سلطة المياه وجودة البيئة عملية صيد السمّان المهاجر "الفر" مؤخرًا، تجاهل هذه الفرصة أو الابتعاد عنها كل عام، "آخر همّي تطبيق هذا القانون، فالظروف الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة، وانسداد الأفق بما لا يخفى على أحد، يدفعنا لتلقّف أي فرصة" يقول لـ "نوى".

يعمل الشاب بشكل أساسي في مهنة السباكة، "لكن قد لا يطلبني أحد للعمل لأيام طويلة، وهذا ما يجعلني أنتظر سبتمبر بفارغ الصبر كل عام" يضيف، مؤكدًا أنه تعلم صيد هذا الطائر على يد والده، فصار بالنسبة له هواية، قبل أن يصبح مصدر رزقٍ موسمي.

ورغم صغر سنه، إلا أن الشاب يبدو فخورًا بخبرته ودرايته بأصول الصيد ومواعيده، والأوقات التي قد تنبئ الصياد بقدوم الطيور المهاجرة هذه الليلة أو غيابها.

يقول: "بدأتُ مرافقة والدي قبل أن أبلغ السادسة، ومنذ ذاك الوقت، لم أتغيب عن شاطئ البحر في موسم صيد الفر"، ملفتًا إلى أن المرض أقعد والده عن ممارسة هذه المهنة، ما دفعه إلى اتخاذ القرار بمواصلة الدرب بعده "خصوصًا وأن هذا الموسم يعد مصدر رزق يسند كتف العائلة، ولا أعتقد أن أحدًا بإمكانه إرغامنا على ترك العمل خلاله".

وكانت سلطة المياه وجودة البيئة، أصدرت قرارًا بحظر صيد طائر السمان المهاجر "الفر" المهدد بالانقراض، معلنةً أنها ستلاحق المخالفين استنادًا لنص المادة 41 من قانون البيئة، رقم 7 لعام 1999، "لما لهذه الظاهرة من آثار بيئية سلبية على التنوع الحيوي، ولتسببها بالإخلال بتوازن النظام البيئي".

وأكدت سلطة جودة البيئة، أنها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة تجاه ممارسي هذه الظاهرة، ومخالفة مرتكبيها بما يشمل التحفظ الإداري على الشباك المستخدمة، وأدوات الصيد، لحين انتهاء موسم الصيد.

لا يكترث الشاب –ومثله معظم صيادو الفر بغزة- بهذا القرار، فهو مقتنع بأن هذه طيور مهاجرة، ولن تقيم في قطاع غزة، "ولن يشكل صيدها خطرًا على التنوع البيئي فيه"، وفق ظنه، ما يجعله يواصل عمله كالمعتاد في صيد السمان.

ورغم إقرار الشاب أن الصيد لم يعد وفيرًا كما في السنوات الماضية، إذ بالكاد يمكنه أن يصطاد زوجًا أو اثنين خلال خمس ساعات  من الانتظار، إلا أنه لا يستطيع الابتعاد عنه "فهو بالإضافة إلى كونه مصدر رزق، يعد بالنسبة إليه هواية".

يشير الشاب إلى الشباك التي وقع بها زوج من السمان للتو، ثم ينطلق والابتسامة تزين ملامحه: "الآن يمكنني العودة للبيت مجبور الخاطر، فأنا منذ يومين لم أعد بأي صيد إلى المنزل".

"يتراوح سعر طير السمان في موسمه بغزة، بين 20 و25 شيكلًا للزوج منه"، وفق الصياد الشاب، "ولهذا الطائر زبائنه الذين يعرفون الطريق إلينا جيدًا"، يقول، مشيرًا إلى أن "السّمان" البري يتميز بمذاقٍ مميز، يختلف تمامًا عن ذاك الذي يربى في المزارع، "ما يجعله يستحق منا المغامرة وطول الانتظار".