أطفال كتبوا رسائل حبٍّ لـ"الحياة" في صيف "القطّان"
تاريخ النشر : 2021-07-31 23:34
وعد البياري (16 عاماً) تقف بجانب رسمة رسمتها ضمن مشاركتها في نادي الرسام الصغير

من منزلها الواقع شمال قطاع غزة، إلى شارع الوحدة شرق غزّة المدينة، تقطع أم وسام السلطان –مرةً شهريًا- مسافةً طويلة بصحبة طفليها تامر وميرا للمشاركة في أنشطة فعالية "إبرة وخيط" المخصصة للأطفال والأمهات –إحدى فعاليات برنامج "نحب الحياة" لصيف 2021م- في مركز القطان الثقافي-غزة.

هناك، تنتظرهم غرفة الحكايات، والمرسم الذي ينطق بجمال لوحاته وألوانه المبهجة، وهناك.. يبدو الوقت مختلفًا "وكأننا لسنا في غزة" تقول.

غزة الجميلة خارج جدران "القطان" أنهكها الحصار، وأتعبتها ليالي الحرب –كما تصف- "وهي ذاتها التي نحاول أن نقتنص فيها بعض الوقت للفرح، لعلنا نتجاوز ما عشناه من مشاهد الحرب والموت والدمار" تضيف.

في المرة الأولى التي شاركت فيها السيدة بأنشطة المركز، بدا الأمر مختلفًا. "مميزًا" بتعبيرٍ أدق، تعلق: "كنتُ أتمنى لو أنني أسكن قريبًا من هنا، فأطفالي بالفعل يحتاجون إلى مثل هذه الأنشطة التي تنمّي خيالهم، وتكنسُ آثار الخوف الذي يتجدد مع كل قصفٍ لغزة".

في ركنٍ ثانٍ تشارك صوفيا وكنزي عوكل، بدورة العزف على الدربكة (الطبلة)، تقول صوفيا: "أعزف بكل حب، أفرغ كل الطاقة السلبية بداخلي، نضحك كثيرًا ونحن نلمس بأصابعنا وجه الطبلة، صوتها ينشر الفرح في المكان".

تؤكد الطفلة أنها باتت تعرف الأصوات الأساسية لإيقاع "هذه الآلة اللطيفة"، كما أنها صارت خبيرةً ببناء الأوزان والضروب الإيقاعية، "ولا يمكنني أن أصف لحظة المغادرة.. أنا حقًا أتمنى ألا ينتهي اليوم" تزيد.

أما في ورشة صناعة الإكسسوار، فقد يدهشك وجود بعض المشاركين الذكور. أحمد البيروتي أحدهم ويبلغ من العمر (10 سنوات).

كان يحاول التركيز جيدًا في صناعة سوارٍ من الخرز، وقد بدا شغوفًا وهو يصفُّ حبات الخرز الملونة. يقول لصديقٍ كان يقف بقربه: "لقد وعدتُ والدتي وشقيقاتي، بأن أهديهن أساور وخواتم وأقراط من صنع يدي في نهاية الدورة". يضحك بصوتٍ عالٍ ويكمل: "سأوزع كل منتجاتي عليهن بالتساوي".

وليس ببعيدٍ عنهما، تجلس الطفلة نسمة حلاسة (11 عامًا) التي قالت لـ نوى: "اخترتُ المشاركة في هذه الدورة بالذات، لكوني أتمنى أن أطور هذه المهارة لدي"، وتكمل: "سأكون فخورة بنفسي عندما أصنع مجموعة إكسسواراتي الخاصة، وأهدي منها لصديقاتي في المدرسة أيضًا".

بمجرد توقف العدوان على قطاع غزة في الحادي والعشرين من مايو/ آيار الماضي، قرر القطّان –وفقًا لمنسقة العلاقات العامة في المركز لانا مطر- باستجابة سريعة جدا إطلاق فعالياته الصيفية كما كل عام .

وتقول مطر: "أطلق المركز أنشطته الصيفية الممتدة حتى 10 أغسطس القادم تحت عنوان "نحب الحياة"، وتشمل: الأندية، والعلوم، والدورات مختلفة التخصص، والفنون الأدائية، التعلم، والمهارات الحياتية، والقراءة، وحكاية القصص".

وتصف مطر الأنشطة سابقة الذكر بـأنها ممتعة تثير فضول الاطفال، وتهدف إلى التخفيف من آثار العدوان، وتعزيز الاستكشاف، واستثمار الإجازة الصيفية بما يشغل العقل وينمي الفكر، في ظل ندرة الخيارات أمام الأطفال في قطاع غزة، وعدم توفر المساحات الخضراء".

وتعرّف مطر  فعاليات (نحب الحياة)، بقولها: "هي عبارة عن طيف واسع من النشاطات الثقافية، والعلمية، والفنية، والتكنولوجية، المتاحة للأطفال خلال فترة الصيف، وتنقسم إلى أنشطة ضمن الحيز العام، وهي متاحة لجميع الأطفال مثل: الحكواتي، والمطالعة الحرة، والألعاب التكنولوجية، وأنشطة متخصصة يشترط فيها الالتزام والمتابعة، مثل: دورات أساسيات الرسم، وفن التلوين، وصناعة الإكسسوار، وطباعة الجرافيك، والدبكة والدربكة، والكارتيه، وأساسيات الكهرباء، ودورة CNC  يتعلم اليافعون المنخرطون خلالها أساسيات الرسم الهندسي -كمدخل في علم النمذجة والمحاكاة".

وتضم الأنشطة الصيفية عدة أندية، مثل: نادي الرسام الصغير، والمخرج الصغير، ونادي بيت الحكايات.

ولفتت مطر أن الفعاليات  تنظم  بإجراءات وقائية حفاظا على سلامة الاطفال والاهالي ومن المقرر اختتامها في العاشر من اغسطس بعروض ختامية من اداء الاطفال في الدبكة والأكروبات والدربكة.. تتويجاً لما تعلموه على مدار الدورات.

ولم ينسَ المركز الأمهات  من فعالياته خلال الصيف، فنظم ضمن أنشطة برنامج دردشات الذي ينظم اسبوعياً بالتعاون مع مؤسسات محلية مختلفة، لقاء حول كيفية مساعدة الأمهات لأطفالهن في التخلص من مخاوف ما بعد العدوان، بالتعاون مع مركز العقل والجسم، على هذه النقطة تحديدًا تعلق مرح الشنطي: "ساعدني اللقاء على التخلص من الطاقة السلبية، ومنحني طاقة عطاء كبيرة، خاصةً وأن العدوان الأخير ترك آثارًا بالغة، وضغوطًا نفسية على الكبار والصغار في آن واحد".