أيدي نسوية تتحدى الحصار والحرب وكورونا
تاريخ النشر : 2021-06-29 19:55

غزة:

تحت شعار، رياديات غزة قادرات صامدات، افتتح مركز شؤون المرأة في مدينة غزة اليوم، معرض "منتجات نسائنا" الخامس عشر، بمشاركة 66 امرأة من صاحبات المشاريع الصغيرة.

المعرض الذي ينفذه مركز شؤون المرأة كتقليدٍ سنوي، يأتي هذا العام وقد عانت النساء صاحبات المشاريع الصغيرة ظروفًا استثنائية، فعلاوة على الحصار الإسرائيلي الذي يضرب أطنابه حول قطاع غزة منذ 14 عامًا، تضررت النساء أيضًا بسبب جائحة كورونا، ليأتي العدوان الإسرائيلي هذا العام ويزيد واقعهن ألمًا.

فدوى القرا "28 عامًا" من بلدة خزاعة شرق خانيونس جنوب قطاع غزة، شابة تشارك في المعرض بمشروعها وهو إنتاج الصابون العلاجي من مستحضرات طبيعية وعشبية، استثمارًا لمجال تخصصها في العلوم الطبية والمخبرية، وخروجًا من حالة البطالة المستشرية في قطاع غزة، لتلقى رواجًا كبيرًا خاصة مع اعتمادها لأسعار تناسب الوضع الاقتصادي العام في قطاع غزة.

الشابة التي سعّت للتغلب على معوقات انطلاق مشروعها منذ بدايته؛ تعرّضت لأزمات كبيرة في العامين الأخيرين بسبب الحصار الإسرائيلي والعدوان وكورونا.

توضّح :"أزمة كورونا وحالة الإغلاق تسببت في صعوبة التسويق، ما جعلني أزيد من مساهماتي على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن الأقسى كان العدوان الإسرائيلي الأخير حيث تعرّض بيتي للضرر بسبب قصف مجاور له، فتدّمر معملي بالكامل وتلفت كميات من الصابون بسبب الغاز السام، وتكبّدت خسائر ليس من السهل تعويضها".

ومع ذلك، فإن فدوى تأمل أن تسهم مشاركتها في المعرض الحالي بعودة التسويق لمنتجاتها، وتعريف الجمهور بشكل أكبر بأهمية استعمال منتجات طبية للبشرة، مضيفة :"المعرض مهم جدًا فهو يفتح أمامنا مجالًا واسعًا للتسويق بعد كل ما عانيناه".

ويعاني قطاع غزة من نسبة بطالة عالية تزيد عن 54% في مجتمع يزيد عدد سكانه عن 2 مليون نسمة على مساحة 365 كيلو مترًا، بينما ترتفع نسبة البطالة أكثر في صفوف النساء، كما تعرّض قطاع غزة المحاصر إلى عدوان إسرائيلي في 10 مايو الماضي، قتلت خلاله قوات الاحتلال 265 شهيدة وشهيدًا ودمرّت آلاف المباني والبنى التحتية.

ليس ببعيد عن القرا، تقف السيدة فدوى الجليس "48" عامًا، أمام منتجات خشبية صنعتها بيديها، لتكون بذلك واحدة من نساء قلّة على مستوى قطاع غزة يعملن في مهنة النجارة وبحرفية عالية.

الجليس وهي أم لسبعة أبناء، تسكن منطقة الشجاعية شرق مدينة غزة، كانت تعلّمت المهنة من شقيقها بمدينة الخليل في صغرها، تزوّجت في قطاع غزة ولم تمارس المهنة أبدًا، إلى أن فقد زوجها عمله، وهنا قررت استثمار موهبتها التي لم تكن نسيتها.

تقول :"علّمت أبنائي الأربعة المهنة، حصلت على تمويل بقيمة 1000 دولار من مركز شؤون المرأة وبدأت مشروعي بماكينة صغيرة وبعض الأخشاب، أول شيء أنجزته كان مِقعدًا صغيرًا، وتوالى بعده الإنتاج في كل شيء خشبي يحتاجه المنزل، سواء أثاث أو ديكورات، وبل وشجّع النساء على التواصل مباشرة معها لتحديد احتياجات بيوتهن".

لكن الاحتلال أيضًا لم يترك فدوى دون تنغيص حياتها، فخلال العدوان الأخير، تعرّض بيتها للقصف واضطرت للسكن حاليًا في منزل مستأجر لم تألفه بعد، وهي تعدّ نفسها أكثر حظًا من سواها؛ فقد نجت المخرطة التي تعتمد عليها في العمل من القصف، لكن أزمة قصف البيت تُضاف إلى أزمة سابقة صنعتها جائحة كورونا، حين عجزت عن التواصل مع الزبائن بسبب الإغلاق.

وكما سابقتها، ترى فدوى، إن المعارض التي تقيمها المؤسسات، وخاصة معرض مركز شؤون المرأة فرصة مهمة للتسويق ولتعريف الزبائن بمنتجاتهن، خاصة مع العدد الكبير من الزبائن الذين زاروا المعرض في يومه الأول وتعرّفوا على منتجاتها.

في زاوية أخرى من المعرض، حيث قسم المطرّزات والتراث الفلسطيني، تقف السيدة سعاد البورنو أمام منتجاتها من المطرزات التراثية الفلسطينية، ملابس وحقائب يد وقطع تذكارية.

سعاد التي بدأت عملها في التطريز اليدوي قبل 20 عامًا، كانت تستثمر موهبتها في التطريز للخروج من الضائقة الاقتصادية التي عاشتها عند فقد زوجها عمله، لكنها في ذات الوقت تؤمن بضرورة إحياء التراثي الفلسطيني، فهو بالنسبة لها مهنة ورسالة.

تقول سعاد :"قبل عشرين عامًا كان الوضع أصعب مع انتشار الموضة في قطاع غزة، وهذا صعّب إقبال الناس حينها على المطرزات، وتدريجيًا بدأ الإقبال يتسع مع ازدياد وعي الناس بأهمية الحفاظ على تراثنا وكذلك مع تطوير العمل نحو التطريز على الملابس الحديثة، وتنافُس الجيل الجديد في اقتناء ما هو أفضل وأجمل من اللبس التراثي".

وكما سابقاتها، عانت سعاد من أثر جائحة كورونا العام الماضي، حين اضطرت لإغلاق محل تجاري بسبب الحجر الصحي، كانت قد افتتحه حديثًا حينها، إلا أن الحصار الإسرائيلي ومنع دخول الزوّار من الخارج ممن يقبِلون على شراء المطرزات، وما تبِع ذلك من اعتداءات متكررة وتراجع القدرة الشرائية للناس، تسبب في ضعف البيع لديها.

ومن هنا فالسيدة تؤمن كما باقي النساء المشاركات في المعرض، أن تسهم هذه المعارض في إعادة تذكير الجمهور منتجاتهن، والتسويق لها داخليًا، والتعريف بها خارجيًا على الأقل، علّه يأتي يوم يستطعن فيه تصدير هذه المنتجات.

في افتتاح المعرض، قالت آمال صيام، مديرة مركز شؤون المرأة أن المركز حرص على مدار "15 عامًا" على تنفيذ المعرض السنوي الذي يسعون من خلاله إلى إتاحة الفرصة أمام مئات النساء الرياديات صاحبات المشاريع الصغيرة لتسويق أنفسهن كرياديات ناجحات، وتسويق منتجاتهن ليتمكنّ من الاستمرار في مشاريعهن ويعززن من أوضاعهن الاقتصادية ويتحدين الفقر والبطالة والعنف بإبداعاتهن المختلفة.

وأضافت صيام، إن المركز يفتتح المعرض هذا العام في ظروف استثنائية صعبة تعيشها المرأة الفلسطينية في قطاع غزة، طالت جميع مناحي حياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والقانونية؛ بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي واستمرار الحصار والانقسام الفلسطيني لأكثر من (14) عامًا وتعاقب (4) عدوانات إسرائيلية على قطاع غزة، وأيضا في ظل انتشار فيروس كورونا لأكثر من عام ونصف"، لكن المركز ما زال يؤمن إن التمكين الاقتصادي للنساء هو الطريق الأساسي لتمكينهن سياسيًا واجتماعيًا.

بدورها قالت ريم النيرب، منسقة برنامج التنمية والمشاريع الصغيرة أن المعرض تقليد سنوي ينفذه المركز؛ لتسويق وترويج منتجات النساء الرياديات ذوات المشاريع الصغيرة المدرة للدخل، لتمكينهن اقتصاديًا وخروجهن من الدائرة الضيقة المتمثلة في أزمة جائحة فيروس كورونا والعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.

وأوضحت النيرب أن المعرض يتميز هذا العام بعدد ونوعية المشاركات، لتبلغ عدد النساء المشاركات فيه (66) ريادية من خلال خمس زاويا رئيسية متنوعة ما بين التطريز الفلسطيني، خشبيات، مأكولات فلسطينية، حلويات، الاكسسوارات."