الاحتلال يخنق قطاع غزة بحبل البريد المعطّل
تاريخ النشر : 2021-06-17 09:11

غزة_ شبكة نوى :

بين جدران غرفته الأربعة، يرقد محمد المخللاتي "40 عامًا" منذ 8 شهور على سريره متحسسًا بأنامله قداماه العاجزتان عن الحركة، وعيناه الحزينتان تتجهان صوب هويته وجواز سفره، وبحّة صوته المختنقة تخبرنا بمرارة انتظار تصريح مرور عبر معبر بيت حانون "إيرز" شمال قطاع غزة، الذي يعيق علاجه بالضفة الغربية.

محمد -وهو معيل أسرته- واحد من آلاف المرضى الذين تهدد القيود الإسرائيلية المتبعة بعد العدوان الأخير حياتهم، إثر توقّف إصدار التصاريح كليًا وإغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري ومعبر بيت حانون "ايرز" أمام المرضى والمسافرين والبريد والصحف.

كان موعد المخللاتي المصاب بربع شلل في قدميه، لبدء العلاج في 12 يونيو، لكنه يوضح لنوى: "لم تعطني إسرائيل تصريح المرور عبر معبر بيت حانون للوصول إلى مستشفى الخليل للعلاج، الذي هو حق طبيعي وفي كل مرة أُقابل بالرفض دون أي مبرر، وحالتي الصحية والنفسية والمادية لا تتحمل كل هذا الألم".

اقرأ/ي أيضًا :هكذا قلب النزوح حياة متضرري العدوان الإسرائيلي

ويمنع الاحتلال الإسرائيلي دخول وخروج أكثر من 24 ألف معاملة بريدية وجواز سفر عبر معبر إيرز منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 10 مايو الماضي.

أما الصحفي وطالب الدراسات العليا عامر العروقي "28 عامًا" والذي يدرس ويعمل في تركيا، فقد زار أهله في شهر رمضان لرؤيتهم، على أن يعود لتركيا في 18 من مايو الماضي، لكنه عجز عن الحصو على "فيزا" تصريح مرور، بسبب منع الاحتلال للبريد القادم من الضفة الغربية منذ بدء العدوان على قطاع غزة.

عامر حالياً على أعتاب خسارة عمله ودراسته الجامعية، يصمت لثواني ويتابع "بكل آسف، إذا استمر الإغلاق سوف اضطر لبيع كل ما أملك هناك وأسلم بيتي لصاحبه".

معاناة الحالات الإنسانية وساعات الانتظار تُحسب من أعمار الفلسطينيين في قطاع غزة الذي يحاصره الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2007، تاركًا 2 مليون إنسان يعيشون معاناة إنسانية قاسية داخل 365 كيلو مترًا مربعًا في كثافة سكانية من بين الأعلى عالميًا.

الإغلاق المستمر للمعابر حتى هذا اليوم، دفع أسيل الوحيدي للحديث بغصّة "بعت ذهبي وعفشي وكاميرتي وحطينا تحويشة العمر أنا وزوجي من أجل تأمين تكاليف السفر للبدء بحياة جديدة لنا ولأطفالنا في المستقبل". 

اقرأ/ي أيضًا :كورونا ما زالت تهاجم غزة فكيف ستتصرف الصحة؟

 تتابع أسيل: "بعد الإعلان بيوم واحد عن دخول الهدنة مع الجانب الإسرائيلي حيز التنفيذ، توجهت وزوجي لعمل جوازات السفر ودفعنا التكاليف، ووعدنا وكيل شركة البريد التي نتعامل معها بإصدار جواز السفر مدة أقصاها أسبوعان وبإمكاننا السفر عبر معبر بيت حانون "ايرز "

"كان من المفترض في الساعات التي أتحدث معك فيها يكون جواز السفر والفيزا بين أيدينا ونكون في تركيا، لكن بسبب إغلاق المعبر واحتجاز جوازات السفر من قِبل الاحتلال ربما تضيع فرصة العمل على زوجي".

 تضيف: "يوميًا أتواصل مع مكتب البريد ومع الجهات المعنية من أجل معرفة لو معلومات عن فتح معبر بيت حانون وهل من تسهيلات جديدة"، حالتنا النفسية أشبه "بالغريق الذي يتعلق بقشة".

السياسية التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي في الفترة الأخيرة فاقمت معاناة شركات البريد والجوازات التي يبلغ عددها حوالي 70 شركة في قطاع غزة، إحداها شركة مراكش للبريد السريع بمقرها الرئيسي في مدينة غزة وفرعها في مدينة رام الله.

 يقول ناصر فرج مسؤول ملف الجوازات في الشركة: "قبل العدوان الأخير على قطاع غزة كانت الشركة تعجّ بالزبائن والطرود البريدية، وكان هناك إقبال على إصدار جوازات السفر والمعاملات البريدية، لكن بعد إغلاق المعابر يكاد الإقبال لا يُذكر، ونتلقّى دومًا اتصالات واستفسارات من الزبائن متى تُفتح المعابر؟

اقرأ/ي أيضًا :صدمات متكررة لأطفال غزة متى تشفى جراحهم؟

الحالة التي تعانيها شركات البريد ومعها المواطنون الذي ينتظرون جوازات سفرهم المعطّلة أو تصاريح المرور نحو الضفة الغربية، تدركها جيدًا السلطة الفلسطينية، فماذا فعلت؟

محمود فرج منسق شؤون البريد في معبر بيت حانون "إيرز" يقول إن "هذه سياسة قديمة جديدة دائماً ما يتبعها الاحتلال الاسرائيلي بفرض القيود والعقوبات على السكان في قطاع غزة، لكنها هذه المرة الوحيدة في السنوات الأخيرة التي يغلقون فيها معبر بيت حانون "إيرز" بهذا الشكل أمام المسافرين وحركة البريد والصحف الفلسطيني"

يتابع فرج :"حجز جوازات السفر وعدم إدخالها إلى غزة يؤثر سلباً على المعاملات الانسانية بالدرجة الأولى وعلى مكاتب وشركات البريد التي تواجه صعوبة في دفع أجرة الموظفين ولكونها ملزمة بدفع ضرائب للحكومة ورسوم تراخيص ونفقات شحن والخسائر أيضاً تطال الجانب الاسرائيلي حيث يفقدون يومياً ملايين الشواكل نتيجة الاغلاق "

يضيف بصفتي منسق شؤون البريد "أتواصل يومياً مع الجانب الإسرائيلي وأطالبهم بإعادة فتح المعابر أمام الحالات الإنسانية والبريد وردودهم تتمثل بأن هذه السياسة سياسة عليا من الحكومة و "وزارة الدفاع الإسرائيلية" في إطار الضغط على قطاع غزة".

 يذكر أن لجنة الشؤون المدنية والجهات والمنظمات الدولية كالصليب الأحمر تقوم بالضغط على الاحتلال من أجل فتح المعابر وتسهيل حركة البريد أمام الحالات الإنسانية.