هكذا قلب النزوح حياة متضرري العدوان الإسرائيلي
تاريخ النشر : 2021-06-16 15:17

خانيونس:

"أفتقد كل شيء في منزلي، ملابسي، أغراضي، ذكرياتي وحياة أبنائي كلها، منذ قصف منزلنا أثناء العدوان على غزة "، تقول أم شرف الخوالدة التي عانت الأمرين خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والذي أصيب فيه زوجها ودمّر الاحتلال منزلها.

تصف الخوالدة التي تسكن مدينة خانيونس ما حدث: "قصف الاحتلال الإسرائيلي المنزل بصاروخين في وقت الظهر، كان الدخان الأسود يغطي المكان، هربنا نحو الخارج، لا نعرف من مِنّا على قيد الحياة ومن أصيب، كان زوجي وابنتي أصيبا في القصف، وتم نقلهما للمستشفى، بينما كنا في حيرة وتوتر أين نذهب فما كان لنا سوى اللجوء لمنزل ابنتي المتزوجة".

قضت العائلة نحو أسبوعٍ في منزل ابنتهم المتزوجة قبل أن تقرر الانتقال لمنزل مُستأجر، فحبال الإعمار طويلة، ولا أحد يدري متى يحين دورهم.

تعيش أسرة الخوالدة اليوم في شقة مستـأجرة في ذات الحي بتوفير أهم الاحتياجات للأسرة، بضع فرشات وأغطية خفيفة، ومستلزمات المطبخ الأساسية، أما الثلاجة والتلفاز والغسالة فأصبحت رفاهية بعيدة المنال، بعد أن قضى القصف على كل ما في المنزل من أثاث.

"أمضي اليوم ساعات طويلة في أعمال المنزل، ناهيك عن عدم قدرتنا على شراء احتياجاتنا من خضار وفاكهة ولحوم سوى يوم بيوم"، تقول أم شرف، ثم تشير إلى طشت الغسيل وتكمل: "تغيرت كل حياتنا وعدنا إلى حياة أمهاتنا البدائية، بتنا على حال واستيقظنا على آخر".

لكن أم شرف الخوالدة التي ترقد طفلتها بلا حراك بعد إصابتها بشلل نصفي نتيجة انهيار أجزاء من الجدار عليها بسبب القصف بانتظار العلاج التأهيلي لعدة شهور، تعتبر أن نجاة عائلتها أهم من كل شيء تم فقده، تضيف:" أكثر ما يعنيني اليوم أن تعود طفلتي لسابق عهدها ونعود لمنزلنا الذي كان".

يقول ابنها شرف الدين الذي يعمل في سلك المحاماة: "منحتنا اللجنة القطرية ألفي دولار مكنتنا من تدبير أمورنا بشكل مؤقت، خاصة أن شقيقتي احتاجت للسفر للعلاج في مصر".

وبينما تمكّنت عائلة الخوالدة من استئجار منزل عبر المنحة القطرية؛ لم يحصل حافظ الجبري الذي تضرر منزله بشكل جزئي جراء قصف منزل عائلة عرفه المجاور على أي منحة مالية تساعده على ‘إصلاح منزله أو استئجار آخر.

يقول الجبري وهو أيضًا من مدينة خانيونس:" ما بين لحظة وأخرى انقلب الحال وأصبحنا بلا منزل آمن، بعد تعرض منزلهم للاستهداف، قصفوا بيت عرفة المجاور لمنزلي، ما سبب تدميراً للمطبخ والحمامات وشبكة الصرف الصحي بشكل كامل، ناهيك عن جميع نوافذ المنزل".

اضطر المواطن الجبري للنزوح إلى منزل عائلة زوجته والمكوث لديهم لأسبوعين، لكن الأمر كما يصفه "لم يكن هينًا"، مضيفًا: "زوجتي وأبنائي السبعة ينامون في غرفة واحدة، بينما يحتاج دخول الحمام انتظار الدَور".

لا تقف المعاناة عند هذا الحد فالمواطن الجبري لديه ابنتان في الثانوية العامة وأخرى في الجامعة وجميعهن بحاجة لأجواء مستقرة كلها لم تتوفر خلال العدوان وما تبعه من تضرر ونزوح من المنزل.

يقول: "أمام كل ذلك لم أجد سبيلاً سوى العودة لمنزلي ومحاولة ترتيبه بأقل الإمكانيات ليصبح قابلاً للحياة".

يفتقد الجبري لكل أشكال الاستقرار والأمان بعد قصف منزله:" باب البيت لم يعد يُغلِق بإحكام كما أن القوارض والحشرات أصبحت تعيش معنا في ذات المكان، حاولت إغلاق النوافذ بالبلاستيك، هذه الأساسيات التي تمكنت من إصلاحها بشكل مؤقت لكنني لم أستطع شراء ثلاجة أو غسالة، في الوقت الذي لم تقدم لي أي جهة كانت أي مساعدة طارئة سوى كوبونة غذائية من لجنة زكاة خانيونس وأخرى اشترط مانحوها التصوير أثناء الاستلام فرفضت".

يحصل المواطن الجبري على راتب تقاعدي بينما هو ملتزم بتسديد أقساط المنزل، والمطبخ الذي كان قد أعاد تشطيبه قبل شهور، ما جعله يجزم بضرورة إعادة منزله بشكل عاجل، أو الحصول على منحة تمكّنه من استئجار منزل لحين إصلاح الضرر في منزله، توفر له ولأسرته حياة كريمة مستقرة كما كان قبل العدوان.

وتعرضت في العدوان الأخير 1800 وحدة سكنية للهدم الكلي بينما بلغ عدد الوحدات السكنية المتضررة بشكل جزئي 16800 وحدة سكنية، ما اضطر نزوح ما يقارب50 ألف إلى مراكز الإيواء وأكثر من 70 ألف خارج المراكز وفقا لوزارة الأشغال بغزة.