الانقسام الفلسطيني.. طريق الشباب في غزّة "سالكة للظلم"
تاريخ النشر : 2021-06-15 14:26

غزة:

موظف يعمل في مجال تخصصه، أرباب العمل يقدرّون موهبته وطموحاته، يعود إلى بيته، يستريح بعض الوقت ثمّ يخرج في نزهة ما مع عائلته، ربما يتحدثون عن الفن وعن التكنولوجيا وربّما عن بعض الأخبار السياسية.. سيحدث ذلك، لو لم يكن هنا انقسام – يقول أحمد -.

أحمد شاهين البالغ من العمر 31 عاماً، درس تخصص الهندسة المدنية لكنه يعمل بائع في محل تجاري براتب يبلغ 700 شيكل / 200 دولار فقط.

يقول إن راتبه لا يكفي لتسديد إيجار منزله ولا لتلبية احتياجات أسرته اليومية، مضيفاً: "أنا وكل شباب التسعينات تجرّعنا مرّ الانقسام والحصار الإسرائيلي والحروب أيضاً حتى أصبحت طريقنا بالحياة سالكة للظلم".

يعتقد شباب وشابات القطاع، المولودين في جيل التسعينات أن حصتهم من المأساة كانت أكبر لأنهم بالإضافة إلى الاحتلال الإسرائيلي فقد وقعوا ضحية للانقسام الفلسطيني الذي وقع بين فتح وحماس.

ويأتي هذا الاعتقاد، بعد "إغلاق الأفق بوجوههم" كما يصف أحمد، كون لا وظائف رسمية من السلطة الفلسطينية ولا وظائف حكومية من حكومة حماس التي أخذت توظف جيل الألفين وصارت تستثنيهم ظناً منها أنهم "راحت عليهم" وفق تعبيره.

لو لم يكن هناك انقسام.. "كان شفت الرئيس بيننا" تتحدّث لينة هشام بسخرية وتزيد "أذكر أنني عندما كنت طفلة شاهدت لمرة واحدة الرئيس ياسر عرفات في غزة وهذه كانت أول وآخر مرة أرى فيها رئيس أمامي".

في الحقيقة، منذ تولّي الرئيس محمود عباس رئاسة البلاد لم يزر قطاع غزّة إلا عدّة مرات، لم يكن حديث لينة مستغرباً، فهذا ما يفكّر فيه الأطفال أيضاً، فما لفت انتباهها هو طفلها ابن العشر سنوات بينما كان يشاهد حدثاً على التلفاز خطر بباله أن يسألها "ماما إحنا ليش ما بنشوف رئيسنا زيهم؟".

الطامة الكبرى التي تسبب بها الانقسام للشابة وهو ما حاولت التهرب منه، هو مقتل شقيقها خلال الأحداث التي جرت تلك الفترة وتأزمها نفسياً ورسوبها في الثانوية العامة.

تجد نفسها من الفئة "المظلومة" بسبب الانقسام، من ناحية الوظائف ومن ناحية فرص العمل عموماً ومن ناحية التعليم قائلة "قتل شقيقي في الأحداث وكنت على وشك تقديم امتحانات الثانوية العامة".

وتضيف: "كنت أذهب لتقديم الامتحان على مضض، لم أنجح، ولم أرغب بالإكمال. كل ما مسكت كتاباً كل ما تذكرت الحادثة وحينها أقوم بتمزيع كل الصفحات وأرفض الإكمال".

وفي قصّة ثالثة تضرب الحزن بقلب صاحبتها، تخبرنا أمل حسين أنه لو لم يكن انقسام فلسطيني كانت تزوجت بحبيبها! لكن إصرار الأهالي التركيز على انتماء العائلات فرّق بينهما.

بدأت القصة عندما تعرّفت الشابة على "إبراهيم" بالجامعة في فترة دراستهما، عائلته كانت تنتمي لحركة حماس وعائلتها لحركة فتح، وهذا الأمر كان بالنسبة للعائلتين "كارثة" بوصف أمل.

"كيف رح نناسبهم؟ كيف رح نتقبلهم؟ أولادك مع مين حيكونوا؟" من أكثر الأسئلة التي كانت توجه لهما بتلك الفترة حتى منع الأهالي زواجهما بشكل نهائي.

في قطاع غزّة، لا يكتفي الناس بمآسي الاحتلال وحصاره وعدواناته المستمرّة، بل إن الانقسام يداهمهم بمستهلّ حياتهم اليومية في العمل وفي الشارع وفي القلوب أيضاً.