هيا البحيصي .. ضحية استهتار جديدة في مركز للإخصاب بغزة
تاريخ النشر : 2021-06-14 14:50

دير البلح:

سبع دقائق ما بين دخول هيا غرفة العمليات وكلها أمل بتحقيق حلم إنجاب طفل، وخروجها لغرفة الإفاقة شبه فاقدة للوعي، أمرٌ لم يلتفت له ذووها في البداية، لكن الوقت يمرّ والكل ينتظر استعادتها الوعي، لكن بدلًا من ذلك بدأت تظهر على وجهها علامات شحوب واصفرار مع لون أزرق على شفتيها.

تقول بيان البحيصي التي رافقت هيا طوال فترة متابعتها للعلاج في مركز الإخصاب:" بدأت ملامح هيا تفقد حيويتها بعد خروجها من غرفة العمليات، كنا نظن الأمر وقتي بسبب البنج والعملية، لكن لون شفتيها بدأ بالتغيّر ما بين البياض والازرقاق وسط أنين متواصل منها وشكوى من ضيق التنفس"، هرع الأهل للممرضة التي أكدت أن الأمر طبيعي وسمحت لهم بإعطائها الماء الذي طلبته.

خمس ساعات ومرافِقات هيا - التي تسكن دير البلح وسط قطاع غزة- يترددن على غرفة التمريض للمناشدة بمتابعة حالة هيا التي لم تستعد وعيها، تقول بيان:"أخبرتهم أن الحالة غير طبيعية وأن العلامات على وجهها تؤكد أن هناك خلل ما".

أحضرت الممرضات مروحة كهربائية، بينما طلبت شقيقة هيا منهن تركيب أنبوب أكسجين لعلِمها وخبرتها أن هيا تعاني نقصًا في الأكسجين، دون استجابة.

بعد مناشدات أخرى، قام التمريض بقياس ضغط الدم للشابة وكان 30/58، تقول شقيقتها رغدة خرّيجة تخصص التحاليل الطبية: "تجاهلت مجال دراستي وسألت التمريض عن النتيجة فقالت الممرضة أن الجهاز معطّل، حاولت تصديقها لأنني كنت أريد تصديقها وتكذيب عيني".

تتابع بأسف:" كانت كل العلامات تشير إلى أن هيا تعاني من نزيف داخلي لكن مدير المستشفى ومركز الإخصاب تجاهل الأمر تماماً محاولاً التغطية على خطأ ارتكب أثناء العملية".

وأكدت أن حالة من الاستهتار كانت واضحة في التعامل مع التغيرات التي طرأت على هيا بعد العملية، ورفضهم نقلها لمستشفى الشفاء منذ البداية ساهم في تدهور حالتها وصولاً للموت، حتى أن مدير المستشفى عبر بعض الصفحات حاول  تبرئة نفسه ومركزه من المسؤولية، وأن العملية بسيطة ولم يحدث تدخل جراحي وتتساءل إذا كان ذلك حقيقياً فكيف حدث النزيف؟".

تتدخل بيان:" رجوتهم تحويل هيا إلى مستشفى الشفاء الذي لا يبعد بضع دقائق عن المركز، لكن الطبيب الذي حضر بعد ثلاث ساعات لمتابعة الحالة أكد أن حالة هيا طبيعية واكتفى بأن يصدر أوامره للممرضات بإعطائها جلوكوز".

 بعد ذلك، تم إجراء تحليل دم، وبدأ الطبيب بمتابعة هيا، ليخرج بعدها ويطمئنا على حالة هيا، وأن كل ما هنالك أن نسبة دمها خمسة، موجهاً سؤاله لنا لماذا هذا الانخفاض في نسبة الدم، تتساءل شقيقتها:" مَن المفترض أن يجيب على هذا التساؤل نحن أم الطبيب!

تنوه بيان التي رافقت هيا منذ البداية أن المركز أجرى العملية لهيا وفق تحاليل مخبرية قبل شهر ولم يتم إجراء فحوصات الدم وغيرها كما هو متعارف عليه قبل إجراء العملية.

تتابع:" بدأ الأطباء في المركز يسألونا إذا كانت تعاني من أي حساسية للبنج، أو تعاني من أي أمراض سابقة في محاولة منهم لإخلاء المسؤولية، ونحن حتى ذلك الحين لا نعرف هل هيا ما زالت على قيد الحياة أم لا، ليقرر الطاقم الطبي بعد ساعة ونصف من التعامل مع الحالة نقلها لمستشفى الشفاء".

استغرق تجهيز الإسعاف وعملية النقل نصف ساعة أخرى غير مبررة، وهناك -تقول بيان :"وجدنا في قسم الاستقبال طاقم طبي كامل في انتظار هيا ليخبرني الطبيب المختص بعد فحصها بأنها ستدخل للعمليات والأمل بشفائها ضعيف".

احتاجت هيا أثناء وجودها في مستشفى الشفاء وفقاً لعائلتها 40 وحدة دم و25 وحدة بلازما لم تتمكن من إنقاذ حياتها ليُعلن عن وفاتها بعد منتصف الليل.

شقيق الضحية حازم البحيصي طالب بتشكيل لجنة تحقيق من وزارة الصحة ومؤسسات حقوق الانسان، وإطلاع العائلة على النتائج بكل شفافية، مؤكداً أن العائلة لن تتوانى عن متابعة القضية ومواصلة المطالبة بحق ابنتهم التي خرجت لاستجلاب الحياة وعادت في كفن.

يذكر أن وكيل وزارة الصحة في قطاع غزة د.يوسف أبو الريش أصدر قرارًا بإغلاق مركز الإخصاب المذكور لحين انتهاء التحقيق في القضية.