من يعبث بفرصة علاج مريضة السرطان ميرفت راضي؟!
تاريخ النشر : 2021-06-13 00:06

دون أمل؛ ترقد المواطنة ميرفت راضي على سرير المرض في مستشفى الرنتيسي للأورام لليوم السابع على التوالي؛ بانتظار أي أخبار حول موعد تحويلتها الطبية للعلاج بالخارج، والتي يفترض أن تكون عاجلة بسبب تدهور حالتها الصحية.

بسخرية ممزوجة بالألم تقول:" هذا وهي عاجلة جداً، فما بالك لو كانت عادية، أشعر أن حياتنا كمرضى أورام بلا قيمة، لسنا سوى أرقام وأعباء ينتظرون الخلاص منا".

فصول المعاناة مع العلاج من السرطان، بدأت منذ عام ونصف العام مع المواطنة ميرفت راضي، ولعدم قدرتها على الحديث طويلًا يروي شقيقها سمير وهو مرافقها الدائم أن وضع أخته الصعب بين مستشفيات غزة والضفة.

يقول:" ظهرت أعراض الورم على شقيقتي قبل عام ونصف، وكان خاملًا، وقرر الأطباء في مستشفى الرنتيسي بروتوكولًا علاجيًا مكوّن من ثلاث أنواع يتم أخذها بانتظام كل ثلاث أسابيع، لكن حالتها تراجعت بشكل لافت في الوقت الذي كانت تقتصر متابعة طبيب المستشفى على توقيع الأوراق قبل موعد كل جلسة دون أي فحص سريري".

عد ستة شهور من العلاج كانت المفاجأة الصادمة لميرفت وذويها، فهي كانت طوال هذه المدّة تتلقى نوعًا واحدًا من العلاج، بينما يتم تجاهل النوعين الآخرين بحجة أنهما غير متوفرين في السلة الدوائية المخصصة لقطاع غزة، أحدهما أساسي للحد من انتشار المرض، ما أثار ألف سؤال لدى ميرفت وذويها: "ألم يكن من حقنا معرفة أن العلاج غير متوفر، في الوقت الذي لم تكن نهرف سبب تراجع الحالة رغم انتظام الجلسات العلاجية".

"الأمر لا ينتهي عند هذا الحد؛ فحياة مرضى قطاع غزة وأوجاعهم لا معنى لها وربما لا يشعر بها أحد سوانا" يقول شقيق ميرفت.

يواصل:" تفاقمت الحالة وانتقل الورم للثدي الآخر مسببًا فتحات فيه وآلام شديدة دون أي اهتمام من الأطباء".

تتدخل ميرفت التي بالكاد تستطيع الكلام من شدة الآلام:" كنت آمل خلال هذه الفترة أن انتقل للمستشفى الاستشاري لأتمكن من تلقي علاج أفضل، لكن ما حدث كان مخالفاً لكل توقعاتي وآمالي، هناك تم إعطائي نوعين من العلاج مع استبعاد النوع الثالث، وبمرور الوقت ورغم انتظام تلقي الجرعات العلاجية إلا أن الحالة ازدادت سوءًا لدرجة أن التعفن أصاب الثدي مسبباً رائحة كريهة جداً ما اضطرنا للتوجه إلى مستشفى الأقصى وسط قطاع غزة".

يكمل شقيقها:" بقينا نحو 6 ساعات في الاستقبال دون أي تدخل، ليتم تحويلها لمستشفى الشفاء وهناك أيضاً بقيت في الاستقبال دون متابعة طبية ما يزيد عن ساعتين، قبل أن يقرر الطبيب أن الحالة بحاجة لعملية جراحية لإزالة الورم، لتلحقها بعمليتين أحداهما تجميلية من خلال استئصال عضلة من الكتف، والتي كانت بمثابة الطامة الكبرى إذ أصبحت غير قادرة على تحريك يدها، وبمراجعة الطبيب قال بأن الأمر طبيعي وستتحسن مع العلاج الطبيعي".

لم يقف الأمر عند هذا الحد فبعد شهر ونصف، أصبحت ميرفت تشعر بتحجر مكان العملية، وبعد إجراء صورة أشعة قال الطبيب الأمر طبيعي ويحتاج لستة شهور ليتحسن، رغم أن الأشعة أظهرت وجود ماء داخل الثدي.

يتابع سمير:" لكن الحالة أخذت تتدهور ويزداد الألم لدرجة أنها لم تعد تستطع النوم أبداً، في هذه المرحلة بدأت المعاناة الأكبر بعد رفض الطبيب المعالج في مستشفى الشفاء متابعة الحالة أو حتى النظر لها باعتبارها قد تلقت كل العلاج اللازم، كما رفض الأطباء بالمستشفى التعامل مع الحالة بحجة أن طبيبها المعالج هو من يجب عليه متابعتها".

حينها يقول سمير :" لجأنا للمعارف والوسطاء، ما جعل الطبيب يتنازل ويسمح بإدخالها المشفى لعدة أيام".

يتابع :"خلال هذه الفترة كانت شقيقتي تعيش على المسكنات التي بالكاد تتيح لها النوم بضع ساعات في اليوم، قبل أن تتجدد الآلام، وكنا نضطر أن ندور في كل مرة (كعب داير) نأخذها لمستشفى الشفاء يرفضوا استقبالها بحجة أن لا علاج لها بالمستشفى ويتم تحويلنا للرنتيسي، وفي الرنتيسي يتم رفض استقبالها وتحويلها للشفاء بحجة أنها بحاجة لمضادات حيوية ومتابعة لالتهابات الثدي، ما اضطرنا للذهاب للعيادة الخاصة لطبيب الأورام الذي قرر تحويلها فوراً للمستشفى الرنتيسي، وبدأت حالتها بالتحسن وخرجت من المستشفى بعد عدة أيام".

وكأن السيناريو يعيد نفسه كل فترة، تجدد للآلام يضطرنا للتوجه لمستشفى الشفاء الذي تركها ما يقارب خمس ساعات وبعدها قرر الطبيب أنها لا تحتاج لأي تدخل جراحي وتم تحويلنا للرنتيسي الذي رفض استقبالها لتأخر الوقت وطلبوا منا العودة يوم الأحد وكان هذا مساء يوم الخميس الماضي.

في الأحد المنتظر والذي فاقم تدهور الحالة، تم تحويلها للشفا الذي عاد وأرجعها للرنتيسي كل ذلك دون أي مراعاة لآلامها وأوجاعها وتدهور حالتها ناهيك عن وضعها النفسي الناجم عن كل هذا الرفض واللامبالاة بحياتها

واليوم وبعد كل هذا العذاب الذي عاشته المريضة ميرفت راضي وذويها خلال عام ونصف كعب دائر ما بين المستشفيات يتساءل شقيق المريضة:" لماذا تم إغفال العلاج الثالث المنصوص عليه في البروتوكول العلاجي، ولماذا لا يتم تغطيته مالياً وهل تنتظر وزارة الصحة سواء في غزة أو الضفة لهؤلاء المرضى الموت بعد صراع ليس مع المرض فقط وإنما مع القائمين على وزارة الصحة في الضفة والقطاع؟