حرب إسرائيلية مستمرة ضد مزارِعات شرق القطاع
تاريخ النشر : 2021-06-11 16:11

غزة:

وكأن ما كان ينقص المزارِعات في المناطق الحدودية لقطاع غزة أن يشنّ الاحتلال الإسرائيلي حربًا جديدة تمزّق ما جمّعنه خلال المرحلة الماضية، وتزيد أوجاعهن قسوة.

فما بين معاناة مستمرة من إطلاق النار على الأراضي الزراعية الحدودية إن لم تُصب الأجساد فهي تسبب لها الذعر المستمر، وحصار حدّ من قدرتهنّ على تصدير الزراعة، وتصعيدات إسرائيلية مستمرة تأكل في كل مرة ثمار أرضهن، ليأتي العدوان الجديد ويفاقم كل هذا.

"خمس دونمات كاملة من القمح تفّحمت ولم يبقِ لي ولعائلتي سوى شِوال واحد فقط، موسم للضياع وخسائر لا أدري هل تُعوّض"، بهذه الكلمات تحدثت المزارِعة أم هاني العجلة من منطقة الشجاعية شرق مدينة غزة.

تتجول السيدة الخمسينية -أم لعشرة أبناء- في أرضها الحدودية وهي تجمع ما تبقّى من محاصيل القمح والبامية التي كانت تزرعها قبل أن تحرقها بالكامل صواريخ الاحتلال الإسرائيلي التي ضربت جزءًا كبيرًا من الأراضي الزراعية في قطاع غزة خلال عدوانها الأخير.

تقول أم هاني: "أعتمد الزراعة الموسمية وأنفق من مردودها على عائلتي وزوجي المريض، والآن هذا همّ جديد، ولا أعرف كيف سنكمل العام"، غارات الموت ليست وحدها العدوّ فأم هاني لا تنتج إلى للسوق المحلي فقط، وهي كانت تجاهد هذا الواقع، إلا أن العدوان جعل أضاع حتى هذه الفرصة الضئيلة.

ولأم محمد الحرازين قصة مشابهة مع واقعهم في قطاع غزة، وكيف فاقمه العدوان، فالسيدة التي تسكن حي الشجاعية- أم لسبعة أبناء- تكبّدت خسائر فادحة نتيجة حرق الصواريخ لمحصول الأرض الزراعية التي تستأجرها.

تقول: "حياتنا كلها من بين الخضراوات والبقوليات ولا يوجد مصدر دخل آخر، وها هو الاحتلال دمر السبع دونمات التي نعتمد عليها".

الحياة سيئة للمزارِعات الفلسطينيات كما تؤكد أم محمد، فإطلاق النار المستمر على الأراضي الزراعية من قبل الاحتلال يجعلن قلِقات دومًا، ناهيك عن انقطاع الكهرباء وصعوبة التسويق وفتح السدود وإغراق الأراضي، فالنسبة لهن "الحرب ليست أيام العدوان فقط، إنها حرب علينا طول العام".

المؤسسات الحقوقية والرسمية ما زالت تعكف على رصد آثار وانعكاسات العدوان الأخير على النساء الريفيات والمزارِعات منهن على وجه التحديد، اللواتي يعانين على الدوام بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.

في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عدد من المزارِعات تضررن بشكل كبير، على المستوى الزراعي والنفسي، فما حدث تسبب في نقص إنتاجيتهن نتيجة عدم قدرتهن على الوصول لأراضيهن الزراعية، وهن عشن مرحلة قاسية بسبب ظروف القصف والحالة النفسية السيئة، يقول مدحت حلس الناطق باسم الإغاثة الزراعية.

وتعتمد الكثير من المزارِعات على التعاونيات الزراعية التي تضررت، وعملهن مرتبط بشكل كبير بمنتجات الأجبان والألبان التي فسدت بسبب عدم وصولها للمستهلك، يقول حلس، فالعدوان تسبب أيضًا في ضررٍ كبير لخطوط نقل المياه وأحرق جزءًا من البساتين.

وتعكف الإغاثة الزراعية حاليًا إلى جانب وزارة الزراعة على التواصل مع المانحين لغرض تقديم المساعدة للمزارِعات المتضررات، في هذا القطاع الذي قّدرت خسائره بنحو 204 مليون دولار.

لكن الاعتداءات بحق الفلاحات متواصلة ويجب ألا ننساها كما تؤكد نهى الشريف منسقة الإعلام والمناصرة بالإغاثة الزراعية، فهن يواجهن دومًا صعوبة الوصول لأراضيهن الزراعية ويتكبّدن خسائر فادحة نتيجة رش الاحتلال للأراضي بالمبيدات، يضاف إليها أزمتي المياه والكهرباء.

تضيف: "هن يتحملن أيضًا عبء الأعمال المنزلية في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية متشابكة وحالة الفقر المنتشرة في قطاع غزة، وتضاعفت معاناتهم بفعل جائحة كورونا نتيجة للمشكلات الأسرية إبّان الحجر المنزلي، وما رافقه من صعوبة الوصول لأراضيهن الزراعية.

لكن هذا ليس كل شيء، فالحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة كانت له تداعياته على الفلاحات كما يقول باسم أبو جريّ الباحث في مركز الميزان لحقوق الإنسان، فوفقًا لتقرير للمركز حول النساء في المناطق المقيّدة الوصول (الحدودية) فإن الفلاحات يواجهن صعوبة في الوصول لأراضيهن.

وأضاف أبو جريّ إن هذا الواقع كان له تأثير كبير على النساء العاملات وانعدام الأمن الغذائي خاصة أنهن عاملات في المناطق الحدودية ونتيجة لعمليات إطلاق النار والتوغل المستمر في المناطق الزراعية، تكبّدت الكثيرات منهن خسائر فادحة، ناهيك عن أزمة انقطاع التيار الكهربائي ونقص المياه.