الأجنة في بطون أمهاتهم.. مستهدفون أيضاً
تاريخ النشر : 2021-06-07 13:55

غزة:

لماذا أردت الإنجاب هنا؟ أنا مجنونة، يا ليتني لم أحمل، بصوت مدوّي ولطم على الوجه كانت سمر تضرب نفسها وتركض في الشارع هرباً من القصف الإسرائيلي الذي استهدف برج "القاهرة" الملاصق لمنزلها في حي تل الهوى غرب مدينة غزة.

حامل بشهرها التاسع، وأي "جريمة" هذه التي اعتقدت حينها أنها ارتكبتها بحق نفسها وطفلها الذي أوشك على الخروج إلى الحياة في أحلك الظروف التي تمر على قطاع غزّة.

تخبرنا سمر أن مشاهد القصف الإسرائيلي كانت بنظرها عبارة "شيطان رجيم" تجلّى في سماء المدينة، يباغت الناس على هيئة صاروخ لا ينفك عن تحطيم من يظنون أنهم أحياء ولا أدري حياة هذه التي يعشيها المرء بينما ينتظر مقتله مفتتاً بصاروخ موجّه أو قذيفة عشوائية؟ تتساءل.

بعد استهداف البرج بساعات، بينما أُجبرت الأم الجديدة على النزوح من منزلها أصابها آلام المخاض، تتحدث: "حجم الألم النفسي ربما كان أكبر من آلام المخاض" حتى وضعت مولودها بسلام.

الأدهى من ذلك، أن سمر لم تعد ترى مفهوم "الحياة" بعينها، فالعيش تحت الاحتلال الذي يشنه عدوانه كالغول المنقض على الناس دفعها للقول "أريد الموت قطعة واحدة بدلاً من توزيع جسدي على أسطح البنايات أو تحت ركامها" جراء القصف المتواصل على المنازل.

وما ضاعف رعب الأم، أنه منذ بدء العدوان على قطاع غزّة والذي استمر 11 يوماً، قتلت إسرائيل عدداً من النساء الحوامل اعتقدن أنهن آمنات بمنازلهن.

ريما سعد قتلت بغارة إسرائيلية على منزلها يوم الـ ١٣ من مايو / أيار، بينما كانت حاملاً بجنينها في الشهر الرابع، بالإضافة إلى طفلها سعد.

  أماني أبو مهاوش، قُتلت وهي حامل في شهرها السابع من الحمل يوم الـ ١٩ من مايو / أيار حين استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل أسرتهم وسط قطاع غزة.

 راوية الطناني، قتلت يوم الـ ١٣ من مايو / أيار مع جنينها بغارة حربية على منزلهم مع باقي أفراد عائلتهم في شمال قطاع غزة.

قصّة سمر تمر على آلاف النساء في غزّة، من حملن ومن لم يحملن وبالطبع الأمهات قبل أي أحد آخر، ريهام حسين أم تعرضت لجلطة بقدمها إثر رعب آخر عاشته أيضاً.

لم ترغب بالحديث، تعاني هول صدمة العدوان وصدمة إصابتها بينما كانت تفرّ من موت محقق عندما اخترقت شظايا القذائف سطح منزلها المصنوع من "الزينكو".

تتساءل حول أكثر ما يفزعها اليوم: "كيف سأضع طفلي بين كل هذا الموت وأنا ممددة لا أستطيع الحركة بسبب الجلطة؟ وكيف سأساعد طفلتي أمل على النجاة من العدوان القادم عندما يصبح لدي طفل وطفلة؟".

إنه الاحتلال، هكذا يحطّم الأبنية ويمرّ فوق أجساد الأطفال والشباب والنساء والرجال والشيوخ، لا مفر فالكل هنا مستهدف، حتى الأجنة في بطون أمهاتهم لم يسلموا أيضاً.

ومن الجدير ذكره، أن 232 فلسطينياً وفلسطينية استشهدوا خلال العدوان الإسرائيلي، بينهم 65 طفلاً وطفلة، و39 سيدة، و17 مسناً ومسنة، كما أصيب أكثر من 1900 مواطناً ومواطنة بجروح مختلفة منها 90 صُنفت شديدة الخطورة.