نتنياهو ينتقم من غزة لتغطية هزائمه
تاريخ النشر : 2021-05-11 19:29
الطفل براء سليمان في وداع والده

غزة:

"يابا استنى،، الله يسهل عليك يابا"، بهذه الكلمات صرخ الطفل الفلسطيني براء سليمان وهو يجري صوب نعش والده الشهيد صابر سليمان ليحمله مع المشيعين وهو يردد بصوت خنقه البكاء "الله يهل عليك يابا، الله يسهل عليك".

كلمات بدت أكبر من عُمر الفتى ذو العشرة أعوام، يحمل بدلًا من ملابس العيد الجديدة همًا جديدًا، صواريخ الاحتلال الإسرائيلي التي أطلقتها مروحياته الحربية ليلة أمس؛ جعلت براء الذي سكن في بلدة جباليا شمال قطاع غزة يتيمًا، لن يرى نور وجه أبيه إلى الأبد.

الشهيد صابر سليمان، هو واحد من 28 شهيدًا، قتلهم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ مساء أمس الاثنين حتى الآن، بينهم 9 أطفال وامرأة، لا لشيء، سوى لأن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي فشل في مواجهة المقدسيين يواجه أزمة داخلية جعلته يسعى لأن يبدو بطلًا على حساب دماء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يحاصره منذ 15 عامًا؛ ودموع أطفاله.

وفي التفاصيل، فقد عمدت سلطات الاحتلال للاعتداء على المسجد الأقصى منذ بداية شهر رمضان، وأغلقوا باب العامود الذي أجرتهم هبة المقدسيين على إعادة فتحه، ولكن بقي التهديد باقتحام المسجد يوم 28 رمضان من قبل مستوطنين احتفالًا بما يسمونه لديهم "توحيد القدس" أي احتلال المدينة الفلسطينية كاملة.

واقع رفضه المقدسيون الذين سعوا لمنعها عبر هبّة شعبية منذ عدة أيام، واجهها الاحتلال بالقمع، ما دفع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أمس للتهديد باستهداف التجمعات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة ما لم تتوقف الاعتداءات وينسحب الاحتلال من الحرم ويُطلق سراح الشبان الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم، وحددت الساعة السادسة مساءً، وإلا!!.

ما إن بلغت الساعة السادسة حتى انطلقت رشقة من الصواريخ محلية الصنع من قطاع غزة صوب المناطق التي يستوطنها إسرائيليون، وعلى وقع أصوات الصواريخ سرعان ما تشتت جمع الذين كانوا قبل لحظات يمارسون القمع و"العربدة" ضد المقدسيين، إلا أن الاحتلال عمد إلى استهداف المدنيين في قطاع غزة، فإلى أين تتجه الأمور؟

يقول المحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي عاهد فروانة، إن الاحتلال منذ مدة يستعد لهذه الجولة التي يمارس فيها نتنياهو عنفًا أكثر من أي جولة ساقة، كنوع من تعويض الفشل الذي لاحقه في القدس وفي تشكيل الحكومة الإسرائيلية، ولإثبات أنه الأجدر بتشكيلها والأقدر على التعامل مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وكذلك لإفشال خصمه لابيد المكلف بتشكيل الحكومة.

بإلغاء مسيرة المستوطنين بالنسبة للاحتلال- كما يقول فروانة- شكّلت فشلًا ذريعًا جعلت كل كرف يلقي باللائمة على الآخر، الجيش يتهم الشرطة، والشرطة تتهم الشاباك وما إلى ذلك، لكن ما حدث في قطاع غزة كان مفاجئًا بالنسبة لنتنياهو.

يوضح فروانة :"الاحتلال يدرك أن المقاومة تطور قدراتها، بالتالي يزيد الضربات ليستعيد قوة الردع لأنها المحرّك الأساسي لهم"، المفاجئ  إذن هو قدرة المقاومة على تطوير تكتيكات تتجاوز القبة الحديدة، افيحاي ادرعي تفاخر أن القبة الحديدة تسقط 90% من الصواريخ، لكن 10% وصلت وحققت الهدف ضمن معادلة توازن الرعب.

وحول حديث المقاومة الفلسطينية عن امتلاكها بنك أهداف يؤكد فروانة إن كل ما تقوله المقاومة يتابع بشكل جيد لدى الاحتلال، وربما حالة الردع المتبادلة وتوازن الرعب تجعل الأمور تتجه نحو التهدئة ما لم يحدث شيء يقلب الموازين كما حدث في حرب 2014، فإن ظلت الحالة ضمن قواعد الاشتباك الحالية يمكن الوصول إلى تهدئة في وقت قصير ولكن أن حدث تطورًا كبيرًا سوف تستمر الأمور لأيام.

رئيس مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة سلمة معروف قال إن عدوان الاحتلال الإسرائيلي تسبب في شلل شبه تام في الحياة العامة، في وقت يستعد الفلسطينيون للاحتفال بعيد الفطر السعيد بعد يومين، كما منع صرف مستحقات الكثير من الفئات الاجتماعية الفقيرة.

وبيّن معروف خلال مؤتمر صحفي إن الاحتلال ارتكب حتى الآن أكثر من 56 اعتداءً وغارة أطلق خلالها 120 صاروخ وقنبلة على أهداف مدنية لم يسلم منها الحجر والبشر والشجر، وتعمّد قصف المرافق الحيوية والخدماتية الأساسية مثل محولات الكهرباء وآبار المياه وامدادات الصرف الصحي وغيرها، مما جعل تلك الخدمات تتأثر، سيما مع توقف محطة تحلية المياه شمال قطاع غزة جراء قصف محيطها.

وبينما توعد نتنياهو، الشعب الفلسطيني بتكثيف الهجمات على قطاع غزة بعد إعلان المقاومة الفلسطينية الرد على تصعيد الاحتلال بأكبر ضربة صاروخية من نوعها، والتي أسفرت عن مقتل إسرائيليتين في مدينة عسقلان المحاذية للقطاع، وإصابة العشرات؛ بعضهم بحالات هلع؛ وجهت كتائب رسالة تحذير شديدة اللهجة للاحتلال الإسرائيلي.

وقالت الكتائب على لسان ناطقها العسكري ابو عبيدة، "إذا تمادى العدو وقصف الأبراج المدنية فإن تل أبيب ستكون على موعدٍ مع ضربةٍ صاروخيةٍ قاسية تفوق ما حصل في عسقلان".

وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أكد إن بلاده أجرت اتصالات مع "إسرائيل" خلال الأيام الماضية من أجل التهدئة، لكنها "لم تجد الصدى اللازم".

وأكد شكري في كلمته أمام اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، بدأ بعد الظهر اليوم، لبحث الأوضاع في القدس "إزاء كل هذه الانتهاكات (الإسرائيلية) تحركت مصر بشكل مكثف خلال الأيام القليلة الماضية فقامت بنقل رسائل إلى إسرائيل وكافة الدول الفاعلة والمعنية لحثها على بذل كل ما يمكن من جهود لمنع تدهور الأوضاع في القدس، غير أننا لم نجد الصدى اللازم".

وأضاف شكري "لا تزال مصر تجري اتصالاتها المكثفة مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة من أجل ضمان تهدئة الأوضاع في القدس الشريف".