الساحرة بيسان تروي حكايا الأماكن العتيقة بغزة
تاريخ النشر : 2021-05-08 16:03

غزة:

منذ صغرها اعتادت الحكواتية بيسان عودة "22 عامًا" أن تقص عليها والدتها الكثير من القصص، فكانت تسرح بخيالها وتسأل عن أدق التفاصيل، ثم تعيد روايتها لصديقاتها وتأسرهن بأسلوبها المميز.

كبرت الصغيرة وزاد شغفها بمتابعة الحكايات خاصة الغريب منها، تبحث وتنبش في التفاصيل أكثر، فكل شيء يُعرض عبر شاشات التلفاز أو وسائل التواصل الاجتماعي كان يجذبها وتتوقف عنده، حتى قررت وهي في عمر الثامنة عشر تدشين صفحة عبر الفيسبوك أسمتها "الرواة".

لاقت صفحتها إعجاب آلاف المتابعين لاسيما، وأنها كانت تنشر عبرها كل ما يجذبها من القصص الحياتية في قطاع غزة وتسلط الضوء على حكايا المبدعين، فمن يتصفحها يجد الفنان وعازفة الجيتار ولاعبة الكاراتيه والمصور الذي تقنص كاميرته أجمل الصور لقطاع غزة، ثم تعلق بيسان على ذلك الإبداع بطريقة ساحرة لدرجة أهّلتها لإعطاء الكثير من الدورات التدريبية في كتابة المحتوى الرقمي.

توقفت الحكواتية قليلًا عن النشر في "الرواة" وراحت تبحث عن شيء جديد، إلى أن لاح في عقلها فكرة توثيق الأماكن، ترددت كثيرًا في اتخاذ الخطوة، لكن تحدت نفسها وقررت الخروج ببرنامج "حكواتيه".

تحكي بيسان لـ "نوى": لم أصل لفكرة البرنامج بسهولة؛ كنت أجلس ساعات طويلة مع أهلي وأصدقائي وأستنزف تفكيرهم للوصول إلى أفكار مميزة (..) أرهقتهم معي حتى وصلت لفكرة البرنامج".

وتابعت بثقة:" أكثر شيء كان يخيفني هو السباق الرمضاني، فالكثير من السوشلجية لديهم برامج مختلفة، وخشيت ألا يشاهد أحد المحتوى الذي أقدمه، لكن حدث عكس ذلك ومن الأيام الأولى لامست التفاعل".

وعن اختيارها لتكون حكواتيه تقول إن فكرة الحكواتي موجودة في شهر رمضان منذ عقود طويلة حين كانوا يسردون قصص أبو زيد الهلالي، مشيرة إلى أن الفكرة استهوتها من خلال المسلسلات الشامية فنفذتها مع تعديلات تناسب رغبة الناس ومكان العرض "السوشيال ميديا"؛ لتصل إلى أكبر شريحة من الجمهور.

وتذكر الحكواتية أنها في آخر جمعة كان فيها الحجر المنزلي نزلت إلى الشارع برفقة المصور تمام الساعة الثامنة صباحًا، وهي تحمل أفكارها بعقلها وبيدها الكرسي الأبيض الذي تجلس عليه في كل مكان تروي حكايته.

تقول:"في اليوم الواحد صوّرت حكاية سبعة أماكن، وجميعهم وصلت إليهم مشيًا على الأقدام دون تعب".

اختارت بيسان ارتداء اللون الأسود لتحكي القصص كالساحرات، فهي تريد أن تكون ساحرة مميزة تثري عقلية المتابع بمعلومات جديدة عن أماكن يمر عنها كل يوم.

أبرز الأماكن التي زارتها بيسان كان شجرة السدرة وحكاية الجندي المجهول وسفينة ساتيا، وميناء غزة القديم، وسوق الزاوية وتمثال العنقاء، ولاتزال تعرض المزيد من الحكايا عبر فيديو لا تتجاوز مدته الثلاث دقائق تنشره على الانستغرام والفيسبوك.

وتخبر بيسان "نوى" أن القصة الرقمية باتت مستهلكة؛ لذا بحثت عن محتوى مميز يمكّنها من جذب المتابع، مؤكدة أنها بالفعل وصلت إلى المتابع لدرجة أنها حين تمشي في الشارع يرددون على مسمعها "أهلا بالحكواتية".

ورغم أن بيسان عرضت حلقات قليلة تروي فيها قصص المدينة العتيقة، إلا أن أسلوبها البسيط ولهجتها الغزاوية المحببة وتقمصها لدور الحكواتي سهّل عليها سرد المعلومات.

وتؤكد أنه قبل عرض كل حلقة تغوص في رحلة بحث عن المكان الذي ستحكي عنه للجمهور، فتنقب عن معلومات جديدة، مبينة أن هناك الكثير من الأماكن في البلدة العتيقة لابد أن تروى.

الحلقات التي عرضتها الحكواتية صورت بأدوات بسيطة، حيث استلفت الكاميرا من أحد معارفها، بينما يشاركها المونتاج شاب لايزال على مقاعد الدراسة، أما الاستديو فهو الشارع كما تقول.

ما يميز بيسان أنها تجيب عن الكثير من الأسئلة بعيدًا عن السياسة، وتقترب أكثر من تفاصيل المدينة وتاريخها، كما وتطمح أن تخرج للعالم لتحكي قصص أماكن عربية لم ترو بعد.