تأخّر نتائج فحوصات كورونا أزمة جديدة تلاحق وزارة الصحة
تاريخ النشر : 2021-04-11 12:21

غزة:

قبل نحو أسبوع، هرع الشاب أحمد لعمل فحص كورونا عقب مخالطته لزميله المصاب، واختار أحمد إجراء الفحص السريع الذي يعطي نتيجته بعد 15 دقيقة، لتظهر أنه غير مصاب.

لكن قلب أحمد لم يطمئن فذهب لإجراء مسحة الكورونا المعروفة باسم PCR والتي تستغرق نتيجتها يومين إلى ثلاثة، وأظهرت أيضًا أنه غير مصاب، ليجد وبشكل مفاجئ اسمه في كشوفات المصابين بعد أربعة أيام من مخالطته للكثيرين.

يقول الشاب العشريني لنوى :"فوجئت بعد مرور أربع أيام باسمي في كشف المصابين المنشور على شبكة الانترنت، وبعد مخاطبتي مختبر عيادة الرمال في وزارة الصحة وإرسال صور النتيجة التي تلقيتها عبر الجوال وتلك المنشورة في الكشف؛ لم أحصل على تفسير دقيق حول النتيجة المختلفة".

وتساءل أحمد عمن يتحمّل مسؤولية عدم الدقة في نتائج الفحوصات في وزارة الصحة التي يفترض أن تكون دقيقة تمامًا.

شهدت الأيام الماضية تزايدًا في عدد المواطنين الذين يشتكون من تأخّر تسلّمهم لنتائج فحوصات كورونا

حالة أحمد ليست الوحيدة؛ فعلاوة على تضارب النتيجة، شهدت الأيام الماضية تزايدًا في عدد المواطنين الذين يشتكون من تأخّر تسلّمهم لنتائج فحوصات كورونا في وقت تتضاعف فيه الإصابات بشكل غير مسبوق حتى تجاوزت 1500 يوميًا، في منطقة جغرافية صغيرة مثل قطاع غزة (356 كيلومترًا) ذات كثافة سكانية عالية يزيد عدد مواطنيها عن 2 مليون إنسان.

ومع الارتفاع الخطير في أعداد الإصابات والوفيات اليومية بالفيروس؛ تشكّل الموجة الثانية من تفشي الوباء ضغوطات كبيرة على الكادر الطبي، كما أن تأخر النتائج أو ضياع العينات تلقي بظلالها على حياة المواطنين، مما يضيف المزيد من المعاناة في ظل تشديد إجراءات الاغلاق المتخذة للحد من أعداد الإصابات.

حالة أخرى للشابة رانيا (اسم مستعار)، التي عانت من إصابتها بالفيروس، وقد مرت بغالبية الأعراض التي تنال من المصابين وآخرها فقدان حاستي الشم والتذوق.

رانيا فوجئت بعد أيام ثقال من الانتظار أن الوزارة تنفى وصول عينة خاصة بها إلى المختبر

تشكو رانيا تجربتها القاسية مع الإجراءات المتبعة من قبل وزارة الصحة لإجراء فحص الفيروس، تحملت مشقة في الوصول إلى المختبر التنفسي في مستشفى الشفاء لسحب العينة، فوجئت بعد أيام ثقال من الانتظار أن الوزارة تنفى وصول عينة خاصة بها إلى المختبر.

تقول رانية لـ"نوى": "ذهبت إلى مستشفى الشفاء متخذة أقصى درجات الحذر واتباع إجراءات السلامة من تعقيم وتباعد لإتمام سحب المسحة، وعدت إلى العزل المنزلي حتى صدور النتيجة، لأكتشف بعد خمسة أيام من الانتظار عدم ظهور النتيجة لعدم وجود اسم لي في العينات التي تم فحصها في مستشفى الشفاء".

بقي الأمر على حاله حتى بعد تحويل رانيا للمراجعة عن عينتها في عيادة الرمال التي بدورها تُحول نتائج الفحوصات إلى وزارة الصحة، لتصبح مضطرة خاصة بعد عدوى أبنائها منها لعزل أسرتها في المنزل.

وتؤكد: "لن أغامر بإجراء الفحص مرة أخرى خشية التسبب في عدوى لغيري أثناء التنقل في التاكسي وصولًا إلى المختبرات الرسمية لإجراء مسوحات فيروس كورونا كما المرة الأولى".

الآن، وفي ظل حالة البلبلة التي واجهتها رانيا في الحصول على نتيجة الفحص اضطرت إلى تحمل المسئولية بتأجيل مناقشة رسالة الماجستير خاصتها دون إثبات أنها مصابة بكورونا؛ مؤكدة أن الكثير من الناس قد لا يهتمون ويخرجون لأعمالهم مجددًا رغم ظهور معظم الأعراض، وهذا يسبب توسيع دائرة انتشار الفيروس.

حنين طُلب منها البقاء على قائمة الانتظار لمدة 72 ساعة من ظهور الأعراض، ثم على قائمة الانتظار مرّة أخرى لخمسة أيام لم تظهر خلالها النتيجة

حنين حمدونة، تجربة أخرى لشابة عانت ظهور أعراض الإصابة بفيروس كورونا، وتلقائيًا تواصلت مع الطب الوقائي بوزارة الصحة الفلسطينية آمله أن يتم توجيهها بشكل آمن لمكان الفحص، غير أن الأمر لم يكن هينًا، إذ طُلب منها البقاء على قائمة الانتظار لمدة 72 ساعة من ظهور الأعراض، ثم على قائمة الانتظار مرّة أخرى لخمسة أيام لم تظهر خلالها النتيجة.

تقول حنين: "كان لدي تدريب مهم ومواعيد عمل، وكنت بحاجة لأن أثبت إصابتي بتحليل مخبري لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتأجيل عملي، لكني مع التأخير وبدون نتائج اضطررت للخروج مع أخذ الاحتياطات اللازمة".

 تشكو حنين من تأخير إجراء المسحة والتي توسّع دائرة المخالطين بالإضافة إلى تأخير الحصول على نتائج الفحص الأمر الذي يجعلها تعيش في دوامة القلق مطالِبة وزارة الصحة بالعمل على توفير أجهزة لتسريع عمليات المسح في كل المحافظات وقالت:" من الضروري توفر جهاز PCR في كل محافظة".

وبعد تكرار شكاوى مواطنين من حدوث أخطاء في النتائج وتأخر وصول بعضها، توجّهت نوى بالمساءلة إلى وزارة الصحة الفلسطينية بقطاع غزة التي اتضح أن لديها علم بالأمر.

ضهير: ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية ناتج عن خلل فني أصاب بعض أجهزة الفحص وسرعان ما تم تداركه

مدير دائرة الطب الوقائي د.مجدي ضهير أكد أن ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية ناتج عن خلل فني أصاب بعض أجهزة الفحص وسرعان ما تم تداركه من قبل الوزارة، نافيًا أن يكون زيادة عدد الفحوصات للمخالطين والمشتبه بهم قد شكّل ضغطًا على قدرة المختبر أو تسبب في تأخير بعض النتائج!.

وفيما يتعلق باحتمالية الخطأ في نتائج الفحوصات، خاصة لدى الأشخاص الذي تظهر عليهم أعراض الإصابة وتأتي النتيجة مخالفة لتوقعهم، قال إن النتائج دقيقة بدقة الأجهزة المستخدمة، موضحًا إن هناك من تظهر عليهم أعراض يظنها كورونا وهي قد تسببها الانفلونزا أو أمراض أخرى، ونصح من تظهر عليه الأعراض بالعزل المنزلي حتى لو كانت النتيجة سلبية حتى بعد اختفاء الأعراض بمدة 48 ساعة.

ونفى ضهير وجود نقص لدى وزارة الصحة في الإمكانيات، قائلًا :"الإمكانيات جيدة".

لكن استشاري الصحة العامة وعلم الأوبئة د.محمد أبو ريا أرجع ما يحدث في تأخير النتائج أو عدم ظهورها للضغوطات المتزايدة في أعداد الأشخاص الذي يقومون بإجراء الفحص.

أبو ريا: القدرة التشغيلية في وزارة الصحة تستوعب فقط ثلاثة ألاف عينة يوميًا وفي الأيام العشرة الأخيرة تجاوزت الأربعة آلاف

وقال  لـ "نوى": القدرة التشغيلية في وزارة الصحة تستوعب فقط ثلاثة ألاف عينة يوميًا وفي الأيام العشرة الأخيرة تجاوزت الأربعة آلاف عينة" وأضاف  أن تصاعد المنحنى الوبائي إلى ألفين إصابة يوميًا يُشكل عبئًا على المختبر المركزي الوحيد لدى وزارة الصحة مرجعًا أسباب الخطأ أو الفشل إن وجدت إلى ذلك.

أبو ريا الذي أشار إلى تأثير الوباء على العمل حتى في الدول المتطورة قال أن المنظومة الصحية في القطاع منهارة بسبب إيقاف التطوير الطبيعي بشكل كامل في كل النواحي، وأن المتوفر من متطلبات وأدوات خاصة بالوضع الوبائي لا تتناسب مع الاحتياج الماس الذي يواجه القطاع، وحذر من زلزال وبائي خطير يُهدد وزارة الصحة.

وتابع: " وزارة الصحة باعتبارها المسئول الأول عليها العمل على ترتيب الأولويات في ظل حالة الضغط التي يواجهوها، وكذلك على المجتمع ضرورة الحرص على الالتزام بإجراءات الوقاية والسلامة والوعي من قبل الحكومة بتغيير إجراءات التعامل مع المواطنين المخالفين لقواعد السلامة بتشديد العقوبات من أجل إجبارهم على الالتزام".