انتخابات "إسرائيل"..اليمين يسيطر دون أن يحسم
تاريخ النشر : 2021-03-28 18:01

غزة:

مع فرز 99.5% من الأصوات وبروز النتائج شبه النهائية لانتخابات الكنيست الإسرائيلي الرابعة خلال عامين، قد يبدو أنه لا جديد فيها بتقارب فرص المعسكرين مع تقدّم لنتنياهو لكن دون أن يحسم.

الانتخابات الإسرائيلية وهي 24 للكنيست شارك فيها 13 قائمة يمثلون اليمين ويمين الوسط وقائمتين تمثلان المواطنين الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 م، يتنافسون لتشكيل الحكومة 36 منذ نشأة الكيان.

يحتاج نتنياهو 61 عضوًا للحصول على أغلبية داخل الكنيست المكوّن من 120 عضوًا  والتمكّن من تشكيل حكومة

معسكر نتنياهو حصد 52 مقعدًا من أصل 61 يحتاجها ليشكّل أغلبية تمكّنه من تشكيل حكومة من أصل 120 عضوًا للكنيست بينما حصل المعسكر المناوئ على 51، وتراجع التمثيل الفلسطيني إلى 10 مقاعد 6 للقائمة العربية المشتركة بقيادة أيمن عودة و 4 للقائمة العربية الموحدة بقيادة منصور عباس الذي انشق عن المشتركة، بعد أن حصدوا 15 مقعدًا العام الماضي.

المحلل السياسي د.طلال أبو ركبة عزا سبب تقدّم نتنياهو-رغم عدم حسمه - إلى انزياح المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين الذي يمثّل 72 عضوًا من أصل 110 أعضاء باعتبار وجود 10 فلسطينيين، لكن عدم قدرة اليمين على تشكيل الحكومة سببها الانشقاقات التي يشهدها وعنوانها الخلاف على شخص نتنياهو المتهم بالفساد، وليس عنوانًا سياسيًا فهم متفقون على رؤية اليمين فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني وحسم قضايا الضم والتهويد.

اقرأ/ي أيضًا: (59) مقعدًا لليمين.. فهل يُشكِّلُ "نتنياهو" الحكومة؟

لكن وجود نتنياهو في الحكم كل هذه المدة- كما تراه المحللة السياسية د.أماني القرم راجع إلى قلة الشخصيات الإسرائيلية التي تستطيع مجابهته، وأنه استطاع التأسيس لنمط ثقافي يستطيع من خلاله كسب الأصوات وزيادة فرص بقائه في الحكم، فهو استطاع التحالف مع اليمين الديني المتشدد رغم أنه ملحد، لكنه منحهم المزيد من الحريات مقابل دعمه، وهم بالتالي يحصلوا على زيادة نسبة تمثيلهم في الكنيست وهذا جعل المجتمع أكثر يمينية.

هذه الانتخابات شهدت غيابًا واضحًا للقضية الفلسطينية عن دعايتها الانتخابية، أمرٌ عزاه أبو ركبة إلى غيابها منذ عام 2009 حين لم تعد ضمن أجندة الناخب الإسرائيلي، ارتباطًا بما يحققه نتنياهو نتيجة للانقسام الفلسطيني، فلم يعد الصراع قضية أساسية وانتقلت إسرائيل إلى الاستيطان الذي كان يشكّل 3% عام 2003 والآن أصبح المستوطنون 30%، وهم يسعون لفرض أجندات ضمن ما يسمى الفلسطيني الجديد الذي يقبل التعايش ضمن الحدود التي تضعها إسرائيل، فالصراع لم يعد أساسًا فكلهم متفقون ضمن رؤية شارون التي وضعها عام 2003م.

القرم: غياب القضية الفلسطينية عن الدعاية الانتخابية للاحتلال بسبب غياب زخم القضية الفلسطينية الناتج عن وضعنا الداخلي وانشغال الدول العربية بقضاياها وأمنها القومي

أما القرم فتزيد على هذه الأسباب أن غياب زخم القضية الفلسطينية الناتج عن وضعنا الداخلي وانشغال الدول العربية بقضاياها وأمنها القومي ساهم في زعزعة مكانة القضية الفلسطينية، وانشغالنا نحن بالانقسام السياسي، إضافة إلى عدم وجود استراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال جعل الخطر الفلسطيني غائبًا عن الاحتلال.

اللافت في هذه الانتخابات أيضًا، تراجع مقاعد الفلسطينيين وعزوف الناخبين الفلسطينيين عن المشاركة، بسبب فقدانهم الثقة بالأحزاب السياسية العربية وقدرتها على حمل مطالبهم، خاصة بعد قانون القومية الذي أقره الكنيست عام 2017 ، بالتالي-وفقًا لأبو ركبة- يتضح عدم جدوى مشاركتهم، إضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة بين الفلسطينيين بتعمد ممنهج من الاحتلال وعجز القائمة المشتركة عن إيجاد حل.

فمنذ البداية -والقول لأبو ركبة- لم يطرح التمثيل العربي سؤالًا سياسيًا حول الحقوق للمواطن الفلسطيني بقدر ما ذهب إلى تحسين أنماط الحياة والظروف المعيشية، وهذا انعكس على رؤية الفلسطينيين في الداخل لهذه الأحزاب، وذهاب بعض قيادات عربية إلى أحزاب صهيونية تميّز أصلًا على خلفية عرقية ودينية، فإسرائيل لا تبحث عن ديمقراطية إنما فائض قوة تمكنها من طرح دولة لليهود فقط، هذه الإخفاقات تسببت في تراجع نسبة تصويت العرب.

أبو ركبة: لم يطرح التمثيل العربي سؤالًا سياسيًا حول الحقوق للمواطن الفلسطيني بقدر ما ذهب إلى تحسين أنماط الحياة والظروف المعيشية،

بدورها تضيف القرم بأن تكرار الانتخابات لعدة مرات في غضون سنتين أصاب الناس بالملل، وهم لم يهتموا لولا حملات التوعية بضرورة الانتخاب، في المرة الماضية كان لديهم دافعًا للانطلاق ولكن هذه المرة التشتيت الذي حدث تسبب في التراجع والوضع الداخلي العربي لا يتحمل انتخابات متكررة.

وتكمل:" كل حزب سياسي بات يبحث عن مصلحته بالتالي هناك اختلاف في وجهات النظر، لكن انشقاق منصور عباس كان أحد الأسباب وكان الأجدر البقاء موحدين ليكونوا وزنًا في الكنيست خاصة وأن طريق وصولهم ليست معبدة".

ورغم تحالفه مع نتنياهو، فإن الشكوك ما زالت تحوم حول فرص منصور عباس للمشاركة في الحكومة، وفقًا لآراء الكثير من المحللين، خاصة مع رفض اليمين الإسرائيلي للوجود العربي.

اقرأ/ي أيضًا: اليمين الإسرائيلي يفوز،، فهل نملك خيارات لمواجهته؟

وربما كان عدم قدرة القائمة المشتركة سابقًا على التأثير أحد أسباب التراجع، لكن القرم تُرجع ذلك إلى طبيعة التصويت داخل الكنيست فهناك أغلبية بسيطة وأغلبية مطلقة، والعرب كان بإمكانهم التحالف مع الأحزاب اليسارية للوقوف في وجه نتنياهو، وصولهم إلى 15 مقعدًا كان إنجازًا لأن هناك قوة مناهضة لوصولهم، نتنياهو أراد شقّ صفوفهم ومنصور عباس كان الحلقة الأضعف، والمفارقة أن اليمين سيرفض وجوده في أي حكومة لأنه عربي.

وحول فرص تشكيل الحكومة الإسرائيلية رجّح أبو ركبة أنه في حال تحالف نتنياهو مع بينيت ومنصور عباس سيحصل على 63 صوتًا، لكن هذا مرهون بانزياح بينيت وموافقة اليمين الإسرائيلي على مشاركة عباس، وإذا لم يحدث فهم ذاهبون إلى انتخابات خامسة، ولم يستبعد أبو ركبة التحالف مع عباس في ظل انخفاض سقفه إلى مطالب حياتيه خدماتية وهو سيكون داعمًا للحكومة وليس شريكًا فيها لكن هذا سيخضع لسجالات مع اليمين ومع عباس نفسه، فنتنياهو أراد من التحالف معه تضييق حجم الكتلة المناوئة له وشق القائمة العربية.

أما القرم فترى إن مفاوضات تشكيل الحكومة تستمر لعدة أسابيع من أجل تكوين التحالفات وممكن تشكيل حكومة بقيادة نتنياهو أو لبيد حسب نجاح أي منهما في تكوين تحالفات ولكن ستكون ضعيفة ولن تستمر طويلًا والذهاب إلى انتخابات خامسة، خاصة وان الانتخابات أصبحت تدور حول شخصية نتنياهو أكثر من كونها على برنامج سياسي.

وحول تأثير ما يجري داخل مجتمع الاحتلال علينا، قال أبو ركبة، إن علينا السؤال أولًا ماذا نريد نحن وليس الاحتلال، فنحن بحاجة إلى إعادة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني، ربما يسعى الاحتلال حفاظًا على الانقسام لتعطيل الانتخابات الفلسطينية خاصة في القدس وهي ليست قضية أصوات بل هي محور صراع بالتالي علينا الاشتباك الدبلوماسي لإظهار وجهه القبيح أي كان شكل المرحلة المقبلة لديهم.

أما القرم فهي ترى أن كل ما يجري حتمًا يؤثر علينا بفعل وقوعنا تحت الاحتلال والتواصل الجغرافي معهم وتحكمه في الكثير من مناحي حياتنا، معربة عن أملها بفشله في تشكيل حكومة ما يقوده إلى السجن بتهم الفساد التي تلاحقه وربما تأتي حكومة أخرى تتزحزح معها القضية الفلسطينية.