تفاصيل "صادمة" في قضية فصل موظف "أنروا" بغزة
تاريخ النشر : 2021-03-26 15:13

لليوم التاسع على التوالي، يواصل الموظف عبد السلام عوض الله من مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، إضرابه المفتوح عن الطعام احتجاجًا على قرار فصله من العمل.

الحكاية بدأت عندما تقدمت زوجته بشكوى إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أنروا"، حول مشكلات أسرية بينها وبينه! "يبدو الأمر مضحكًا" يقول الرجل، الذي فوجئ بإدارة الوكالة، تحيله بعدها إلى التحقيق.

خلال التحقيق –يروي عوض الله لـ "نوى"- مارست المحققة ضده القمع، حتى أنها كانت تطلب منه أن يفتح مكبر الصوت، لتسمع كل المكالمات الواردة إلى هاتفه!

ساعاتٌ مرّت ثقيلةً على قلبه، وهو الذي لم يكن يتوقع ما ينتظره بعدها.. "كان قرارًا بالفصل بعد 15 عامًا" يضيف بنبرة حسرة، وهو الذي كان خلالها مثالًا للموظف الملتزم، وتقييماته فوق الممتازة على الدوام.

عبر الهاتف، جاء صوته هزيلًا رغم نبرته المنفعلة: "هذا قرار مجحف، أنا لا أدري إلى أي قانون استندت الوكالة في إقراره، لم يتم فصلي على خلفية مخالفات تتعلق بالعمل، وبرغم تنازل زوجتي عن الشكوى، إلا أن إدارة "أنروا" مضت في إجراءاتها، وتم فصلي".

عوض الله الذي عمل طوال تلك السنوات، مشرفًا للصحة النفسية في مدارس وعيادات "أونروا" بمحافظة رفح، لم يحتمل ما أصابه، وتوجه إلى محكمة تابعة لوكالة الغوث في الأردن، أكدت أنه ليس من صلاحيات الوكالة النظر في المشاكل العائلية، أو فصل موظفين على هذا الأساس.

وبعد الاستماع إلى شهادة زوجته، التي نفت مطلقًا أن  تكون الشكوى ذات علاقة بممارسة العنف ضدها، أو الاعتداء عليها، تمت تبرئته، وتركت المحكمة المجال لإدارة وكالة الغوث بغزة، كي تعيده إلى العمل، أو تعوضه، "وللأسف لم تقبل إدارة الوكالة إرجاعي للعمل، واكتفت بتعويضي، وهذا ما أرفضه تمامًا، فأنا لم أُفصل على خلفية اختلاس أو رشوة" يعقّب.

وعليه، يؤكد عوض الله، أنه سيبقى معتصمًا في مقر الوكالة، مضربًا عن الطعام، إلى حين استعادة حقه.

ووفقًا لعوض الله، فقد توجه في بداية الأمر برسالةٍ إلى مدير الوكالة (ماتياس شمالي) للاستفسار عن سبب القرار الذي كان صادمًا بالنسبة له، وتم الرد على رسالته بالقول: إن هناك خلطًا بينه وبين موظف آخر، وبناء على ذلك فإن عليه (عوض الله) أن يطلب رد القرار.

فعل عوض الله ما طُلب منه، لكن دون جدوى، يزيد: "استمرت الوكالة في قطاع غزة، بقرارها المجحف بحقي".

ويتساءل الموظف المفصول: "ما هو الخطأ أو الجرم الذي ارتكبتُه كي يتم فصلي من العمل؟ كيف يمكنني أن أواصل الحياة وأنا أشعر بكل هذا الظلم؛ بعد سنوات من العطاء؟".

داخل مقر الوكالة -حيث يعتصم عوض الله- تجوب الذكريات أمام عينيه طويلًا، فهنا كان يحصل على التكريم، ويُمنح مكافآت تشجيعية اعترافًا بتميزه وتفانيه في العمل.

ما ينتشله من دوامة الحالة تلك، هو باب الغرفة الذي يُفتح عليه من قبل طواقم الإسعاف، التي تطمئن على حاله بشكل يومي بقرارٍ من وزارة الصحة الفلسطينية.

ويروي الرجل، أن الوكالة، خلال أول أيام اعتصامه، لم تسمح له بإدخال أغطية تقيه برد الليل، وبعد يومين، سمحوا له بإدخال الملابس، "فيما منعوا أي أحد من زيارتي أو الاطمئنان علي" يكمل.

يدرك عوض الله جيدًا، أن كل هذه التعقيدات، تهدف إلى إجباره على إنهاء الإضراب، لكنه يؤكد أنه لن يخرج من هذا المقرـ إلى في حال "تحقيق العدالة، وإعادته إلى عمله".

وكان التجمع الديمقراطي للعاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، حمّل إدارة الوكالة ومدير عملياتها بغزة ماتياس شمالي، المسؤولية الكاملة عن حياة الموظف عوض الله، الذي يخوض إضرابًا مفتوحًا عن الطعام في مقر الأونروا برفح بسبب رفض مدير العمليات عودته للعمل، رغم قرار محكمة نزاعات "أونروا" بعمّان، تبرئته.

وأكد التجمع -وهو الإطار النقابي للجبهة الشعبية- تضامنه الكامل مع الموظف عوض الله، مشددًا على أن هذه القضية ليست فردية، بل هي قضية الكل الوطني، باعتبار أن الموظف تعرض للفصل التعسفي على خلفية أسباب عادية، "ما يشير إلى سياسات كيدية، تأتي في إطار الخطوات الممنهجة التي تقوم بها الإدارة بحق جموع اللاجئين والموظفين على وجه التحديد" يضيف.

وقال التجمع في بيانٍ أصدره، ووصل "نوى" نسخةً عنه: "إنه ومنذ إعلان الموظف إضرابه المفتوح عن الطعام، تواصل مع أطراف مختلفة وفي المقدمة منهم أعضاء من اتحاد العاملين بأونروا، لتعزيز الضغط على إدارة الوكالة للتراجع عن قرارها التعسفي بحقه وإعادته للعمل"، ملفتًا إلى عدة خطوات سيتخدها القائمون عليه في إطار إنهاء ما وصفه بـ"السياسات الظالمة بحق الموظفين"، وعلى رأسها: لقاءات مع نائب المفوض العام بالأونروا، ومسؤول شؤون الموظفين، ومدير الإدارة، والموارد البشرية فيها، وقد يصل الأمر إلى اتخاذ خطوات احتجاجية شاملة على امتداد مناطق قطاع غزة في حال لم يتم إنصاف الموظف وإعادته لعمله فورًا