"جرينرز".. ورحلة إنتاج سمادٍ "فلسطيني" صديقٍ للبيئة
تاريخ النشر : 2021-03-22 11:31

القدس:

كادت الحماسة تقفز من صوتها القادم عبر الهاتف وهي تُحدّث "نوى" عن فرحة الفوز. تقول لينا زحايكة: "كان ثمرةً لجهدٍ تواصَل على مدار عام، سهرٌ، ودراسةٌ، وأبحاثٌ، وتجارب، كلها تمخّضت عن سمادٍ صديقٍ للبيئة، هو هديتنا لوطننا فلسطين".

لينا، ومعها نور دراغمة، وتسنيم خمايسة، وهيثم الشرباتي، طلبة من الجامعة العربية الأمريكية في جنين (ثلاثة منهم تخرجوا من كلية طب الأسنان)، وفازوا قبل عدة أيام بمسابقة (hult prize) تحت مظلة فريقٍ أطلقوا عليه اسم (جرينرز)، بإنتاج سمادٍ صديقٍ للبيئة "يعمل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو، ليتفاعل مع العناصر الأساسية التي تعتمد عليها التربة في إنتاج السماد".

دخل الفريق التحدي مع 1500 جامعة حول العالم، وانتصَر. تردف: "أراد الفريق الخروج بمشروع ريادي، وفي ذات الوقت تقديم حلٍ لمشكلة، كان التحدّي الأول أمامنا هو أن نحل مشكلةً بيئية، وفي الوقت ذاته، نحن الأربعة بعيدون عن التخصص".

"ماذا نفعل؟" تتابع لينا السرد، وتزيد: "بدأنا الدراسة والبحث، وما ساعدنا فقط، أننا جميعًا كنا ندرس في تخصصات علمية، وبالتالي، استفدنا من ما درسناه في تخصص الكيمياء".

التحدي الثاني، كان يكمن في صعوبة قبول المبادرة بسبب "بُعد التخصص"، إلا أن "إصرارنا على المشاركة" –والحديث للينا- جعلهم يقررون تقديمها من جديد.

تضيف: "كنا كلما قفزنا عن عقبة، نصطدم بأخرى، تحديًا ثالثًا واجهناه، يكمن في الحاجة لوجود مختبراتٍ للتجربة. "وما ساعدنا في هذه النقطة، هو تعاون مركز البحوث الزراعية في بلدية قباطية قضاء جنين" تعقب.

خبراء من المركز ساعدوا الشباب الأربعة، كذلك لجنة المسابقة نفسها، وفّرت لهم بعض المشرفين الذين قدموا لهم النصائح، كي يخرج منتجهم بشكل جيد.

تقول لينا: "التجارب استهلكت منا وقتًا طويلًا، منذ يناير حتى آذار/ مارس 2020، ثم منذ مارس حتى أيلول/ سبتمبر من نفس العام، إلى أن أثبت السماد فعاليته".

بعد ذلك بدأت رحلة "التجربة"، تضحك الشابة وهي تصف خوفها وفريقها، عندما بدأوا بتجربة السماد على أراضي المواطنين، وتكمل: "صحيح أن الثقة كانت عالية بعد نجاح التجارب السابقة، لكن التجربة الواقعية على أراضٍ تمثل بالنسبة لأهلها مصادر رزق حية، ليست بالمهمة السهلة".

حاليًا يعمل الفريق- تقول لينا- على تسويق المنتج في الضفة الغربية، وقد نجح في بيع كميات منه داخل عدة مدن شمالًا، متابعةً: "نسعى لتوسيع انتشارنا أكثر، من خلال حملات توعية عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، حول فائدة السماد الصديق للبيئة".

عملية التسويق كانت مكلفة، لكن فوز الفريق بالجائزة، فتح لأعضائه أبواب المقدرة لتسويقٍ أفضل، حتى خارج الوطن، هذا ما تؤكده لينا اليوم، رغم عتبها على الحكومة في "تبني المشاريع الريادية".

تقول: "علاوة على كونها مهمة لأفرادها، إلا أنها توفّر فرص عمل إضافية، تخفف عن كاهل الحكومة، ويفترض دعمها"، ملفتةً إلى أن مشروع "السماد الصديق للبيئة"، كاد أن يتوقف عندما منع الفريق من العمل، إلا بعد توفير مصنع، والحصول على ترخيص له".

تضيف لينا: "كشباب، في بداية الطريق، لم يكن بمقدورنا توفير المبالغ المطلوبة لتنفيذ ذلك، كنا نتمنى لو أن الحكومة قدمت لنا تسهيلات في المعاملات الرسمية فقط كي نعمل بشكل صحيح"، معرجة على مشكلة "صعوبة التنقل بين المحافظات" بسبب الاحتلال الإسرائيلي، وحواجزه، وإجراءاته المشددة، "التي كانت عائقًا ومؤخرًا للإنجاز".

لينا تسكن القدس، وبيتها قبالة مستوطنة، أما نور فتسكن "طوباس"، هشام يسكن الخليل، وتسنيم تسكن جنين. هنا تضحك بمرارة وهي تزيد: "أذكر مرةً أنني كنت في جنين، وفقدتُ هويتي يومها، لم أعرف كيف سأعود؟ وماذا سيحدث لو أوقفوني على الحاجز؟".

الرغبة في المواصلة، كانت دافعًا للفريق الذي يعدّ أن فوزه في المسابقة، هو بمثابة انتصار معنوي لكل ما واجهه خلال المرحلة الماضية، وكذلك بالنسبة لفريق المسابقة، ولكل الداعمين الذين وضعوا ثقتهم في أعضائه.

"وهذا يدفعنا للتفكير، بالمتابعة، والبحث عن مزيدٍ من الإنجازات المستقبلية، بنفس المستوى أو أعلى" تختم لينا بثقة.

على صعيدها الخاص، لم تكن "لينا" تفكر في العمل –حتى كطبيبة أسنان- تحت قيادة أحد، وهذا ما دعم الحافز للنجاح في قلبها أكثر. هي اليوم تشغل موقع المديرة التنفيذية لشركة "جرينر" الريادية، بينما يتولى كل شخص في الفريق مهمةً، بات يدرك تفاصيلها جيدًا، ذلك بعد خضوعه لدوراتٍ تدريبيةٍ حولها مثل: التسويق، والمحاسبة، وإدارة الأعمال.