غادة البرغوثي تتألق عالميًا في أبحاث تطوير الالكترونيات
تاريخ النشر : 2021-02-20 20:46

أبو ظبي:

قبل أيام حصدت الفلسطينية د.غادة البرغوثي جائزة مؤسسة  OWSD-Elsevier  العالمية للعلماء النساء في الدول النامية، في حدث أعاد تسليط الضوء على إنجازات شابة عصامية؛ تعمل الآن على أبحاث ما بعد الدكتوراه في مجال تطوير الالكترونيات، ولتكون ثاني فلسطينية تحصد هذه الجائزة.

وُلدت غادة دوشق البرغوثي في الكويت، انتقلت مع عائلتها إلى الأردن حين بلغت عامًا ونصف إبّان حرب الخليج عام 1990، عادت إلى الضفة الغربية برفقة أمها وإخوتها دون أبيها الذي لم يكن يحمل الهوية الفلسطينية كونه نازح، بعد سنوات عاد الوالد بتصريح زيارة وبقي بلا هوية حتى وفاته عام 1999.

عاشت مع العائلة في قرية دير غسانة قضاء رام الله، وهناك أكملت تعليمها الإعدادي والثانوي، إلا أن نبوغها في المواد العلمية برز منذ طفولتها، تلقّت تشجيعًا كبيرًا من أهلها، عانت مرارة فقد الأب مبكرًا، لكنها تجاوزت الأزمة لتحمل رسالة العلم السامية.

تقول في مقابلة هاتفية مع نوى :"كنت أحب أجواء المختبرات والعمل بها منذ الصغر، حصلت على معدل 94% في الثانوية العامة، درست الفيزياء في جامعة بيرزيت لأنني أحببت الفيزياء التطبيقية".

تخرّجت من البكالوريوس عام 2009 وكانت الثانية على الدفعة من تخصص اعتاد الطلبة الهروب منه بسبب صعوبته، لكنها تعقّب :"هذا الأمر متعلق بمدى حب الطلبة للمادة وكثيرًا ما يكون الأساتذة سببًا في محبة الطالب لتخصص معين، بالنسبة لي كنت محظوظة بأستاذة من تخصصات مختلفة لديهم كم هائل من المعلومات".

الأمور لم تكن سهلة في تخصص صعب مثل الفيزياء، حتمًا واجهت الكثير من الصعوبات ولكن كنت مصرة على المواصلة

واستدركت: "بالطبع الأمور لم تكن سهلة في تخصص صعب مثل الفيزياء، حتمًا واجهت الكثير من الصعوبات ولكن كنت مصرة على المواصلة، وبالتأكيد هناك طلبة لم يواصلوا وحولوا تخصصهم".

حصلت غادة لاحقًا على منحة لدراسة الماجستير في الأردن من هيئة التبادل الأكاديمي الألمانية DAAD، وهناك تنوّعت خبرتها بشكل أكبر، عملت محاضِرة في جامعة بيرزيت ثم حصلت على منحة للدكتوراه في الولايات المتحدة.

اقرأ/ي أيضًا: فلسطينيات سطّرن مجدًا علميًا فلماذا تنسحب أخريات

في الولايات المتحدة، تغيّر تفكيرها بمساعدة مشرفها باتجاه إنجاز فيزيائي يخدم البشرية ويحتاجه الناس، فاتجهت صوب الالكترونيات، فالقطع الالكترونية الموجودة في الأجهزة تُصنّع من مادة السيلكون وهي من الرمل، وحاليًا تتجه التكنولوجيا نحو أن تكون أسرع في كل شيء، حتى الانترنت يجب أن يكون أسرع، ولم تعد مادة السيلكون كافية لأسباب تتعلق بخواصها لا يمكن تعديلها.

لذا، وجدت البرغوثي من خلال أبحاثها العملية إمكانية استخدام مادة تسمى الجرمنيوم، ونجحت أبحاثها، نالت عليها شهادة الدكتوراه عام 2017 وهي بانتظار تثبيتها كبراءة اختراع باسمها.

البرغوثي:نجحت في تصنيع عدة أشياء باستخدام هذه المادة، وهناك أبحاث لاحقة أثبتت ذات النتيجة التي توصّلت لها

تضيف: "من ناحية التطبيق الفعلي فقد نجحت في تصنيع عدة أشياء باستخدام هذه المادة، وهناك أبحاث لاحقة أثبتت ذات النتيجة التي توصّلت لها، لكن الأمور العلمية عادة تأخذ وقتًا ويجب أن تثبت عدة أبحاث أخرى ذات النتيجة حتى يتم اعتمادها".

وتفخر البرغوثي بأنها ظلّت على الدوام مثابرة صوب الهدف الذي رسمته لنفسها، فهي تعمل الآن في زمالة ما بعد الدكتوراه في مختبر أبحاث الضوئيات التابع لجامعة نيويورك فرع أبو ظبي، لتكون واحدة من النساء اللواتي استطعن التغلّب على ظروف قاسية وتخليد اسمها بمداد من الذهب.

وبالعودة للحديث عن جائزة مؤسسة OWSD-Elsevier   أوسيد اليسفر العالمية التي تأسست عام 2012، فتتبع لدار نشر تقوم على نشر أبحاث محكّمة دوليًا، وهي تخصص جائزتها السنوية لسيدة من الدول النامية، عاشت على الأقل خمس سنوات في آخر 15 عامًا في دولتها.

والهدف هو تسليط الضوء على إنجازات هؤلاء العالمات اللواتي تجاوزن حتمًا الكثير من الظروف الصعبة والمعقدة ليصلن إلى هذه المرحلة، خلافًا لنساء في دول غنية تساعدهن ظروف بلدانهن على الإنجاز، فلسطين مثلًا هي دولة تحت الاحتلال وما زالت تعاني الكثير من الظروف الصعبة.

وتعقيبًا على قلة الباحثات النساء مقارنة بالذكور على مستوى العالم فهن لا يتجاوزن 30 % تقول :"هناك الكثير من الأسباب أولها أن الذكور عادة أكثر تفرّغًا وتحديدًا في المجال العلمي التطبيقي الأمر يحتاج إلى الكثير من الوقت، إضافة إلى العادات الاجتماعية التي لا تتيح للنساء ذات الإمكانيات المتوفرة للرجال، هذا موجودة في غالبية المجتمعات ولكن في الدول النامية أكثر".

حصلت البرغوثي سابقًا على العديد من الجزائر منها ميدالية الرابطة الدولية للمواد المتقدمة عام 2018 في السويد، وجائزة Falling walls lab عام 2020 عن عملها "كسر جدار الاتصالات البصرية عالية السرعة" وذلك في مؤتمر القمة العالمية للعلوم في برلين، ولدى البرغوثي 35 بحثًا محّكمًا دوليًا، وهي نفسها تعمل محكِّمة دولية للعديد من المجلات العلمية.

"ومع كل هذا، فالعودة إلى أرض الوطن بعد تحقيق ما أتمنى عبر المختبرات التي أعمل بها الآن، هذا هو الحلم الذي أنتظره"، تقول البرغوثي، لكن أيضًا تطمح إلى تشكيل فريق بحثي من الشباب الفلسطيني داخل أو خارج الوطن، تحقق معهم أحلامها وأحلامهم بإنجازات تخدم البشرية، ترفع من خلالها عاليًا اسم فلسطين.