المنخفضات تقسو على الموسم الزراعي بقطاع غزة
تاريخ النشر : 2021-02-18 12:35
صورة أرشيفية

غزة:

يجول المزارع إياد الدحدوح ببصره على أرضه الواقعة شرق مدينة غزة، بعد أن اقتلعت أشتالها قوة الرياح الناتجة عن المنخفض الجوي الذي يضرب فلسطين حاليًا.

سبع دونمات زرعها بمحصول البطاطا، كان يأمل أن تسهم في تعويضه خسارته التي تكبّدها خلال زراعته محصول الخيار، نتيجة حالة الاحتباس الحراري وانخفاض الأسعار إلى نحو غير مسبوق، بما لم يغطِ تكاليف الإنتاج.

يقول الدحدوح مبديًا الحسرة على المزروعات:"رياح المنخفض اقتلعت شتلات البطاطا فأصبحت مقصّفة، الأراضي المفتوحة لا تتحمل المنخفضات"، ووجه رسالة إلى وزارة الزراعة والقائمين على المؤسسات الزراعية بضرورة زيارة أراضيهم والاطلاع على ما لحق بها.

الدحدوح:رياح المنخفض اقتلعت شتلات البطاطا فأصبحت مقصّفة، الأراضي المفتوحة لا تتحمل المنخفضات

فهذه نباتات موسمية، تحتاج ما بين 70-80 يومًا كي تنبب وتصبح جاهزة للتسويق، وهي تختلف عن الأشجار الكبيرة التي تتحمل عوامل الجو كما يقول الدحدوح، وهي ليست حمامات زراعية، فالتحضير لموسم البطاطا يكلّف المزارعين مبالغ كبيرة في التسميد وتجهيز الأرض وزراعة الأشتال.

كمية هائلة من الإنتاج بسبب ارتفاع درجات الحرارة وضعف شديد في التسويق وانهيار الأسعار، يقول الدحدوح- من يصدق أن سعر صندوق من البندورة انخفض إلى 4 شواكل، فما يجني المزارع.

وختم حديثه :""مطلع مارس يبدأ موسم الزراعات البعلية، التي لا تحتاج مياه ولا تسميد مثل الفقوس، ونأمل أن يكون فيها تعويضًا عما تعرضنا له من خسائر".

يشار إلى أن قطاع الزراعة يعمل فيه قرابة 14 ألفًا من المزارعين والمزارعات، وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية 170 ألف دونم، بينما تصل نسبة المياه غير الصالحة للاستخدام إلى 97% ما يعني اضطرار الناس إلى شراء المياه المقطّرة، في قطاع غزة الذي تحاصره سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ 15 عامًا، وترتفع نسبة الفقر والبطالة فيه إلى 54%، من عدد السكان البالغ 2 مليون على مساحة 365 كيلو مترًا لتكون واحدة من أكثر المناطق اكتظاظًا في العالم.

أبو عمرة: ليست المنخفضات وحدها تؤثر على الزراعة، لدينا أيضًا ارتفاع درجات الحرارة في المرحلة الماضية، واعتداءات الاحتلال

إلى وسط قطاع غزة، حيث تنشغل المزارِعة فتحية أبو عمرة في متابعة أخبار المنخفض خوفًا على أرضها التي تزرعها حاليًا بالقمح وإمكانية تأثّرها بما يجري، لكن السيدة التي تسكن وسط دير البلح، لا تستطيع حاليًا الوصول إلى أرضها الواقعة أقصى الشرق قرب الشريط الحدودي مع الاحتلال.

تقول أبو عمرة: "ليست المنخفضات وحدها تؤثر على الزراعة، لدينا أيضًا ارتفاع درجات الحرارة في المرحلة الماضية، واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وملوحة المياه في قطاع غزة".

وتوضح :"في أرضنا البالغة 8 دونمات لدينا بعض أشجار الزيتون إضافة إلى الزراعات الموسمية، كثيرًا ما تعرّضت كما غيري من أصحاب الأراضي الحدودية إلى اعتداءات الاحتلال ورش أراضينا بالمبيدات الزراعية التي تحرق المحصول وتسبب لنا خسائر كبيرة".

أما بخصوص المنخفضات فتوضّح: "عندما ينحسر المنخفض سأذهب لتفقّد أرضي، ولكن هناك أراضي زراعية تسبب في اقتلاع البيوت، خاصة محصول البندورة والفلفل"، فهذه المناطق خالية ومفتوحة والرياح تؤدي إلى اقتلاع الأشتال.

لكن الفترة الماضية شهدت ارتفاعًا في درجات الحرارة، وتسببت في ظهور زهر شجر الزيتون مبكرًا، وهذا غير جيد، فإذا استمر الارتفاع سوف يتساقط الزهر ويتأثر المحصول بشكل كبير، الحرارة والمنخفضات هي بالطبع عوامل تؤثر بشكل مباشر وكبير على الزراعة كما تقول أبو عمرة.

"ملوحة المياه مشكلة أيضًا، موسم القمح يعتمد على مياه الأمطار كونها عذبة أكثر من الخزان الجوفي، تأخّرها تسبب في اصفرار السنابل"، تقول أبو عمرة، أما الأرض التي يوجد بها بئر لري المزروعات فكثيرًا ما زحفت إليها ملوحة الخزان الجوفي.

أبو عودة:التعامل مع مشكلة التغيّر المناخي مسؤولية الجميع

المهندس الزراعي في الإغاثة الزراعية محمد أبو عودة قال لنوى، إن هناك عدة عوامل أثّرت على المزارعين، أبرزها ظاهرة التغيّر المناخي التي تسببت في أضرار هائلة، فمع ارتفاع درجات الحرارة خلال الشهور الماضية، وما تخللها من منخفضات متتالية نتيجة التغير المناخي وعدم انتظام درجات الحرارة بصورة غير معهودة، تأثرت الزراعة سلبًا.

فالحرارة العالية تسببت في النضوج السريع للخضراوات، وطرحها في السوق بكميات تفوق الطلب، بالتالي انهيار الأسعار الكبير الذي ألحق خسائر كبيرة بالمزارِعين والمزارِعات، فالأسعار لا تتناسب مطلقًا مع تكلفة الإنتاج ولا الجهد المبذول من المزارعين والمزارِعات.

المنخفضات أيضًا قصة ثانية ترتبط بذات الظاهرة، يقول أبو عودة، فهي تؤدي إلى اقتلاع المزروعات والحمامات الزراعية وضرر المزروعات في المناطق المفتوحة مثل البطاطا، وهذا الجو العاصف يزيد خسارة المزارعين، إضافة إلى أن ارتفاع وانخفاض الحرارة يتسبب في انتشار الآفات الزراعية والأمراض الفطرية والبكتيرية، وكله يؤثر على الزراعة والمزارعين، سعت الإغاثة إلى توجيه إرشادات للمزارعين/ات بكيفية اتخاذ بعض الإجراءات الاحتياطية لكن ظروف الكثيرين لا تسمح.

أما مساعدة المزارعين فهو بالدرجة الأولى مسؤولة وزارة الزراعة، لكن التعامل مع مشكلة التغيّر المناخي مسؤولية الجميع؛ بدءًا من كليات الزراعة ومعاهد البحوث والمؤسسات التي يجب أن تعمل بشكل كبير على دراسة التكيّف مع التغير المناخي الذي يؤثر على الزراعة.