الأبلة آلاء: "الرزق ليس مالاً وتعليم الأطفال استثمار"
تاريخ النشر : 2021-02-14 13:19

منذ انتقالها للعيش في أحد أحياء مخيم خانيونس، بدأت تنتبه لوجود عشرات الأطفال يقضون نهارهم في اللعب في قطعة أرض تتوسط عشرات المنازل في هذا الحي، يطلقون عليه "ملعب".

لم تكن تكف آلاء عن التساؤل "أليس يفترض أن يكون هؤلاء الأطفال في مدارسهم؟"

لم تكن تكف آلاء عن التساؤل "أليس يفترض أن يكون هؤلاء الأطفال في مدارسهم؟" لكنهم وبفعل جائحة كورونا لم يحظوا بالانتظام في مدراسهم، ومن المؤكد هنا أن ذويهم ممن يسكنون في هذه المنطقة المهمشة لا يمتلكون القدرة على شراء هواتف ذكية، لمتابعة دروسهم الالكترونية، ولذات الأمر لا يمكنهم إرسالهم لمراكز تعليمية كما يفعل الكثيرون.

بدأت الفكرة تلمع في رأس الشابة التي تخرجت من جامعة القدس المفتوحة قسم معلم صف، خاصة أن إحدى جارتها كانت قد قصدتها في متابعة ابنتها التي لا تجيد حتى كتابة اسمها رغم أنها في الصف الثالث.

لم تأخذ وقت في التفكير، استأذنت والدها في سبورة صغيرة كانت تستخدمها لتعليم بعض الأطفال في حيها قبل الزواج، ثبتتها على طاولة كانت تتوسط غرفة الضيافة في منزلها الصغير، وبعض الكراسي الـ "مهترئة" استعارها لها والد زوجها من إحدى رياض الأطفال القريبة، لتبدأ بالفعل في انشاء أول صف دراسي في بيتها.

عن مبادرتها تقول إنها لم تستطع الوقوف مكتوفة الأيدي وهي تشاهد أطفال هذا الحي الفقير يفقدون حقهم في التعليم لمجرد أنهم فقراء، وأسرهم لا تمتلك القدرة على تعليمهم بمقابل مالي، فقررت فتح بابي لأي طفل يعاني من بطيء التعلم، ويحتاج للتأسيس في مادة اللغة العربية تحديداً، وبالفعل بدأت الأمهات يتوافدن على منزلها يصطحبن أطفالهن و"كأنني أنقذتهن من مأزق كبير" تضيف.

تتابع وهي تقلّم قلم أحد الأطفال السبعة الذين ينتظمون لديها "المخيم ينقصه كل شيء، ومن حق هؤلاء الأطفال أن يجدوا مستقبل أفضل ولا مستقبل بدون العلم".

لا ترى آلاء أي غرابة في كونها تبادر لتعليم الأطفال بشكل مجاني رغم أن هذا العمل يأخذ وقت وجهد كبيرين منها، فالأمر كما تقول توضح "أسخر ما تعلمته لخدمة من يحتاجه، ولن أجلس في منزلي أقضي وقتي بلا أي عمل مفيد أنتظر الوظيفة التي ربما لن تأتي قريباً".

وتضيف أنها منذ تخرجها قبل حوالي عام وهي تبحث عن عمل، إلا أن أي وظيفة يعلن عنها تشترط وجود الخبرة العملية، ولا تعرف الشابة كيف يمكنها امتلاك الخبرة بلا عمل فعلي.

وتزيد "ربما ما أقوم به سوف يمنحني الخبرة والقدرة على المواصلة وعدم نسيان ما تعلمته طوال سنوات دراستي الجامعية".

يقطع حديثها سؤال لأحد الأطفال، تجيبه وتواصل: "في كل مرة أنجح فيها بترسيخ العلم في عقول هؤلاء الأطفال تغمرني سعادة كبيرة، الرزق لا يشترط أن يكون مالاً، بل يمكن أن يكون على هيئة دعاء من هؤلاء الأطفال أو ذويهم مع كل حرف جديد يتعلمونه، وكلمة يتمكنون من كتابتها ونطقها".

منذ بداية العام تخصص آلاء ثلاثة أيام اسبوعيا لمساعدة أطفال الحي ممن يصنفون بأنهم الأشد ضعفاً في التعليم، ورغم محاولات الكثيرين ثنيها عن مشوارها في تعليم أطفال المخيم ونصائحهم بأن تبحث عن أطفال آخرين قادرين على دفع مقابل للتعلم، إلا أن آلاء ترفض التخلي عن طلابها بعد أن انتشلتهم من الشارع، حينما لم يجدوا يد تمتد لهم لمساعدتهم.

تطمح "الأبلة آلاء" أن تنتشر فكرتها وتكبر لتصبح في كل حي من أحياء المخيمات الفلسطينية صفوف دراسية تساعد الطلاب المعسورين،

وتطمح "الأبلة آلاء" أن تنتشر فكرتها وتكبر لتصبح في كل حي من أحياء المخيمات الفلسطينية صفوف دراسية تساعد الطلاب المعسورين، ممكن يحتاجون من يد العون، وأكثر ما تتمناه اليوم، أن تتطور غرفتها الصفية وتستبدل طاولاتها البلاستيكية الصغيرة بمقاعد وطاولات مقبولة، وأن تتمكن من شراء سبورة أكبر حجماً، داعية كل شاب وفتاة في أي مخيم أو حي باستثمار وقتهم وعلمهم فيما ينفع أطفال مخيمهم ويمدهم بالعلم.