غزة:
"نقص الأدوية هاجس بالنسبة لنا في قطاع غزة، كثيرًا ما انقطع العلاج عنّا، وهو ما يجعلنا نعيش حالة نفسية سيئة تزيد وضعنا الصحي سوءًا".
بهذه العبارة بدأت السيدة سهير صقر "47عامًا" حديثها لنوى، واصفة حال مرضى ومريضات السرطان في قطاع غزة الذي تحاصره سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ 14 عامًا، وبينما يحيي العالم في 4 فبراير من كل عام اليوم العالمي لمرض السرطان بالتوعية به؛ ثمة مرضى هنا يبحثون عن فرص للنجاة وحق العلاج.
يعاني 8644 مريضة ومريض سرطان من نقص في الخدمات الطبية
وفي قطاع غزة الذي يُطبق الحصار بفكيه على مرضاه، يعاني 8644 مريضة ومريض سرطان من نقص في الخدمات الطبية، فلا مستشفى لعلاجهم ولا أدوية متوفرة ولا حتى فرصة لعلاجهم خارج القطاع، فكثيرًا ما تتعرض طلبات العلاج بالخارج الخاصة بهم للرفض من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
السيدة سهير وهي أم لخمسة أبناء تسكن وسط قطاع غزة، أصيبت قبل نحو 6 سنوات بسرطان في الذراع، واجهت منذ ذلك الحين أزمة نقص الأدوية المستمر في قطاع غزة، موضحة "العلاج يتوفر أحيانًا في مستشفى الرنتيسي للأورام أو في مركز صحة المرأة أو جمعية العون والأمل، ولكن ينقطع أحيانًا، ونضطر للبحث عنه في الصيدليات نشتريه بثمن مرتفع إن وُجد".
الحال في القطاع الذي يغطّ في حالة من الفقر الشديد قاسية على المرضى كما تقول سهير، فإن ضعف توفّر الأدوية يجعلهم دومًا في حالة نفسية سيئة، يفكّرون بما هو آت، وماذا لم لو استمر الانقطاع، ومهما حاولوا البحث عن حلول فإن خوفهم على حياتهم حتمًا سيجعلهم في حالة قلق دائم.
وبينما بلغ عدد مصابي ومصابات السرطان في القطاع 8644 حالة وفقً تصريح لرئيس قسم الأورام بالمستشفى الأوروبي أحمد الشرفا، فإن قطاع غزة يسجل سنويًا نحو 2000 حالة، يشكّل سرطان الثدي أعلاها بنسبة 18% يليه القولون ثم سرطان الدم والغدة الدرقية والرئة تباعًا.
قطاع غزة يسجل سنويًا نحو 2000 حالة، يشكّل سرطان الثدي أعلاها بنسبة 18%
ويعاني مرضى السرطان في قطاع غزة نتيجة أزمة نقص الأدوية الخاصة، وبحسب الشرفا فإن الكثير منهم لا يتوفر لهم العلاج ويتم تحويلهم للداخل المحتل، فيما لا تستطيع بعض الحالات السفر، عازياً ذلك للحصار المفروض على قطاع غزة والعراقيل التي يفرضها الاحتلال على المسافرين.
وتابع "من التحديات التي تواجه المرضى إلى جانب أزمة الأدوية والمنع من السفر، عدم وجود أجهزة في قطاع غزة خاصة بالمسح الذري والإشعاعي للكشف عن أنواع السرطانات المختلفة، الأمر الذي يؤخر من التشخيص عن المرض في مراحله الأولى".
الحال مشابه بالنسبة لصابرين النجار التي تروي كيف يعيش مريضات ومرضى السرطان على أعصابهم في قطاع غزة، فالأدوية التي تتوفر شهرًا قد تغيب شهور.
السيدة التي خطت العقد الرابع من عمرها حديثًا، أصيبت بسرطان الثدي قبل ثلاث سنوات وتلقت العلاج الكيماوي لفترة قبل أن تتوقف لإصابتها بالكبد الوبائي، تعاني كما غيرها نقصٌ في الأدوية، والفحوصات، ومتابعة جلسات العلاج الكيماوي، والإشعاعي.
صابرين، التي أصيبت قبل نحو عشرين عامًا بسرطان في القدم وشفيت منه، تعاني المرض ذاته هذه المرة ولكن مع فارق أن العلاج الهرموني والإبر غير متوفرة، وحتى إن توفرت فإن تكلفة 200 دولار للإبرة الواحدة يفوق قدرتها على توفير العلاج، ما جعلها تعيش على أعصابها كما تؤكد.
تعيش صابرين برفقة والديها، ويعتمد ثلاثتهم على راتب والدها التقاعدي البالغ 900 شيكلًا فقط، وهي بهذا الدخل شديد التواضع، لا يمكنها توفير نفقات علاجها، ولا حتى علاج والدتها المصابة بأمراض القلب والسكر، ناهيك عن أزمة "كورونا"، التي أجبرتها على التزام البيت، خشية انتقال العدوى إليها، وحتى الامتناع عن استقبال الضيوف.
إذن، في اليوم العالمي للسرطان، وبينما يوجه العالم نظره صوب التوعية وبرامج التأهيل، ثمة فلسطينيون يعيشون في بقعة محاصرة لا تزيد مساحتها عن 360 كيلو مترًا ما زالوا بعيدين جدًا عن توفر حتى الرعاية الطبية اللازمة لعلاج مرض السرطان الذي يعد المسبب الثاني للوفاة في فلسطين بعد مرض القلب.